بعد اتهام سابق لوزير المساعدة الإنمائية الألماني غيرد مولر لقطر بتمويلها مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق, وطرح التليفزيون الألماني تساؤلات عن الدور الذي تلعبه قطر في المنطقة ودور المال القطري في القضايا الإقليمية, بدءا من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي, مرورا بالتحولات التي شهدها العالم العربي, إلي دعم الدوحة غير المحدود لجماعة الإخوان المسلمين قبل وبعد الاطاحة بهم في مصر, وصولا إلي علاقة قطر المشبوهة بالتنظيمات المسلحة والإرهابية في المنطقة. وبعد غضب إعلامي بريطاني صاحب تصريحات رئيس الوزراء القطري أثناء زيارة الأمير تميم بريطانيا والتي أكد فيها وقوف المملكة المتحدة جنبا إلي جنب مع دولة قطر في مواجهة الإرهاب, حيث اعتبرت الصحافة البريطانية هذه التصريحات بمثابة مقال مدفوع الثمن لنفي صلة قطر بدعم فصائل إسلامية متطرفة, في الوقت الذي طالبت فيه عدة جهات في بريطانيا باستغلال فرصة وجود أمير قطر علي أراضيها لفتح ملف دعم بلاده لجماعات مسلحة. جاء الدور هذه المرة لعضو مجلس النواب الأكريكي دوج لامبورن الذي قام بصياغة مشروع خطاب موجه إلي وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر للإعراب عن القلق تجاه تحول قطر إلي مركز لدعم الإرهابيين وتمويلهم في منطقة الشرق الأوسط, مشيرا إلي أن قطر قد أصبحت خلال السنوات الأخيرة بؤرة لعمليات الإرهاب والأنشطة المتصلة بتمويله.. لتتنوع وتكثر أصابع الاتهام حول دور قطر المشبوه في المنطقة ويشتد الخناق حول مستقبل أحلامها. قطر الدولة الصغيرة التي سخرت مواردها الكبيرة, الناتجة عن استثمار الغاز, للبحث عن موقع دولي يتجاوز بكثير ضعفها الديموغرافي, والتي حولت ذراعها الاعلامي قناة الجزيرة إلي محطة لتصريف مواقفها السياسية وخدمة أجندتها الاقليمية وبالتالي تحويلها إلي مدفعية جاهزة لشن هجومها علي خصومها, من ناحية, أو تجميل والدفاع عن حلفائها من ناحية أخري, بات جليا رغبتها المستميتة في لعب دور ريادي, والخط الرابط لسياستها هو مساندة التيارات الإسلامية مهما كانت درجة تطرفها, بعدما فشلت في تحويل المنطقة إلي دول تخضع لسيطرة الإسلاميين ممن كانت تدعمهم وتراهن عليهم سياسيا, محاولة الخروج من جغرافيتها الضيقة والظهور كالدولة الأكثر بروزا في الخليج, بعد أن تجاوزت مطامحها دور الوساطة في حل النزاعات الاقليمية, إلي الحلم بالدولة الفاعلة صاحبة الدور الرئيسي في القضايا العربية, لتخرج بذلك عن الخط الخليجي وتغرد وحدها خارج السرب قبل أن تصطدم بجدار واقع دول التعاون التي لن ترضي الرضوخ لمطامح الدوحة, والحائط المصري الذي أفشل كل المحاولات القطرية وعري مخططاتها في المنطقة. اختارت قطر أن تبحر علي متن موجة شاذة عن محيطها الخليجي والعربي, وهي التي لاتزال لا تمتلك من الأدوات إلا القليل منها مقابل أهداف طموحة وكبيرة, ما جعلها معزولة ومكشوفة النوايا في لعب دور يفوق امكانياتها ويتعدي جغرافيتها, وتنفيذ مخططات بائسة تهدف إلي إعادة رسم خارطة المنطقة وفق ما تقتضيه فقط مصالحها, وربما ما تمليه عليها أجندات خارجية. والأكيد انها ستدفع ثمنا باهظا مقابل ذلك كله ومقابل مواقفها المتضاربة, ودورها الملتبس في سوريا وليبيا, وتقاربها من ايران وتركيل علي حساب السعودية والامارات, وإن أبدت بعض التراجع في مواقفها, ودخولها في تحد مع مصر, ودعمها للارهاب, وان انكرت ذلك, والثمن لن يكون سوي كشف عورتها أمام العالم وإسقاط ورقة التوت عن مخططاتها, وخسارة ثقة حلفائها التقليديين وربما خسارة التعاون مع الغرب بعدما تبين لهم انها تجري مع الأرانب وتصيد مع الكلاب في نفس الوقت. قطر تسجل بداية سقوط أحلامها وأطماعها لتنكمش وتعود خطوة إلي الوراء حيث دورها التقليدي الهادئ خلف الأبواب المغلقة.