يبدو أن إيران مصممة علي محاولة فرض نفوذها وهيمنتها علي المنطقة العربية بالتدخل في شئون دول الإقليم بكل السبل والوسائل. فهي لم تكتف بما حققته من تمدد مذهبي ووجود عسكري مؤكد في كل من العراق وسوريا, إضافة إلي ما تتمتع به من ولاء حزب الله لها في لبنان, ولا بما حققته في اليمن من خلخلة الاستقرار السياسي بها إلي حد استيلاء جماعة أنصار الله الموالية لها علي معظم مفاصل الدولة اليمنية بالقوة المسلحة, ولكنها مضت في مخططها باستخدام مؤسستها الدبلوماسية لاستكمال منظومة تخريب اليمن. فقد عرضت إيران علي باكستان التعاون لتشكيل حلف ثلاثي مضاد للتحالف العربي يضم طهران وأنقرة وإسلام أباد لمواجهة عملية قوات التحالف التي تقودها المملكة العربية السعودية وتشارك فيها دول الخليج العربي ومصر والسودان والمغرب والأردن والمعروفة باسم عاصفة الحزم علي الميليشيات الحوثية, لإجهاض مساعي التحالف العربي لإعادة الشرعية الدستورية لليمن. ورغم أن محاولاتها جر إسلام أباد إلي حرب صريحة ضد قوات التحالف العربي باءت بالفشل, بعدما رفض رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف وقائد الجيش راحيل شريف العرض الإيراني, إلا أن رفض باكستان للطلب السعودي بالانضمام إلي عاصفة الحزم يعد نجاحا جزئيا للدبلوماسية الإيرانية في تحييد باكستان بشأن الأزمة اليمنية. ورغم أن قرار رفض المشاركة في عاصفة الحزم صدر عن البرلمان الباكستاني, فيما لم تعلن إسلام أباد موقفها بعد, إلا أن اليمن أعلن رسميا أن الأوضاع الجارية فيه لا تحتمل الحياد. فقد أكد وزير الخارجية اليمني رياض ياسين أن بلاده تحترم قرار البرلمان الباكستاني الرافض للمشاركة في عاصفة الحزم لافتا إلي أن الوضع في اليمن لا يحتمل الحياد, وقال: البرلمان الباكستاني لديه وجهة نظر بخصوص المشاركة البرية أو ما شابه ذلك, ولسنا في خلاف مع أي دولة لديها وجهة نظر, لكننا نشرح أن ما يحدث في اليمن لا يمكن لأي شخص عاقل أن يقف فيه علي الحياد. وأوضح ياسين وجهة نظر بلاده بقوله: التزام الحياد عندما تكون هناك مشكلة سياسية لأطراف لا تستخدم العنف ولا تستهدف المدنيين, مؤكدا في الوقت نفسه عدم وجود ضرورة حالية لهجوم بري علي البلاد لدحر الحوثيين, موضحا أن الحوثيين لا يسيطرون علي اليمن كما يشاع, وأنهم يفقدون سيطرتهم علي الأرض بسبب عاصفة الحزم. من جانبها وصفت مصادر سعودية الموقف الباكستاني بالمتخاذل, وهو ما يعني بشكل كبير احتمالات تأثر المصالح الباكستانية في منطقة الخليج العربي علي وجه العموم لا سيما في السعودية. ورغم أن تصويت البرلمان الباكستاني بالإجماع أمس الأول لصالح عدم الانضمام إلي عاصفة الحزم بدد آمال الرياض في الحصول علي دعم قوي من خارج المنطقة في معركتها الرامية لوقف تقدم المقاتلين الحوثيين المتحالفين مع إيران وإنهاء النفوذ الإيراني بالمنطقة, إلا أنه لم يؤثر علي موقف باقي الدول المشاركة في العمليات العسكرية المتواصلة منذ17 يوما, والتي تحقق أهدافها بنجاح. غير أن تدهور الوضع الأمني والإنساني في اليمن بسبب الصراع الدائر هناك, وتداعيات ذلك علي السلام والاستقرار في المنطقة يعد إدانة للموقف الباكستاني المتخاذل وفقا لمصادر سعودية, ويوصد الباب أمامها في أي مساع دبلوماسية قد تحاول إسلام أباد ممارستها في المستقبل لإنهاء الأزمة, رغم ما أعلنه البرلمان الباكستاني في مشروع قراره باستعداد باكستان لتقديم الدعم الكامل للمملكة العربية السعودية في حال انتهاك سلامة أراضيها أو وجود تهديد للحرمين الشريفين, واستعدادها للوقوف كتفا بكتف مع السعودية وشعبها. السعودية من جانبها هونت من شأن قرار البرلمان الباكستاني بالتزام الحياد ورفض المشاركة فيما ورد علي لسان المتحدث باسم التحالف العميد الركن أحمد عسيري أمس الأول الذي قال: انضمام القوات الباكستانية لقوات التحالف يصب في مصلحة اليمن, وجود الأخوة الباكستانيين إضافة, ولكن عدم تواجدهم علي المستوي البري أو البحري أو الجوي لن يعيق عمليات التحالف.