مازالت بحيرة المنزلة تشكو أوجاعها وتئن مستغيثة بالمسئولين الذين اكثروا من زيارتها مرارا وكأنها اصبحت مستعصية علي الحل فمنذ ثمانية اشهر قام رئيس الوزراء إبراهيم محلب بزيارة البحيرة واجتمع خلالها بعدد من صيادي المنزلة وأعضاء النقابة العامة للصيادين في مبني شرطة المسطحات المائية, لمدة اقتربت من الساعتين, مستمعا إلي شكواهم ووجهة نظرهم في حل أزمات البحيرة, لكن وبعد مرور8 أشهر من الزيارة ما زالت الأوضاع كما هي بل ازدادت سوءا, واستمر تدهور أحوال البحيرة التيمازالت في قبضة البلطجية الذين يفرضون قانونهم الخاص عليها, فإزالة التعديات علي مئات الأفدنة والمسطح المائي مستمرة وعلي الرغم من ذلك تقلصت المساحه من750 ألف فدان إلي أقل من125 ألفا فقط بسبب أعمال الردم والتجفيف والتجريف فبعد أن كانت البحيرة تطل علي خمس محافظات أصبحت تطل الآن علي3 محافظات فقط هي الدقهلية وبورسعيد ودمياط. يقول محمد صيام( صياد) من اهالي مركز المطرية لغة السلاح هي لغة الحوار الوحيدة التي يعرفها أصحاب النفوذ, الذين تمكنوا بفعل سطوتهم وأموالهم من بسط نفوذهم علي مئات الأفدنة من البحيرة, من خلال التعديات, وأعمال الردم, التي زادت بصورة لافتة, عقب ثورة25 يناير, إذ استولي هؤلاء علي مئات الأفدنة داخل البحيرة, وحولوها إلي مناطق للصيد خاصة بهم, ولا يجوز لأحد الاقتراب منها ولا الصيد فيها الا في حال تقديم فروض الولاء والطاعة فيتم اقتسام السمك الناتج مناصفة مع أصحاب المكان. ويؤكد حسن عوض( صياد) ان ما يحدث في البحيرة من بلطجة وتجفيف مازال مستمرا علي الرغم من زيارة رئيس الوزراء وتلك الوعود التي وعدنا بها المسئولون في ذلك الوقت وشعرنا ان احلامنا ستتحقق. ويقول المرسي عبده من اهالي مركز المطرية إن الكارثة التي جعلت البحيرة تتحول الي مصرف كبير تتمثل في قيام الأهالي والمصانع بإلقاء الصرف الصحي والصناعي علي البحيرة وأضاف انتظرنا منذ زيارة رئيس الوزراء قرارا حاسما بوقف الصرف علي البحيرة إلا أن هناك اكثر من20 مصنعا ببورسعيد فضلا عن المنطقة الصناعية بالعصافرة, بالاضافه الي الصرف الصحي المقبل من القاهرة تقوم بالصرف علي البحيرة من خلال بحر حادوس دون تحرك اي مسئول. يقول الدكتور محمد عبد الوهاب رئيس فريق زراعه الكبد بمستشفي الجهاز الهضمي الجامعي لقد قام فريق طبي بإجراء دراسه علي سكان البحيرة بعد ان لوحظ ان معظم مرتادي المركز من مرضي الفشل الكبدي هم من اهالي البحيرة خلصت إلي ضرورة القضاء علي المرض من جذوره من خلال ايقاف الصرف علي البحيرة. و يضيف محمد البهي( كيميائي) لقد تلاشت الحياة الطبيعية في البحيرة تدريجيا, ويصاب الصيادون وأسرهم بأمراض الفشل الكلوي والكبدي, وفيروس' سي', بسبب تلوث مياه البحيرة بالعناصر الثقيلة والدهون والأصباغ والمركبات الكيميائية المختلفة, التي تأتي كنتيجة لصرف ملايين الأمتار المكعبة من الصرف الصناعي والصحي في البحيرة كل عام. بينما يري طه الشريدي نقيب الصيادين ان السر يكمن في عدم تجديد مياه البحيرة الملوثة مشيرا إلي أن المياه كانت تجدد تلقائيا وكان الصيد ممتدا علي مدار العام عكس البحار التي يستمر بها الصيد فقط ستة اشهر. وقال الشريدي: مطلبنا الاساسي هو تغيير مسار مصرفي بحر البقر وبحر حادوس اللذين يلقيان بملايين الأمتار المكعبة من الصرف الصناعي والصرف الصحي في مياه البحيرة سنويا. ويوضح عبد الكريم الرفاعي شيخ الصيادين أنمحمية أشتون الجميل الطبيعية المنشأة علي جزيرة تنيس منذ اكثر من عشرين عاما علي مساحة180 كيلو مترا, وتتبع وزارة البيئة, للطيور النادرة مازالت مهملة حتي اصبحت في خبر كان. اما عن كوبري العجايبة الذي يشق مياه البحيرة ويلتهم مساحة تصل إلي ثلث المساحة المتبقية من المنزلة, فأكد الرفاعي أن القضاء فصل في هذا الامر بإيقاف انشاء الكوبري الذي كان يهدد ارزاق الصيادين. مشيرا إلي أن كوبري العجايبة كان كارثه بحق حيث كان عبارة عن مدق مواز لمجري اللنش ابتداء من مصب مصرف بحر البقر حتي منطقة ابن سلام لمخالفته القانون رقم124 لسنة.1983 ويضيف حسن الشوا نقيب صيادي المطرية ان الهيئة العامة للثروة السمكية, قامت ولسنوات طويلة بإهدار آلاف الأفدنة من بحيرة المنزلة من خلال نظام ما يسمي المؤاجرة, وللاسف فان زيارة رئيس الوزراء كانت املنا جميعا لانهاء هذا النظام حيث عرضنا عليه هذه المشكلة والتي يستغلها أصحاب النفوذ لتجفيف البحيرة وبيع أراضيها, ونظام المؤاجرة يقوم علي أساس أن يذهب الأهالي إلي الهيئة العامة للثروة السمكية بصفتها الجهة المسئولة عن مياه البحيرة, وأراضيها, ويأخذون من الهيئة عقود إيجار لأراض تقع علي البحيرة مباشرة لإنشاء أكشاك لبيع الأسماك, إلا أن صاحب المؤاجرة, وبعد حصوله عليها من الهيئة ينشئ كشكا للتمويه, ويقوم بردم مساحات كبيرة من مياه البحيرة الموجودة خلف الكشك مباشرة, ثم ينشئ عليها مباني, وعندما تأتي الشرطة والأجهزة المحلية لإزالة التعدي, يخرج لهم عقد المؤاجرة الذي حصل عليه من الهيئة العامة للثروة السمكية, فلا تستطيع أجهزة الحكم المحلي أو الشرطة اتخاذ أي إجراء ضده, لأن وضعه للأسف يصبح صحيحا قانونيا. وقال: نطالب رئيس الوزراء للمرة الثانية بإصدار أوامر مباشرة الي' الهيئة' بإلغاء عقود المؤاجرة, وما ترتب عليها من تعديات, وإلزام المعتدين بإعادة كل شيء إلي أصله, وإزالة التعديات والمباني التي أقيمت علي البحيرة علي نفقة أصحاب التعديات للحفاظ علي ما تبقي من بحيرة المنزلة, مطالبا بأن تعود البحيرة لتخضع لإشراف القوات المسلحة, كما كانت في الستينيات. أما فتحي عباس, صياد, فيطالب بضرورة تطهير بواغيز البحيرة الثلاثة التي تربطها بالبحر المتوسط, وتطهير منفذ البحيرة الموجود عند كوبري الهاويس, وإنشاء ممرات مائية من البحر المتوسط, وحتي آخر بحيرة المنزلة, لتعمل هذه الممرات علي تجديد المياه الموجودة في البحيرة. و يري السنوسي الدادوي, شيخ الصيادين بقرية النسايمة, أن الحل الوحيد لمشاكل بحيرة المنزلة هو تسليمها للقوات المسلحة' لإدارتها ووضع ضوابط للصيد داخلها وقال' لن يخلصنا من التعديات علي البحيرة سوي القوات المسلحة وطالبنا بتدخلها كثيرا إلا أن طلباتنا كلها كانت تقابل بالرفض حتي جاءت الثورة وحملت لنا الخير كله وتدخلت القوات المسلحة بجنودها وقادتها ومازلنا ننتظر الكثير في حملات التطهير التي تقودها القوات المسلحة وشرطة المسطحات حتي تعود الحياة في البحيرة إلي طبيعتها ويعود الصيادون للعمل بها من جديد بعد أن سيطر عليها البلطجية وأصحاب النفوذ مشيرا إلي أن مشاكل البحيرة سببها عدم وجود جهة وحيدة مسئولة عنها حيث تتنازع ثلاث محافظات علي إدارة البحيرة بالإضافة لعدم وجود تنسيق فيما بينها في مواجهة الخارجين عن القانون بالإضافة لضعف إمكانات شرطة المسطحات والتي لا يمكنها أن تعمل بمفردها وتنحصر مسئوليتها في تأمين حملة ومعدات الثروة السمكية عند إزالة التعديات وليس الإزالة, وإمكانات الثروة السمكية لا تكفي.