بعد طول انتظار وتوقف دام خمس سنوات صدر أمس تقرير المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي عن نتائج مشاورات المادة الرابعة حول تقييم الاقتصاد المصري وخطط الإصلاح التي وضعتها الحكومة المصرية. وأوضح التقرير أن مصر اجتازت أربع سنوات من عدم اليقين السياسي والتباطؤ الاقتصادي, وأنها اختارت المضي في مسار التصحيح والإصلاح الذي من شأنه أن يقود الاقتصاد إلي الاستقرار والنمو إذا استمرت فيه بإصرار. ولفت التقرير إلي أن مصر عانت خلال السنوات الأربع الماضية من ارتفاع معدلات البطالة, وعدم وصول معدلات النمو إلي كل الشرئح السكانية بالقدر الكافي رغم ضآلته بسبب عجز الموازنة العامة وتصاعد الدين العام وهشاشة ميزان المدفوعات, موضحا أن الأوضاع الاقتصادية تحسنت في الشهور القليلة الماضية بعدما شرعت السلطات المصرية في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي بهدف رفع النمو وخلق فرص عمل واحتواء عجز الموازنة العامة والحسابات الخارجية ووقف نزيف خسائر احتياطيات النقد الأجنبي, ويتوقع أن يواجه الاقتصاد فجوات تمويلية علي المدي المتوسط, وصفها بالكبيرة, مؤكدا استمرار المجتمع الدولي في دعم مصر فنيا وتمويليا. وعلي جانب النفقات في الموازنة العامة أكد المديرون التنفيذيون أن الحكومة بدأت إصلاح نظام دعم الطاقة, والسيطرة علي فاتورة الأجور في القطاع العام, أما علي جانب الإيرادات, فقد أوضح التقرير أن الحكومة بدأت تطبيق ضريبة أعلي علي أصحاب الدخول المرتفعة وفرضت ضريبة جديدة علي الأرباح الرأسمالية, أحدثت فارقا كبيرا في كبح عجز الموازنة الذي وصل إلي مستويات يتعذر الاستمرار في تحملها. وقال كريستوفر جارفيس رئيس بعثة صندوق النقد الدولي عبر نشرة الصندوق أن مصر تواجه تحديات كثيرة وينبغي أن يستهدف برنامج المالية العامة في الفترة المقبلة إلغاء الدعم الحالي علي الوقود بصورة تدريجية علي مدار السنوات الخمس المقبلة, وإقرار ضريبة القيمة المضافة التي طال انتظارها, موضحا أن تنفيذها بنجاح سوف يعطي دفعة كبيرة للإيرادات الحكومية ومن ثم تحسين مركز المالية العامة. ولتحقيق نمو يصل لكل شرائح السكان قال كريستوفر جارفيس إنه يجب علي السلطات المصرية إجراء إصلاحات هيكلية, وأخري تتعلق بسياسات سعر الصرف, واتخاذ تدابير هيكلية لتحسين مناخ الأعمال لجعل مصر أكثر جذبا للاستثمار. وحول تقييم صندوق النقد لأداء الاقتصاد المصري قالت الدكتورة عالية المهدي إنها جاءت في توقيت مهم ورسالة مهمة للمستثمرين لأنه سوف يسهم في جذب الاستثمارات بصورة كبيرة خلال المؤتمر الاقتصادي المقرر عقده خلال الفترة من13 إلي15 مارس بشرم الشيخ, وسيكون له دور إيجابي في ظل رغبة المستثمرين في الدخول إلي أسواق جديدة. وقالت إن مصر ماضية في تنفيذ خارطة الإصلاح الاقتصادي بدون حاجة إلي روشتة صندوق النقد الدولي, وطالبت الحكومة بخفض دعم الطاقة في ظل تراجع انخفاض أسعار النفط عالميا. ومن جانبها قالت الدكتورة شرين الشواربي الخبيرة بالبنك الدولي وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة, إن تقرير صندوق النقد الدولي يقر واقعا لا يختلف عليه أحد, ولم يتضمن معلومة جديدة, وإنما هو رسالة مهمة وإيجابية لمؤسسات التمويل الدولية, ومؤسسات التصنيف العالمي, فضلا عن أنه سوف يشجع الشركات العالمية علي الاستثمار في مصر. ودعت د. شرين إلي ضرورة خفض سعر البنزين95 الذي تخطي سعره الأسعار العالمية بعد تراجع أسعار النفط حتي تكتسب ثقة المواطن وتكون قائدا للسوق, وفي الوقت نفسه يجب إلغاء دعم الوقود علي الصناعات كثيفة رأس المال وليس العمالة. وردا علي ما قاله جارفيس عن المخاطر التي تواجه الاقتصاد المصري والتي يمكن أن تعوق تنفيذ الإصلاحات مثل الاضطرابات الأمنية الداخلية, والبيئة الاقتصادية العالمية غير المواتية, قالت د. الشواربي, إن المستثمر في الماضي كان ينظر إلي منطقة الشرق الأوسط علي أنها كتلة واحدة, أما الآن فالوضع مختلف, والمستثمر يبحث عن الربح, ويعلم أن دول العالم كافة تشهد حالة من الاضطراب, وأن الاقتصاد المصري ليس الوحيد الذي يعاني من مظاهر ضعف بسبب هذه الاضطرابات.