مع التصاعد الخطير لوتيرة الصراع في اليمن بشكل بات يهدد بنشوب حرب مذهبية طاحنة طويلة بين السنة ممثلين في السلطة الشرعية بزعامة الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي يتخذ من عدن مقرا لإقامته ولإدارة شئون البلاد, والشيعة ممثلين في جماعة أنصار الله الانقلابية بزعامة عبدالملك الحوثي المدعومين بالقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح انطلاقا من العاصمة صنعاء, بعد تفجيرات الجمعة الدامي التي استهدفت مسجدين يؤمهما عناصر الميليشيات الشيعية. والتي أسفرت عن مقتل وإصابة487 من الحوثيين, وتحريك الجماعة لأكثر من1200 مقاتل مدجج بالسلاح في اتجاه مدينة تعز من المنتمين للقوات الخاصة الموالية لصالح إضافة إلي20 عربة مصفحة في محاولة للاستيلاء علي السلطة وفرض كامل سيطرتها علي الأراضي اليمنية, يتكرر السيناريو الأمريكي الذي حدث في العراق بالحرف الواحد في اليمن, عندما انسحبت قوات الاحتلال الأمريكية من العراق مخلفة وراءها صراعا دمويا بين الميليشيات الشيعية المسلحة والمدعومة بشكل جيد من إيران وبين العشائر السنية رغم علمها مقدما أن المواجهات لن تكون في صالح السنة علي أي حال.فقد أعلن مصدر عسكري يمني أمس سحب الولاياتالمتحدة قواتها المتمركزة في قاعدة العند الجوية بمحافظة لحج إلي وجهة مجهولة بسبب مخاوف أمنية, فيما المعارك تدور بالقرب من القاعدة متجاهلة تماما خطر التمدد الشيعي في هذه المنطقة الحيوية من العالم!! من جانبه تعهد هادي بمواجهة النفوذ الإيراني في بلاده بما يشير لتأكده من أن المواجهة مع الحوثيين لا تعني سوي مواجهة النفوذ الإيراني, متهما الحوثيين بالعمل علي نقل التجربة الإيرانية الإثني عشرية إلي اليمن, منددا في الوقت نفسه بتفجيرات صنعاء, ومؤكدا أن المليشيات الحوثية وتنظيم القاعدة ما هما إلا وجهان لعملة واحدة.هادي أكد في خطابه المتلفز أمس أن الممارسات المجنونة واللامسئولة للتنظيمات الإرهابية المتطرفة في إشارة ل داعش والحوثيين معا لن تثنيه عن تحمل مسئولياته حتي يصل بالبلاد إلي بر الأمان ويرتفع علم الجمهورية اليمنية علي جبل مران في صعدة بدلا عن العلم الإيراني, لإيمانه بأن التجربة الإيرانية التي تم الاتفاق عليها بين الحوثية ومن يساندها لن يقبلها الشعب اليمني زيدي وشافعي. ورغم مزاعم الحوثيين بأن طهران لا تتدخل في الشأن اليمني الداخلي, إلا أن تعهد إيران للوفد الحوثي الذي قام بزيارتها الأسبوع الماضي بتزويد البلاد بالنفط الخام لعام كامل, وبناء محطة كهرباء, وتسيير رحلات طيران تجارية مكثفة إلي صنعاء لأول مرة منذ سنوات يكشف نوايا ملالي إيران تجاه هذا البلد العربي المنكوب بالصراع المذهبي. ويعكس الانسحاب الأمريكي من اليمن الذي يشهد أزمة سياسية حادة ويوشك علي السقوط في حرب أهلية شاملة في هذا التوقيت الخطير رغبة واشنطن في تأجيج الصراع المرتقب لإخلاء الساحة للنفوذ الإيراني المتغلغل في اليمن إلي بسط نفوذه أكثر مع إرهاصات اشتعال حرب سنية- شيعية إلي ما هو أبعد بكثير مما هو عليه تماما مثلما حدث في العراق منذ سنوات, بغرض تكريس النفوذ الشيعي في المنطقة, وجر البلاد إلي أتون الفوضي والعنف والاقتتال. من جانبه نأي تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب الذي يحارب الحوثيين ومؤيدي هادي معا بنفسه عن هجمات صنعاء مؤكدا أنه لا يستهدف المساجد ولا الأسواق ولا الأماكن المختلطة حفاظا علي أرواح المسلمين الأبرياء. خيوط المؤامرة علي اليمن أصبحت واضحة تماما من إشعال صراع مجنون بين تنظيمين متطرفين أحدهما يدعي حماية السنة متمثلا في داعش, والآخر يدعي الثأر للشيعة ممثلا في الحوثيين بدعم صريح من إيران, بينما وقفت واشنطن علي حياد مصطنع بموقف سلبي حتي تتمكن نار الحرب من إحراق الطرفين معا ومعهم اليمن نفسه. كلمة هادي التي ألقاها أمس حملت رسالة مهمة لتطمين الشعب اليمني, والتي أوضح فيها تثمينه لموقف الشعب الشجاع الرافض للمؤامرة الانقلابية علي الشرعية ورفضه للحصار والانقلاب والاقتتال الداخلي وتأكيده علي قدرته علي تجاوز آلامه وجراحه سعيا إلي بناء الدولة اليمنية الاتحادية الحديثة, فهل تكفي هذه الكلمة لمواجهة مؤامرة مكتملة الأركان من جانب كل من طهرانوواشنطن علي استقرار ووحدة الشعب اليمني؟