للمسجد في الاسلام أهمية عظمي فهو مقر العبادة التي هي صلة بين العبد وربه, وجامع يجتمع فيه أهل الله تعالي للتبتل والتضرع والخضوع والانقياد لخالق الأرض والسموات , كما أنه مكان للسكينة والطمأنينة والراحة, يتروح فيه أهل الايمان بإيمانهم, يتقربون إلي الله تعالي بسجودهم وركوعهم ودعائهم, وهو مكان آمن يأمن فيه الناس علي أنفسهم وأموالهم وأعراضهم, كما أنه يمثل قلعة الإسلام في كل زمان ومكان تواجد فيه, ففيه يتم الصلح بين المتخاصمين, وفيه تتساوي الرؤوس والأكتاف والأقدام لا فرق بين غنيهم وفقيرهم سادات القوم وضعفائهم, صغارهم وكبارهم, أسودهم وأبيضهم, إنسهم وجنهم الجميع يتجهون إلي قبلة واحدة, يؤمهم إمام واحد يلبون ويتضرعون لرب واحد. المسجد في بداية الدعوة كان يمثل جميع نظم الدولة ومؤسساتها, وقد طرأ تغيير علي دور المسجد في عصر الخلفاء الراشدين حيث اقتصر دوره علي العبادة والدراسة لأمور الدين, فمن خلال المسجد أسست مدارس دينية في التفسير والحديث والعقيدة والفقه, واستمر دور المسجد قاصرا علي العبادة وتدريس العلوم الدينية به بعد أن أنشأ الخلفاء والأمراء أنظمة حديثة كبيت المال والخراج ونظام الجند والبريد وغير ذلك من الأنظمة التي تحولت مع مرور الزمن إلي وزارات. ولم يكن يعرف في تاريخ الإسلام أن المسجد أفضل بقعة في بقاع الأرض مكان للمؤامرات ولا للدسائس ولا لجمع المتمردين, ولم يستخدم كأداة لهدم سياج الأمة, وضياع هيبتها, ولا يمكن أن يكون وكرا لجمع ضالة المجتمع ومنحرفيه نفسيا وفكريا فرسالته العصماء, ودوره الريادي والقيادي أعلي وأجل من ذلك كله, وسكانه وعماره يجب أن يكونوا صفوة الأمة علما وفقها, ودراية ورواية, وزهدا وورعا, وإجلالا وإكبارا, وإيمانا بربهم وتعظيما لرسولهم, ويجب أن يكون عندهم من الوعي واليقظة والفطنة والكياسة للم شمل المجتمع والحفاظ علي وحدته, وأن يلتزم عماره بتعاليم الإسلام الداعية إلي القول الحسن, والفعل الحسن, والعمل الحسن, ونشر مبادئ المودة والمحبة والصفح الجميل. ولا يعني تجديد خطاب أئمة المساجد هدم قواعد الدين, أو إلغاء ثابتة من ثوابته, أو تعطيل خصلة من خصاله, أو الغاء شعيرة من شعائره, فلا طاعة لمن ينادي بذلك لأن الإسلام كل لا يتجزأ, ومنوالا يقبل التجزئة, فلابد أن نأخذ بأوامره ونواهيه, وتجديد الخطاب الديني المقصود منه كما نفهمه من ديننا إعادة نشره غضا طريا من مصادره الموثوق بها عن طريق المنابر الشرعية لا المنابر غير المتخصصة التي تعمل علي هدم ثوابت الدين والقدح في رموزه, وتشويه مصادره, وهم تلاميذ المستشرقين والماسونيين الذين يدربون دعاة من المسلمين لهدم الإسلام يمدونهم بكل غال ونفيس مقابل القدح في الإسلام وهدم بنيانه. ولكن نقول لهم ولغيرهم: مهما أتوا من قوة خسئتم, وفشلتم, وستخسأون وتفشلون كما خسئ كباركم واساتذتكم الذين كادوا للإسلام ولرموزه سنين عديدة, بل دهور ولم يصيبوه في شيء.