عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي جلسة مباحثات مغلقة أمس مع جاكوب زوما رئيس جمهورية جنوب إفريقيا, تلتها جلسة موسعة بحضور وفدي البلدين, استهلها الرئيس باستعراض مجمل وتطورات الأوضاع التي شهدتها مصر علي مدي العامين الماضيين, والتي جاءت انعكاسا لإرادة المصريين الحرة ورغبتهم في الحفاظ علي هويتهم وتحقيق آمالهم وطموحاتهم. وتناول الرئيس التطورات التي تشهدها المنطقة جراء انتشار الفكر المتطرف والإرهاب, وما لهما من تداعيات مدمرة علي الدول ومستقبل الشعوب, مشددا علي العلاقات الاستراتيجية المستقرة بين البلدين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في مايو1994, مؤكدا أهمية العمل علي دعمها وتعزيزها في كل المجالات, وذلك لتحقيق المصالح المشتركة سواء في الإطار الثنائي أو الإفريقي. من جانبه, أعرب الرئيس زوما عن تقديره للحوار مع الرئيس, وما أتاحه من إيضاح إضافي مهم لحقيقة تطورات الأوضاع في مصر, فضلا عما تمر به المنطقة والقارة الإفريقية من تحديات يفرضها التطرف والإرهاب, وهو الأمر الذي يقتضي تدخلا فعالا لدحره والقضاء عليه. كما أعرب الرئيس الجنوب إفريقي عن تطلع بلاده لتعزيز التعاون والتنسيق المشترك مع مصر علي جميع المستويات سواء الثنائية من خلال تفعيل عمل اللجنة المشتركة التي أنشئت في عام1995 لتحديد مجالات التعاون الواعدة وتشجيع القطاع الخاص في مصر وجنوب إفريقيا علي العمل معا, أو علي الصعيد الإفريقي, لتعزيز التنسيق بين جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي, بغية إحلال السلام والاستقرار ومساندة الدول التي تشهد التوترات والنزاعات, منوها إلي أن مصر وجنوب إفريقيا دولتان مهمتان في إفريقيا ومن الضروري أن تعملا معا لتحقيق مصالحهما ومصالح القارة الإفريقية ومواجهة تحدياتها المختلفة. وفي هذا الصدد, أعرب الرئيس عن توافقه بشأن ضرورة إعلاء قيم التعاون والعمل المشترك, والنأي عن أفكار التنافس والخلاف التي أدت إلي نتائج سلبية في العديد من دول المنطقة وأتاحت الفرصة للتدخلات الخارجية, داعيا إلي حوار جاد وبناء يجمع دول القارة. وأشار الرئيس إلي أهمية عقد اللجنة المشتركة في المستقبل القريب بالقاهرة وتوسيع مجالات التعاون التي تشملها لتضم الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية إلي غير ذلك من مجالات التعاون الحيوية. وقد أعرب زوما عن اتفاقه التام مع الرئيس, مؤكدا حرصه علي عقد اللجنة المشتركة في أقرب وقت. وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس أولي قضايا السلم والأمن في إفريقيا اهتماما خاصا في أثناء مباحثاته مع الرئيس زوما, والذي أشاد بسياسة الرئيس في الانفتاح علي القارة الإفريقية, لا سيما نهج التعاون الإيجابي البناء الذي تتبعه مصر في معالجة العديد من الموضوعات الحيوية وتجنب الخلاف والمواجهات, وهو الأمر الذي تجلي في توقيع إعلان المبادئ الخاص بسد النهضة وزيارة الرئيس الأخيرة إلي إثيوبيا. كما تباحث الرئيسان في عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك, حيث أوضح النقاش اتفاق الجانبين حول مختلف الموضوعات. وبالنسبة للقضية الفلسطينية, أكد الرئيس أهمية العمل علي تقديم الضمانات التي تشجع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي علي المضي قدما في صعيد السلام وصولا إلي إقامة الدولة الفلسطينية تنفيذا لحل الدولتين. وشدد الرئيس علي أن تلك المسئولية لا تقع فقط علي عاتق مصر والدول العربية وإنما يتعين أن يضطلع المجتمع الدولي بمسئولياته إزائها وأن تتضافر جهود كل الدول الصديقة والمحبة للسلام لتحقيقها. وقد أعرب الرئيس زوما عن اتفاقه علي ذلك مؤكدا أهمية إسراع المجتمع الدولي في تنفيذ حل الدولتين قبل أن يكون من الصعب تنفيذه. وعلي الصعيد الليبي, أكد الرئيس أن مصر تحترم إرادة الشعب الليبي الحرة, والتي عبر عنها من خلال انتخابه البرلمان الليبي, منوها إلي دعم مصر للجهود الأممية المبذولة لتسوية الأزمة سياسيا وذلك بالتوازي مع جهود وقف إمدادات المال والسلاح للجماعات الإرهابية الموجودة علي الأراضي الليبية. وعلي الصعيد الدولي, تناولت المباحثات موضوع إصلاح الأممالمتحدة وتوسيع مجلس الأمن ليكون أكثر عدالة, لا سيما في ضوء زيادة عدد الدول أعضاء المنظمة, كما أكد الرئيس أهمية الحفاظ علي موقف إفريقي موحد والتحدث ككتلة واحدة إزاء مسألة توسيع وإصلاح المنظمة الأممية بما يعزز الدفاع عن المصالح الإفريقية وقد اتفق الجانبان علي مواصلة التشاور والتنسيق حول هذا الموضوع والعمل معا للدفاع عن المصالح الإفريقية المشتركة. وقد اعتبر الرئيس زوما أن لقاءه بالرئيس يعد بداية لصفحة جديدة في العلاقات بين البلدين, موجها الدعوة للرئيس للقيام بزيارة دولة إلي جنوب إفريقيا وكذا لحضور القمة الإفريقية المقبلة التي ستعقد في جنوب إفريقيا, وهو الأمر الذي رحب به الرئيس, موجها بدوره الدعوة للرئيس الجنوب إفريقي لحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة, حيث رحب الرئيس زوما بذلك مبديا تطلعه لحضور هذا الحدث التاريخي, بالإضافة إلي قمة التكتلات الاقتصادية الثلاثة التي ستستضيفها مصر خلال العام الحالي.