ربما تمزق الحرب الأهلية اليمن ولكن عند كل ظهيرة ينحي المقاتلون المتصارعون جانبا ليقوموا بمضغ نبتة القات, وهذه التسلية هي واحدة من بضعة أشياء لم يطرأ عليها أي تغيير في دولة انقلب حالها رأسا علي عقب بسبب ضربات جوية وقتال في الشوارع. ومن وقت الغداء حتي صلاة المغرب تتراجع حتما حدة القصف ويضع المقاتلون من الجانبين أسلحتهم الكلاشنيكوف جانبا للاستمتاع بمضغ القات, وأدت الرغبة في تناول المنشط الخفيف إلي الحفاظ علي قوة تجارة القات في اقتصاد دمرته الحرب من نواح أخري. فالمزارعون يقومون بقطفه والتجار يجابهون القنابل لنقله والمدمنون يفرغون كل ما في جيوبهم لاقتناء كيس من الأوراق الخضراء الناعمة التي يمضغها ملايين اليمنيين يوميا. ويتراوح ثمن الكيس بين2 و14 دولارا بحسب الجودة, ورغم الضربات الجوية التي تقودها السعودية منذ نحو ثلاثة أسابيع بهدف وقف تقدم المتمردين الحوثيين الموالين لإيران فقد زادت رغبة اليمني في التنفيس المفضي إلي الاسترخاء والذي يوفره مضغ القات. وفي أحد شوارع مدينة عدن الجنوبية كان محمد عزال وهو موظف حكومي تحول إلي عاطل بسبب المعارك في المدينة يمضغ النبتة ويقول في حالة حرب كهذه ومع الضغط والانفجارات فإن القات هو الشيء الوحيد في يومنا الذي يمكن أن يمنحنا قدرا من السلام والراحة. ويعمل واحد من كل سبعة أفراد عاملين في إنتاج وتوزيع القات مما يجعله أكبر مصدر أحادي للدخل في الريف وثاني أكبر مصدر للعمالة في البلاد بعد قطاع الزراعة والرعي متفوقا حتي علي القطاع العام طبقا لتقارير البنك الدولي. وأغلقت المكاتب والبنوك مما حرم السكان من السيولة المالية لكن لا تزال تجارة القات تشهد رواجا كبيرا في الوقت الذي تحتدم فيه الحرب. وتعد محافظة الضالع سلة انتاج القات في عدن. ويحتاج الوصول إليها ساعتين بالسيارة عبر منطقة قتال يتصارع فيها المتمردون الشيعة وميلشيات وتنظيم القاعدة. وتشير الدراسات إلي أن80 في المائة علي الأقل من الرجال ونحو60 في المائة من النساء وعددا متزايدا من الأطفال أقل من عشرة أعوام يجلسون معظم أوقات الظهيرة لمضع القات. وهذه الأعداد أعلي من أي وقت مضي.