منذ أن تولي محمد علي حكم مصر وضع صوب عينيه لبناء الدولة الحديثة في الدرجة الأولي التعليم والثقافة وصار علي نهجه أولاده وأحفاده.حيث تعد المكتبة الخديوية أول وأقدم مكتبة وطنية تنشأ في الشرق الأوسط فكان المقر الأول عند افتتاحها بالدور الأسفل من قصر مصطفي فاضل باشا( شقيق الخديوي إسماعيل) بدرب الجماميز بجوار ديوان المدارس ويذكر التاريخ أن الخديوي إسماعيل كان مهتما اهتماما كبيرا بالعلم والثقافة تحقيقا لحلمه بأن تصبح القاهرة( باريس الشرق) وخاصة انه انشأ الكتبخانة فرأي ان يشتري لها من ماله الخاص بمبلغ13 ألف ليرة عثمانية مكتبة أخيه مصطفي فاضل باشا بعد وفاته في اسطنبول عام1876 حيث كان يبلغ حجم هذه المكتبة3458 مجلدا كلها من نوادر المخطوطات النفيسة و2473 مجلدا عربيا و650 مجلدا تركيا و335 مجلدا فارسيا وقد أهديت مجموعة كتب للعلماء الي الكتبخانة في عام1873 ولهذه المجموعة فهرس طبع في لندن عام1858 باسم( كتبخانةالصنايع) ويشتمل علي1272 عنوانا وقد بلغت الكتب المخطوطة والمطبوعة التي استوعبها هذا المكان في ذلك الوقت عند الافتتاح نحو30000 مجلدا كان أهمها الكتب والمخطوطات التي جمعت من المكتبة الخديوية القديمة والتي يعتقد انها مستودع الكتب الذي أنشأه محمد علي باشا لتباع فيه مطبوعات مطبعة بولاق أما باقي المجلدات فجمعت من مكتبتي دوان( وزارة الأشغال) وديوان وزارة المدارس وقد أضيفت لهذه المجموعة مؤلفات أخري متنوعة كانت في حيازة الحكومة. هذا بالإضافة الي النماذج والرسومات والتصميمات والآلات الهندسية المختلفة وغيرها من الأجهزة العلمية الواردة من ديوان لأشغال أما أول مجموعة كتب أجنبية فقد وردت الي الكتبخانة المصرية سنة1873 من جمعية المصريات التي تأسست في القاهرة علي يد بعض العلماء الأجانب وقسمت دار الكتب الي قسم الكتب المطبوعة والخرائط اوالأطلس العربية وقسم المخطوطات وقسم اراتيك الآلات وقسم الآلات الهندسية الطبيعية والكميماوية. بالإضافة إلي قاعة كبري للاطلاع وقاعة محاضرات عامة وفي هذا الوقت كان غير مسمرح بدخول الكتبخانة إلا لمن بلغ سن الرشد. وفي عام1889 لم يعد القصر يستوعب الزيادة المطردة لكل هذه المجموعات وخشي القائمون علي هذه الثروة التاريخية في شتي المجالات التي تؤرخ لآلاف العصور فنقلت كل هذه المجموعات إلي السلاملك بنفس القصر واستمرت فيه إلي ان تم بناء دار مخصصة لها بدأ التفكير في تشييدها بمبادرة من علي مبارك للخديوي إسماعيل في نهاية القرن ال19(1889) في ميدان أحمد ماهر بباب الخلق وتم وضع حجر الأساس في28 مارس1900 ومع ازدياد محتويات الدار القديمة نقلت سنة1903 إلي المبني الجديد والذي أنشئ خصيصا لدار الكتب ودار الآثار العربية وافتتح في أول سنة1904 وفي عام1961 أنشئ مبني جديد للدار علي كورنيش النيل برملة بولاق وبدأ الانتقال إليه سنة1973 وأفتتح سنة1977 وأصبحت تضم الدار57 ألف مخطوط وهي موقعة ومفهرسة كما تضم مجموعة نفيسة من أوراق البردي العربية بينها مجموعة عثر عليها في كوم أشقاو بالصعيد تبلغ مجموعتها ثلاثة آلاف بردية تتعلق بعقود زواج وبيع وايجار واستبدال وكشوف وسجلات وحسابات خاصة بالضرائب وتقسيم مواريث ودفع صدقات وغيرها وتعود أقدم البرديات بها إلي عام87 ه(705 م) ولم ينشر منها444 بردية كما توجد مجموعة من الوثائق الرسمية التي تتمثل في حجج الوقف ووثائق الوزارات وسجلات المحاكم ولم تقتصر الدار علي هذا بل هي ايضا تمتلك مجموعة من النقود العربية يعود أقدمها إلي سنة77 ه(696 م) وتشمل مجموعاتها منجما عن الحياة الاجتماعية والحضارية في مصر في بداية الإسلام بالإضافة إلي المجموعة العثمانية والفارسية القديمة. إن هذا الدار يحمل شهادة ميلاد مصر المحروسة, فالثقافة هي مقياس حضارة الشعوب.