بحيرة المنزلة عانت علي مدي عشرات السنوات من سيطرة أصحاب النفوذ والبلطجية علي البحيرة فقاموا بإقامة الحوش والعلاوي و السدود, وهي تعديات علي البحيرة الأمر الذي أدي إلي هجرة الصيادين والسفر إلي ساحل البحر الأحمر ليعملوا علي مراكب صيد تؤمن لهم رزقهم فضلا عن تلوث مياه البحيرة بالصرف الصناعي والصحي مما أدي إلي إصابة المئات من الأهالي بالسرطان والفشل الكبدي والكلوي. قال محمد الشوا فني تكييف وأحد اهالي مدينة المطرية إن السبب وراء حادث اصطدام وابور بمركب بدر الإسلام إهمال الحكومة هي المسئول الأول عن الحادث بعد أن تقاعست عن حماية البسطاء من الصيادين ببحيرة المنزلة في ظل حالة الانفلات الأمني الواضح بداخلها مما جعل مجموعة كبيرة من المهربين والبلطجية والمافيا يسيطرون عليها ويستحوذون علي الأحواش وجعل البحيرة مصرفا كبيرا. ويضيف مختار افندينا من أهالي مركز المطرية أن صيادي مركز المطرية والمراكز المجاورة يسافرون للعمل بالبحر الأحمر لغلق بحيرة المنزلة واقتصارها علي الأباطرة الذين يسخرون البلطجية لصالحهم فيجب علي الجهات المسئولة فتح البحيرة للصيد الحر بدلا من المخاطر التي يتعرض لها الصيادون بالبحر الأحمر. ومما لاشك فيه أن حوادث التعدي علي الصيادين لا تنتهي فهم يتعرضون للخطف أو الاحتجاز من جانب سلطات الدول المجاورة لاختراقهم المياه الاقليمية مثلما حدث مع مركب صيد( بركة الحاج رشاد علوش) وعلي متنها53 صيادا والتي تم إطلاق النيران عليها. وطالبنا وقتها بالتدخل للإفراج عن الصيادين المحتجزين, ونحن نحمل الثروة السمكية مسئولية الحوادث المتكررة بسبب إهمالها للصيادين ولأرواحهم بعد ثورتين من أهم ثورات العالم. فيما قال السيد عوض صياد ان المحافظ اجتمع بأهالي الضحايا في حادث مركب الصيد ومعه مدير إدارة شرطة البيئة والمسطحات المائية السابق بالمحافظة وأكد لنا أنه مهتم وعرض المساهمة في عمليات البحث عن المفقودين من الصيادين. وما يدعو للسخرية أن المحافظ قال لنا إن هناك اهتماما كبيرا بالبحيرة منذ توليه العمل أنه تم تشكيل لجنة عليا لمتابعة مشكلات البحيرة بالتعاون مع محافظتي بورسعيد ودمياط ووزارة البيئة والصحة والمسطحات المائية وهيئة الثروة السمكية, ولكن لا يوجد شئ ملموس علي أرض الواقع. وتساءل أين الجهات المسئولة من مشاكل أهالي البحيرة الذين انتشرت بينهم الأمراض من فشل كلوي وفشل كبدي بسبب تلوث البحيرة التي تقوم المصارف بإلقاء نفاياتها فيها فبحيرة المنزلة حسب الإحصائيات بها أعلي نسبة إصابة بالفشل الكبدي والكلوي فمصرف بحر البقر يصرف مياه الصرف الصحي والمخلفات علي بحيرة المنزلة كما أن مصانع بورسعيد ودمياط والدقهلية تصرف مخلفاتها علي البحيرة. بينما أكد الدكتور مهندس محمد رجب أنه تم اجراء دراسات عديدة علي أهالي البحيرة وأثبتت أن هناك تلوثا شديدا وأن من أكثر المصانع التي كانت تقوم بالصرف الصناعي عبر بحيرة المنزلة كان مصنع الراتنجات, فالمسئولون في هذا المصنع تستروا علي هذه المشكلة, حيث إن المصنع يقوم بالصرف علي مصرف القرية المجاورة له وكلها مخلفات كيميائية خطرة جدا, ولم يتم اتخاذ إجراء صريح وواضح ضد المصنع إلا في وقت لاحق, وعلي الرغم من إغلاقه, فإنهم مازالوا يعملون في الخفاء مستخدمين مولدات كهربائية. ويقوم المصنع بصرف المخلفات علي المصرف لعدم المعالجة الكيميائية والبيولوجية ويتم صرفها علي المصرف العمومي ونأكل السمك الذي يعيش في مياه بحيرة المنزلة, والتي هي بدورها مليئة بالسموم وقد أجرت شركة مياه الشرب والصرف الصحي دراسة حول هذا الموضوع وقد أشارت الجمعية الأمريكية لمرضي السرطان وبشكل واضح إلي أن مادة الفينول( والتي يقوم المصنع بصرفها) هي من المسببات الرئيسية للسرطان. ويضيف محمد الدندراوي, موظف, قائلا: إن مالك الشركة الهندي كان قد قام بإيقاف وهدم وحدة المعالجة عن عمد بهدف تقليل نفقات التشغيل وقد تقدمنا بعدة شكاوي للمحافظة خوفا علي صحة أهالي الدقهلية, والتي يتم صرف المياه غير المعالجة بمصرف منية سندوب, ثم يتجه هذا الصرف لمصرف بحر حادوس, والذي يصب بدوره في بحيرة المنزلة. كما قال صلاح أبو العينين برلماني سابق إن هناك استهانة كبيرة بصحة المواطنين, خصوصا أن العديد من الجهات المحلية والعالمية قد حذرت من خطورة الأسماك الموجودة ببحيرة المنزلة نظرا لحجم الصرف الصناعي المتزايد في مصرف بحر البقر بجنوب بورسعيد والذي يعد أكثر مصارف العالم تلوثا. وأكد أبو العينين أن مسئولي المحافظة لهم يد في تردي حالة بحيرة المنزلة, وارتفاع حجم التلوث بها نتيجة الصرف الصناعي. وقال إن أعداد المصابين بالأورام السرطانية والفشل الكلوي في الدقهلية انعكاس طبيعي لهذا الحجم من التلوث, وهو ما كشفت عنه الدراسة البحثية الخطيرة التي أعدتها كلية العلوم بجامعة المنصورة بالتعاون مع مركز الجهاز العضمي حيث خضعت001 سيدة من محافظة الدقهلية للكشف كانت بينهن34 سيدة مصابة بسرطان الثدي و12 لديها أورام حميدة و11 سيدة لا تعاني من أي أعراض, وتم تسجيل تفاوت كبير بينهن في نسب الملوثات بالدم. ويضيف حسن الشوا أن هناك عدة طرق للصيد وهؤلاء الضحايا من الصيادين كانوا يصطادون بطريقة معينة تسمي الشنشلة, وهي الصيد بشبك كبير الحجم البحر نظرا لعمق البحر الاحمر له طرف من الاسفنج حتي يطفو علي سطح المياه والطرف الثاني فيه رصاص ليصطاد السمك بالأرض ويعدون من أمهر الصيادين بالمطرية. وعلي الرغم من مغامرتهم بأرواحهم إلا أن حصيلة الصيد ليست وفيرة كما يظن البعض فالصياد يحصل علي مبلغ زهيد فالصياد يتم محاسبته كل02 يوما ففي شهري أكتوبر ونوفمبر يكون الصيد وفيرا فيحصل الصياد علي0001 جنيه خلال العشرين يوما, وبعد ذلك السمك يقل لوجود رياح فيكون نصيب الصياد فقط003 جنيه. ويضطر الصيادين للعمل في بورسعيد ودمياط لضيق ذات اليد هنا وأخر مرة وقعت حادث لمركب الصيد ببورسعيد فتوفي ستة صيادين في ابريل الماضي. فيما أشار طه الشريدي, رئيس مجلس إدارة نقابة الصيادين بالمطرية, بأن ما يشهده صيادو المطرية من حوادث متكررة وغرق ووفيات وإصابات, بالإضافة إلي القبض عليهم من قبل غفر السواحل بسبب دخولهم للمياه الإقليمية لبعض الدول واحتجازهم وتغريمهم أموالا طائلة, هو نتيجة لما يحدث في بحيرة المنزلة من تعديات وبلطجة وفرض سيطرة, مما تسبب في عزوف الصيادين عن الصيد بالبحيرة بل هروبهم ايضا إلي أماكن أخري للبحث عن الرزق بعد أن ضاقت كل السبل للصيادين داخل البحيرة. وأضاف الشريدي قائلا إن هذا دفعهم إلي الاتجاه لمياه البحر الأحمر بحثا عن الرزق لتلبية احتياجاتهم منه وأوضح فتحي جلال أحد أعضاء مجلس إدارة نقابة الصيادين أن الحزن والسواد لا يغيب عن مدينة المطرية, فهناك حادث للصيادين كل شهرين أو ثلاثة علي الأكثر, وذلك نتيجة دخولهم في عمليات الصيد داخل البحر الأحمر بعدما فقدوا الرزق داخل البحيرة, وطالب المسئولين بالتدخل وإعادة السيطرة علي البحيرة وفتح أبواب الرزق فيه مرة أخري بدلا من يخرج شباب المدينة إلي البحر ويعودوا جثث لذويهم.