رفع الزوج صوته مدويا في وسط قاعات محكمة الأسرة كانت نبراته حادة ومنذرة ومتوعدة تحركت الجفون في كسل ورتابة في ساحة المحكمة وهي تتابع صاحب الصوت وأحد طرفي اسرتين حضر للفصل في نزاع ودعوي طلاق كانت المشادات والشجار الكلامي امر اعتاده عليه الحضور حتي المقاعد الخاوية أحيانا والمحتشدة بالعديد من الأقارب غالبا صراخ الزوج بالتهديد والوعيد كان صداه يتردد في جنبات القاعة وبدا للجميع هذه المرة فنبرة صوته تشي بانفلات بلا حدود ولكنهم لم يتوقعوا ان تزهق روح زوجة تتظلم أمام العدالة لنيل حقها وفي غفلة من الجميع ارتفع سلاح ماض لامع واختار القدر روح زوجة في العشرينيات من عمرها أفاق الجميع من ذهوله ان ما يرتفه ويهبط السكين طاعنا فيه كل جسد امرأة مسكينة. واختلطت صرخات الرعب واللوم والاستنكار والاستغاثة ولكن هيهات كان القدر قد كتب الزوجة الشابة من الراحلين. واحتاج الجميع وقتا ودقائق طويلة لاستيعاب سقوط قتيلة في وسط ساحة العدالة في غفلة من العقول بكي كل من شاهد الواقعة واسرع الجميع يحاولون الانقاذ أو حتي فداء القتيلة من أي طعنات خاصة اقاربها ولكن مهلا يحتاج الأمر الي إعادة عقارب الساعة ودوران الشمس فترة من الزمن.. راقب طلتها من شرفة منزلها المقابل لهم لكي يسدد لها سهام نظراته الدافئة في طياتها مشاعر العشق والهيام بعدما أسرته بجمالها الفتان محاولا لفت أنظارها الا انها لم تهتم ولكنه لم ييأس من صدها له واعتبر ذلك دليلا علي دماثة أخلاقها وسرعان ماتقدم لخطبتها. فلم تكن مني البالغة من العمر23 عاما تعلم ان موافقتها علي الزواج من طارق البالغ من العمر33 عاما بداية لحياة بائسة خالية من الحب والاحترام ونهايتها الموت ذبحا بسكين الحب. فصول الحكاية اكتمل جزء من نسيجها عندما تقدم طارق لخطبة مني فهو يعمل ميكانيكي وصاحب ورشة وسرعان ما وافقت علية معتقدة انه طوق النجاة الذي سيزيح عنها عبء الفقر الذي اثقل كاهلها هي وابوها المسن الذي لايملك سوي بضع الجنيهات التي يتقاضاها شهريا كمعاش من وزارة التضامن الاجتماعي ولا يكفي لشراء أدويته وسد قوت يومهم. وبالفعل تزوجت مني وعاشت معه30 يوما ذاقت فيهما طعم السعادة والمعاملة الطيبة, ولكن سرعان ما انقلبت الأمور فور عودتها من شهر العسل اذ تفاجأت بالمعاملة السيئة من قبل حماتها التي كانت مثال حي ل خرابة البيوت فكانت تنتهز فرصة ذهاب ابنها للعمل وتطلب منها القيام بكل اعمال المنزل رغم انها تعيش في شقة منفصلة في بيت والد زوجها بالزقازيق حتي انها وصلت الي خدمة اولادها المتزوجين وزوجاتهم. فلم تأب الفتاة المسكينة يوما ماتفعله بها حماتها التي طالما كانت تعايرها بفقرها المدقع وتتخذ منه سبيلا للضغط عليها لتنفيذ كل ماتآمرها به وهي تعلم انها لن تعود للفقر مرة اخري, ولكن في الحقيقة حبها لزوجها كان السبب الحقيقي الذي يمنعها من التعبير عن استيائها وظلت الامور تتخذ مجراها حتي بدأت معاملة الزوج في التغير بعد مرور شهرين من زواجهما لتذوق معه المر وتتجرع آلامه وبدأ الصمت الممزوج بالحزن يسيطر علي مني وكأنها عجوز تعبت من صخب الحياة, فلم تجد وقتا لرعاية والدها المسن طريح الفراش بخلاف ان زوجها يمنعها من زيارته ولكنها كانت تختلس بضع الدقائق لكي تطمئن عليه وتعود الي بيتها دون ان يدري احد, وفي احدي المرات وهي عائده من زيارة والدها رأتها حماتها بمجرد عودتها وظلت تصرخ في وجهها واخبرت زوجها الذي ظل يضربها حتي كاد ان يقتلها بحجة انها خالفت آوامره وخرجت عن طوعه ولانه لايوجد من يدافع عنها لم تشك لأحد. وبعد مرور عام من الزواج رزقت مني بطفلها الاول الذي اعاد اليها الأمل وظل ونيسها الوحيد, الا ان المشاكل زادت تفاقما خاصة بعد علمها بان زوجها يدمن علي الحشيش والهروين, ا, فما كان للزوجه المسكين سوي الارتماء في احضان والدها وعمها واخبارهم بما يفعله بها زوجها وطلبت منهم مساعدتها في التطليق منه بعدما اصبحت الحياة بينهما مستحيلة بخلاف انها تخاف الا تقيم حدود الله بعدما أهملها زوجها. وقامت الزوجه برفع دعوي تطليق من زوجها الذي أساء معاشرتها في محكمة أسرة الزقازيق, ولكن الزوج الذي اعتبر ذلك اهانة له ويرسل لها رسائل تهديد بأنه سيلقي عليها مياه نار وانه سيقتلها وانها لايمكن ان تكون لغيره في يوما من الأيام وانه اذا حكمت المحكمة بتطليقها لن يعتبر ذلك رباطا مقدسا وانها ستظل زوجته رغم كل شيء وطلبت المحكمة سماع شهود الطرفين لنفي او تأكيد دعواها واثناء جلسة الاستماع للشهود اختارت مني شخصين من عائلتها وعندما دخل الشاهد الاول للادلاء بشهادته امام القاضي في وجود طرفي المشكلة اكد ماتقوله مني من قيامه بضربها واهانتها وعدم تلبية طلباتها وادمانه علي الحشيش واستحالة العشرة بينهما وهو ما اكده الشاهد الثاني, فانهت المحكمة حكم التحقيق تمهيدا لاعادة المرافعة لحجزها للجلسة القادمة. الغريب ان طارق لم يأت بشهود وهو ما اثار دهشتها, واثناء خروج من من مبني المحكمة برفقة عمها المسن وخلفها طارق, اذ به يخرج سكينا من ملابسه وينهال عليها طعنا في وسط ذهول من الجميع وتم نقلها الي مستشفي المنيرة علي الفور بعدما طلب رئيس المحكمة الاسعاف وقبل وصولها الي المستشفي فارقت مني الحياة تاركه والدها المسن يذوق مرارة الوحده خاصة وانها ابنته الوحيدة وطفلها الرضيع يواجه مستقبله المظلم, وتم القبض علي طارق