التفجيرات التى ضربت مصر فى الفترة الأخيرة استدعت مسارا تاريخيا دمويا لكل جماعات العقيدة الخارجة عن المنهاج المجتمعى العام، منذ انتشار الإسلام وحتى يومنا هذا. وللأسف سيستمر هذا المسار الدموى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. طالما بقيت العقيدة رهينة لعبث الهواة وبعيدة عن رشد البحث الموضوعى الأمين، وعقلانية المعالجة. المؤلم فى أحداث مصرنا المحروسة، أنها تأتى ويتزامن معها سياق إقليمي عربي فاجع وصادم. يكشف بوضوح، أن أشد المخاطر فى مواجهة العرب اليوم هى العقيدة الزائغة والشباب الضحل فى سلوكه وعلمه. ولأن العقيدة لدينا لها سلطانها على الأفئدة، فقد شكلت، وستشكل تحديا خطيرا للدين والاستقرار معا. الحديث نسبيا فى تلك الصورة البائسة لمنطقة العرب، سهولة وقوعها فريسة سائغة، فى شباك الترنح تحت ضربات موجعة ولكنها معلومة تاريخيا، من جماعات التطرف، التى وجدت لها نصيرا من الأعداء، لتسقط الأنظمة تباعا، تحت وطأة التفسخ الطائفى العقائدى. ولكى تكتمل الصورة بؤسا. تأتينا إلماحات تراهن على غيبة وعى العرب، مثل إعلان درنة فى ليبيا ولاية إسلامية. وإعلان بعض مناطق العراق بالموصل تحت راية الدولة الإسلامية. ومثلهما فى سوريا. وهى إلماحات كان يجب أن تردع أى جماعة تدعى انتماءها لعقيدة الإسلام الحق من المضى قدما فى سبيل المواجهة مع الدولة السياسية القائمة، حاليا فى المنطقة العربية والتى تعد نمطا مقبولا نسبيا للحياة مع ما ينالها من اللوم لضعف بعض مظاهر الحكم الرشيد، والتى لا ترقى مطلقا لكى تكون سببا فى قتل وترويع المدنيين، وإعادة المنطقة العربية إلى عهود القبلية، عندما نقع تباعا، فريسة لجماعات السفاحين المرتزقة التى ترفع السيف، وتسمى اسم الله قبل أن تقوم بذبح الضحايا الأبرياء. منتهى التسطح، وقمة التصادم مع أى دين، وتجاهل صارخ لكل نواميس الإسلام المستقرة. وكأنهم يسوقون إلينا إسلاما جديدا، من بنات أفكار أسيادهم، القابعين فى الظلام، يرسمون لهم مساراتهم الدموية. يستنزفوننا. لقمة سائغة. تدريجيا. حتى تقع المنطقة فى فخ التقسيم. وعندئذ سوف يضحك الأعداء ملء أشداقهم. ويقولون. انظروا. هؤلاء هم المسلمون. وهذا هو الإسلام. هو دين الهمجية والتشرذم. وهو ألد أعداء المدنية الحديثة. ومن لديه شك فلينظر إلى العرب المسلمين ويتأكد ماذا فعل بهم دينهم. أما أصوات العقل العقائدى مثل الأزهر وغيره من مؤسسات الدين المعتدلة، فهى مازالت غائبة عن الوجود المؤثر فى دنيا تشكيل الفكر العقائدى لدى الشباب العربى. وغيبتها هذه هى أم الكوارث التى علينا أن نبدأ بها، فى مسار الإصلاح العقائدى. على المجتمع المصرى، والعربى متضامنا، أن يتكاتف فى وجه الهجمة الجاهلية التى تشنها داعش ومن على شاكلتها.