أكد علماء الأزهر أن مقولة نشاط أهل الباطل لا يتحقق إلا في غياب أهل الحق تنطبق علي واقع الأزهر الشريف وحيث أرجع العلماء أن أسباب تدهور أوضاع الأزهر وتراجعه شملت أسبابا مالية وأخري إدارية أدت إلي الحالة الراهنة, وتطاول أصحاب الألسنة المسمومة للنيل منه صباحا ومساء, وناشد أبناء الأزهر الدولة بضرورة إعادة الأزهر لمكانته التي استمرت لما يقرب من ألف عام ظل فيها منارة إسلامية وعلمية لجميع المذاهب والفرق دون أي تعصب لمذهب أو رأي. في البداية يؤكد الدكتور محمد متولي منصور رئيس قسم أصول اللغة بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر أن أحد المستشرقين المنصفين قال ستتحطم سفن أعداء الإسلام مادامت عند المسلمين هذه الدعائم القرآن الكريم ومؤتمر الحج السنوي ولقاء الجمعة الأسبوعي والأزهر الشريف, ومن المعلوم أنه بنص الدستور الأزهر الشريف هو المؤسسة الإسلامية الوحيدة علي مستوي العالم المسئولة عن الإسلام, ونشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل وهو ما يحمل الأزهر خاصة في الآونة الأخيرة مسئوليات جساما لن يستطيع أن يقوم بها إلا بأن توفر الدولة له الإمكانات والتي من أبرزها أن تستقل ميزانية الأزهر حتي لا يمد يده إلي أحد, وأن يكون منصب شيخ الأزهر بالانتخاب لا بالتعيين, ويكون ذلك من خلال هيئة كبار العلماء المتمثلة في مجمع البحوث الإسلامية, وأن يعيد الأزهر النظر في جميع المناهج التعليمية التي تدرس في معاهده وكلياته حتي تنقي من الأخطاء التي يتشدق بها بعض مدعي الدعوي في هذه الأيام, وأن يعاد النظر في هيئة الوعظ بالأزهر, وأن يكون اختيارهم علي أساس من الكفاءة والخبرة, لا علي مبدأ الثقة والحظوة.. فبهذه الدعائم يستطيع الأزهر أن يقوم بدوره في رد تلك الهجمات الشرسة من الداخل ومن الخارج. وطالب منصور شيخ الأزهر بضرورة تسليط الأضواء علي الإعلام في مجال الدعوة الذين يتناثرون في كليات الجامعة ولم يستعن بهم أحد لأخذ رأيهم في تجديد الخطاب الديني, أو في علاج الآفات التي أصيبت بها الدعوة الإسلامية كما طالب بالتفتيش عن هؤلاء حتي يؤدي كل واحد دوره تجاه الوطن الذي يعيش فيه ومن خلال مؤسسة الأزهر الشريف حصن العلم ومنارة الإسلام. ويتفق معه في الرأي الدكتور مجاهد توفيق الجندي أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر مطالبا بإعادة أوقاف الأزهر كاملة لأن ثورة1952 استولت عليها ووزعتها علي الفلاحين وهي لا حصر لها, وكذلك أن تكون حرية الرأي مكفولة للمشايخ, مشيرا إلي أن الأزهر منذ أن أنشأه الفاطميون سنة361 هجرية منارة لجميع أفرع العلم والمذاهب والفرق رغم أن المذهب الشيعي كان المذهب الأول للعبادة إلا أن الدولة بدأت في عهد العزيز بالله الفاطمي والمعز لدين الله بإشارة من الوزير الفاطمي يعقوب بين كيلي ب37 فقهيا هم أول حلقة دراسية في الأزهر حيث بني لهم بيتا مول الأزهر, وهو يعتبر أول إسكان جامعي في العالم كمدينة جامعية أخذتها وطبقتها جامعات العالم, ففي لندن أقامت دول الكمنولث ما يشبه الأروقة التي بنيت حول الأزهر, وكل مجموعة من أبناء البلدة الواحدة بني لهم رواقا, فهناك رواق المغاربة وروافد الشوام ورواق الأتراك والثلاثة هم أكبر أروقة في الأزهر علي الإطلاق, ففي رواق المغاربة يسكن طلاب ليبيا وتونس ومراكش والجزائر ورواق الشوام يسكن فيه أهل فلسطين وسوريا ولبنان والأردن, ورواق الأتراك ورواق الأروام لأن الدولة العثمانية ورثت الدولة الرومانية فكان طلاب وشيوخ آسيا الوسطي والقوقاز واليونان وقبرص والتركستان يسكنون فيه فضلا عن رواق السفارية ودارفور وشمال السودان والبرابرة والبغادة أهل بغداد ودول الخليج وإيران, فكان هذا التنوع في الأجناس بالإضافة للمذاهب الأربعة, وهي مذاهب صحيحة لا يتعصب فيها أحد لمذهبه فكان الاعتدال ولذلك جاء التعصب من خارج الأزهر عندما غاب دوره وتم تهميشه فبدأت المشاكل وعطل عن دوره في الحفاظ علي الوسطية فكان الأزهر بحلقاته وكل شيخ وطريقته يعطي للطالب الحرية في التنقل بين حلقات العلم لقطف الزهور من كل بستان فإيجاد ذلك الحرية والوطنية والتنوع في الفكر والعلم وانتقل ذلك إلي جميع الجامعات فكان تقليد الأستاذية بروفيسير للشيخ الذي يجلس ويتلقي عنه الأساتذة والطلاب بعد أن بلغ شأنا بعيدا في العلم, وصارت هناك أعمدة بأسماء الشيوخ لا يستطيع أحد الجلوس عليها, غير أنه منذ أن استولت الدولة علي أوقاف الأزهر الذي كان يستغني بها عن الدولة. ويؤكد الشيخ عبد العزيز النجار مدير الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية أن الأزهر بالفعل بدأ في استعادة مكانته وريادته السابقة, والتي كانت راجعة في الفترة الماضية إلي مرحلة الإنكماش المتعمد من بعض الساسة الذين كانوا يخافون ويخشون علماء الأزهر الذين كانوا لا يخشون في الله لومة لائم, واستعصي علي قوي الاستعمار أن تثني الأزهر عن دوره, أو أن تقلل من أهميته لدي المسلمين أو إبعاده عن الحراك, السياسي حتي يخلو لهم الجو بعيدا عن مناوشات العلماء الذين قادوا الثورات ضد الاستعمار وضد الاستبداد, فتم إعادة هيئة كبار العلماء التي ألغيت في1961 في عهد الرئيس جمال عبد الناصر حتي يمر وإلغاء المحاكم الشرعية واستبدالها بالمحاكم المدنية والتي كان يقف كبار العلماء دون تنفيذ ذلك. ويشير النجار إلي أن الأزهر استطاع أن يعيد هيئة كبار العلماء مرة أخري بمرسوم بقانون13 لسنة2012, وأبقي علي مجمع البحوث الإسلامية حتي يعطي مساحة لأكبر عدد من علماء الأزهر إبداء الرأي في القضايا الشائكة والمستحدثة علي الساحة مما جعل العالم الإسلامي يعيد احترامه للأزهر كمؤسسة علمية عالمية جامعا وجامعة, كما تم تطوير وإعداد الدعاة في الداخل والخارج إعدادا علميا عن طريق الدورات المثالية النوعية والمكتظة من أجل أن تظل الريادة للأزهر ولعلمائه, بالإضافة للاستعانة والاستفادة بكبار العلماء والأساتذة في القوافل الدينية التي تجوب المحافظات والمصانع والشركات الكبري والتجمعات الشبابية علي مستوي الجمهورية كما تم زيادة عدد المبعوثين من الأزهر إلي إفريقيا ودول العالم بعد اختيارهم بدقة ليكونوا ممثلين لمصر والأزهر. وبالنسبة للمناهج فقد أعاد الأزهر المناهج القديمة وأنشأ شعبة الدراسة الإسلامية لكي تخرج لنا الشيوخ بالإضافة لإنشاء قسم الدراسات الإسلامية بلغات مختلفة إنجليزية وفرنسية وإيطالية وإسبانية وغيرها حتي يستطيع الداعية التواصل مع المسلمين في جميع أنحاء العالم كما يتم لأول مرة إنشاء معاهد للغات الإنجليزية بكل محافظة اعتبارا من العام المقبل حتي يخرج لنا عالما يجمع بين الأصالة والحاضر. وبالنسبة للجان الفتوي علي مستوي الجمهورية والتي يقصدها القاصي والداني من دول العالم تم اختيار أعضاء جدد من علماء الأزهر عن طريق الاختبارات الدقيقة والفرز المذهبي الجيد للعلماء, وتم عمل دورات تدريبية لهم يدرس فيها أساتذة من كليات الشريعة مع اختلاف مذاهبهم وأصول الفقه والفقه المقارن لكي يتم إعداد الفقيه إعدادا جيدا وتزويده بالمعلومات التي تجعله قادرا علي مواجهة المستجدات والأسئلة التي ترد إليهم في إعمال عقولهم في التفضيل بين المذاهب الفقهية علي أن يكون أماكن الفتوي علي مستوي الجمهورية, فضلا عن تفعيل مبادرة شيخ الأزهر معاضد الإرهاب التي تضم جميع الوعاظ وعمداء الكليات الشرعية لمناقشة قضايا الإرهاب والفتاوي التكفيرية ومسألة الحاكمية خلال إجازة نصف العام في جميع المحافظات.