لقد أعترض الأزهر الشريف علي ذلك العمل الدرامي الذي يروي قصة هروب أو خروج سيدنا موسي من أرض مصر لشعب إسرائيل وذلك من موقفه الثابت والديني بعدم عرض أو تصوير الأنبياء والرسل إحتراما لهم حيث إن القرآن قد كرم الرسل والأنبياء وأيضا الإيمان بما انزل عليه.. وقد إعترض البعض علي ذلك الموقف وأيده البعض الأخر إلا أنه يعبر عن أحد الثوابت بالنسبة للأزهر الشريف في حفاظه علي الإسلام.. وقد جاء بعد ذلك أيضا إعتراض الثقافة وطالبت بمنع عرض ذلك الفيلم لأنها رأت أن صناعته صهيونية.. كما أنه قد أنطوي علي العديد من المغالطات فهو يحاول أن يثبت أن اليهود قد إشتركوا في بناء الأهرام وهي قصة قديمة ومعروفة ولكن ماذا فعلنا تجاهها أن رد فعلنا لم يتعد مجرد الرفض والشجب والتكذيب دون تقديم أدلة.. لذلك فإن المنع أيا كانت أسبابه وحده لايكفي ولم يعد له جدوي أو قيمة ولاسيما في ظل وسائل الإتصال الحديثة.. كما أن الفضول سوف يدفع الكثيرين إلي مشاهدة ذلك الفيلم إذ أن الممنوع مرغوب.. لذلك فإن الأمر لابد وأن يتخطي هذه المرحلة السلبية التي تقف عند حدود رد الفعل دون محاولة النقل وتغيير الحدث من خلال المواجهة العلمية وبنفس الأداة.. وأن ذلك العمل ليس بالجديد بل قد كان هناك ما هو أسوأ منه بكثير جدا وهو الفيلم المسئ للرسول.. كما أن الدعاية الصهيونية من ضمن ألياتها هي إعادة كتابة التاريخ من منطلق ديني بما يتماشي مع تحقيق أهدافها السياسية وإثبات حقوقها فيما ليس لهم حق فيه.. ومن ثم فإنه لابد وأن يكون هناك مواجهة علمية ومنطقية وعلي أساس واقعي وذلك دور المثقفين والمؤرخين وليس رجال الدين وحدهم وإن كان لابد وأن يكون لهم الدور الأكبر.. لذلك سوف نحاول أن نثبت مدي الخطأ الذي أنطوي عليه ذلك الفيلم ومحاولة زعم أن اليهود قد شاركوا في بناء الأهرام وذلك أمر غير صحيح بالكلية وأن الدليل عليه من التوراة نفسه وليس أي كتاب أخر.. أول ملاحظة هي أن أسم الفيلمExodusofGodsandkings أي ما يعني خروج الآلهة والملوك.. أن تعبيرExodus هو عنوان سفر في التوراة يحمل نفس الأسم وهو سفر الخروج وهو ذلك السفر الذي يأتي بعد سفر التكوينGenesis مباشرة الذي يحكي قصة تكوين وخلق الأرض وسيدنا أدم ونوح وسيدنا إبراهيم ويعقوب أبو الأسباط.. وأنتهي سفر التكوين بموت سيدنا يعقوب.. أما سفر الخروج فهو يحكي قصة حياة بني إسرائيل بموت سيدنا يوسف وقيام ملك( فرعون) جديد لم يعرف سيدنا يوسف وما فعله بهم وخشي أن ينمو ويتزايد شعب إسرائيل في مصر فجعل عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم وقد عملوا في الطين واللبن وفي كل عمل في الحق.. ولم يذكر أنهم قد عملوا في بناء الأهرام.. فالأهرام هي مكان مقدس بالنسبة للفراعنة وقد كانت حرفة بني إسرائيل ليست الزراعة بل الرعي وهي تعتبر مهنة رجاسة من قبل الفراعنة لذلك أخبرهم سيدنا يوسف قائلا لهم في سفر التكوين إصحاح(46) وعدد(33).. فيكون إذا دعاكم فرعون وقال ما صناعتكم أن تقولوا عبيدك أهل مواشي منذ صبانا إلي الأن فنحن وأباؤنا جميعا لكي تسكنوا في أرض جاسان لأن كل راعي غنم رجس للمصريين.. وكان المصريين يقدسون البقرة حتحور وهذا دليل علي أنهم لم يشتركوا في بناء الأهرام ؟؟ هناك دليل أخر في سفر أيوب الذي يعد من أقدم أسفار التوراة ويقول الشراح أنه قد تزامن مع سفر التكوين.. وأن الفرق ما بين سفر التكوين وسفر الخروج سنوات.. و يقال أن أيوب الصديق قد عاش في الفترة مابين سيدنا نوح وسيدنا إبراهيم وعاش في عصر ما قبل موسي وهارون وأن االواقعة التي في السفر والتي وردت في هذه العبارة في الإصحاح(3) والعدد(14) حينئذ كنت نمت مستريحا مع ملوك وميشري الأرض الذين بنوا أهراما لأنفسهم وهي هرم سقارة المدرج وهرم دهشور وهرم ميدوم والأهرام الثلاثة ثبت أنها قد بنيت في الفترة من3500-3000 قبل الميلاد أي قبل سيدنا موسي الذي عاصر فرعون الأسرة التاسعة عشرة.. وعاش أيوب210 سنوات وسيدنا إبراهيم175 سنة وإسحق180 سنة وكان عمرسيدنا يعقوب عندما أتي إلي مصر مع أهله130 سنة وعاش في مصر17 سنة أي147 سنة وهو ما يؤكد أن الأهرامات كانت قائمة قبل مجيء اليهود إلي مصر.. ويصبح الأمر أكثر أهمية عندما نحاججهم من كتابهم الذي بين أيديهم والذي يدعون أنه هو المرجعية والمصدر لإثبات مايذهبون إليه من أقاويل.. ولكننا قد اقتصرنا علي مجرد منع الذي ليس بمقدورنا أن نمنعه في ظل التقنيات الحديثة