فى الشهر العقارى تحدث كل الأشياء. ازدحام. وإهمال. وطوابير. وروتين على جانب، وفوضى. واعتداء على الموظفين. وبلطجة. وظهور كبير للخارجين على القانون من جانب آخر. مابين الجانبين لا يجد الشهر العقارى من يهتم به أو يحنو عليه فقد تلاشى دور الوزارة واختفى اهتمام الوزير. المواطنون يصرخون من الروتين والبيروقراطية وعدم قيام الموظفين بدورهم. والموظفون يصرخون: لا إمكانات ولا أدوات ولا أجهزة حتى أننا ندخل فى جمعيات من أجل شراء الأحبار وإصلاح الطابعات حتى لا نتعرض للإهانة من المواطنين الذين يترددون على المأموريات. تتداخل تلك المشاهد وتختصر فى تصوير ما يمكن اعتباره أحد مشاهد أفلام الثمانينيات فى جمعية استهلاكية. "الأهرام المسائى" خالط الطابور واقترب من الموظف وشاهد على الطبيعة ما يجرى فى الشهر العقارى. للوهلة الأولى بدا أن موظفى الشهر العقارى مغلوبون على أمرهم وكأنهم يعملون بما لديهم من امكانات ضعيفة والمثير فى الامر أن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية الأخيرة قامت بتزويد جميع مكاتب الشهر العقارى بأجهزة حديثة تساعدهم على استيعاب التوكيلات الهائلة المقدمة من الناخبين ثم عادت بعد ذلك وسحبت هذه الاجهزة لتعود "ريما الى عادتها القديمة" فى إذلال المواطنين بدون مبرر، وعلى لسان احدى مسئولات مكتب الشهر العقارى بالدرب الاحمر والخليفة والسيدة زينب، أكدت السيدة ان هناك أجهزة تم توريدها منذ فترة قريبة لاحدى الشركات المتعاقدة مع وزارة العدل ولكن هذه الاجهزة متهالكة وغير مطابقة للمواصفات، اضافة الى عدم وجود قطع غيار لها فى السوق المحلية مما جعل صيانتها غير متوافرة مما ترتب عليه تردى الخدمة المقدمة للمواطنين وارتفاع حدة الازدحام امام مكاتب التوثيق فى المناطق الشعبية على وجه الخصوص مما ترتب عليه تعدى بلطجية بعض المرشحين فى هذه الدوائر الانتخابية فى الانتخابات الماضية على موظفى مكاتب الشهر العقارى فى غياب لافت للانتباه لعناصر الامن المفترض وجودهم لحماية المكاتب من التعدى او البلطجة. ويضيف جمال عيسى مدير مكاتب توثيق السيدة زينب أن أهم المشكلات التى تواجة مكاتب التوثيق هى الازدحام الشديد من المواطنين مع نقص حاد للحبارات بالاضافة الى نقص فى الموظفين المتعاملين مع الجمهور بالاضافة الى سقوط شبكات الانترنت باستمرار بين مكاتب الشهر العقارى مما يتسبب فى توقف الخدمة نهائيا لساعات. ويضيف: مؤخرا انتبهت وزارة العدل لهذه المشكلات مع اقتراب انتخابات البرلمان المصرى والتى من المتوقع ان يكون الازدحام فيها امام مكاتب الشهر العقارى غير مسبوق ولذلك تم تعيين بعض الموظفين الجدد وتوفير بعض الاجهزة التى تسهم فى سرعة تقديم الخدمة تبقى مشكلة فى نقص الحبارات وتوقف شبكة الانترنت دون حل. ويؤكد أحد موظفى مكاتب الشهر العقارى بعمارة العرايس بوسط البلد أن المشكلة التى تواجههم هى قلة الامكانات والاهمال وعدم صيانة الاجهزة التى يعتمد عليها فى انهاء التوكيلات المقدمة للمواطنين. ويضيف انهم كموظفين بالمكاتب طالبوا بعمل تاندة كبيرة للمواطنين المصطفين فى طوابير امام المكاتب لحمايتهم من الحرارة صيفا والامطار والبرودة شتاء، حيث ان هناك حالات كثيرة من المرضى غابت عن الوعى أثناء الانتظار. ويقول: لابد من إيجاد آلية لتسهيل تقديم الخدمات على أصحاب الحالات الخاصة وان تكون لهم الاولوية أو منفذ خاص بهم حيث أنهم يعانون بشكل كبير بسبب امتداد الانتظار دون مراعاة لاحوالهم الصحية. خارج مجموعات الموظفين كان لابد من معرفة رأى المواطنين، حيث أكد فتحى أحمد موظف باحدى جهات القطاع الخاص 36 سنة متزوج أنه توجه الى مكتب الشهر العقارى بدائرة الدرب الاحمر من أجل عمل توكيل لاحد المحاسبين لاستخراج بطاقة ضريبية وسجل تجارى لتأسيس شركة تجارية خاصة تساعده على تكاليف المعيشة بجانب عمله الاساسى وقال: انتظرت أكثر من 6 ساعات فى طابور طويل يمتد لمسافات فى ظل تباطؤ شديد من قبل الموظفين بالمكتب بسبب وجود موظف واحد فقط هو الذى يحرر هذه التوكيلات للمواطنين علاوة على سوء معاملة الموظفين للجمهور وتوقف الاجهزة أحيانا بسبب عدم وجود النت او أحبار من أجل طباعة التوكيلات بالاضافة الى أننى دفعت مبلغ 34 جنيها من أجل تحرير توكيل للمحاسب الامر الذى جعلنى أطلب اجازة من عملى فى هذا اليوم لانجاز المهمة. أما محمد عسران مواطن يبلغ من العمر 60 عاما فيقول إنه جاء من منطقة الخلفاوى بشبرا الخيمة من أجل تسجيل عقد شقته حتى يستطيع تغيير عنوانه فى بطاقة رقمه القومى الا انه منذ التاسعة صباحا الى الواحدة ظهرا لا يزال واقفا فى طابور الانتظار ولم يناد على اسمه من قبل الموظف بمكتب الشهر العقارى. ويضيف قائلا: لا توجد مقاعد يستريح عليها المواطنون اثناء انتظار انتهاء مصلحتهم من الشهر العقارى وعدم التنسيق للقضاء على الازدحام الموجود باستمرار. بينما علق محمد عبد الصمد موظف بالمعاش قائلا: جئت لاستخراج توكيل لاحد المحامين من اجل الحصول على ال 15 % التى قال عنها الرئيس السيسى فى المعاشات بسبب وجود مشكلة قانونية تواجهنى فى الحصول على هذه الزيادة ورغم ذلك اقف فى الطابور منذ الصباح واخشى الا استطيع ان انتهى من مهمتى اليوم وأنا مريض اعانى من الضغط والسكر ولا استطيع الانتظار فترات طويلة.