اكد سامح شكري وزير الخارجية ان الحديث عن المنطقة العربية, والشرق الأوسط, يستدعي أيضا استعراض أبرز ملامح السياق العالمي الأوسع, لاسيما في ظل التوقعات بل والتنبؤات التي تعددت بشأن النظام العالمي الذي سيتشكل عقب انتهاء عهد القطبية الثنائية. وفي كلمته امام منتدي حوار المنامة4102, قال أننا جميعا لمسنا ومازلنا نلمس شواهد عديدة علي عدم استقرار أي من النظريات التي سعت لوضع إطار منطقي للنظام الدولي الجديد. ورغم ذلك, وإذا كان هناك ما يمكن التنبؤ به بقدر كبير من اليقين في هذا الصدد, فهو ببساطة أننا لن نري قريبا نظاما يشبه ما كان سائدا في القرن الماضي, ليس من حيث الاستقطاب فحسب, بل وأيضا فيما يتعلق بالدور الرئيسي الذي كانت تلعبه الأيديولوجيات, علي اختلافها, في أوقات الحروب والسلام علي حد سواء. واوضح ان العقود التي تلت نهاية الحرب الباردة أثبتت وجود حدود ذاتية لاستخدام القوة العسكرية, أو القوة الخشنة وحدها, لتأمين المصالح وتحقيق الأهداف, لاسيما بعدما انتهت حقبة التكتلات الجامدة, أو القائمة علي المواجهة العقائدية بين الغرب والشرق, الأمر الذي من شأنه الإسهام في تخفيض حدة التوتر الناجم عن المخاوف من نشوب حروب واسعة النطاق علي نمط الحروب العالمية السابقة وإضافة أولويات جديدة لإستراتيجيات الدول والأطراف الفاعلة. واشار الي ان إن مراجعة عناصر البيئة الخارجية والتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة تشير إلي عدد من مصادر التهديد وربما الفرص في آن واحد, وهي انخفاض معدلات التنمية, لاسيما بمفهومها الشامل, في غالبية دول العالم العربي وتعاظم الضغوط التي تواجهها فكرة الدولة القومية والهوية الوطنية و استغلال مرحلة التحول الاجتماعي التي تمر بها المنطقة من جانب الجماعات التي تدعو إلي الفكر المتطرف والتكفيري في أرجاء المنطقة بل والعالم, وارتباط ذلك بانتشار تنظيمات إرهابية في المنطقة وتخومها. ايضا بروز الصراعات المذهبية والعرقية التي تفشت وباتت تهدد الاستقرار الداخلي لعدد من دول المنطقة, والتي ساهمت في إزكائها تدخلات بعض القوي الدولية والإقليمية. بالاضافة الي ارتباط ما تقدم بصعود واضح لدور فاعلين غير حكوميين يسعون لإضعاف بل وتفتيت الدولة القومية لصالح روابط عابرة للحدود تستند للدين أو المذهب أو العرق, مع تنامي التدخلات الخارجية المباشرة في الشئون الداخلية لدول المنطقة علي نحو يؤثر علي أمنها ومصالحها. ايضا غموض مستقبل عملية السلام من حيث فرص نجاحها أو تكرار الإحباط والفشل مع استمرار تقويض الأساس الجغرافي للتسوية وفقا لصيغة الدولتين ومن ثم مستقبل فكرة المفاوضات ككل في غياب عوائد السلام التي من شأنها تأكيد شرعيته كخيار استراتيجي والتهديد الذي يمثله استمرار الخلاف حول برنامج إيران النووي والمعضلة التي يطرحها ما بين مخاوف الانتشار وحق الدول أعضاء معاهدة منع الانتشار في الاستخدام السلمي للطاقة النووية, مع تعثر جهود إخلاء منطقة الشرق الأوسط من كافة أسلحة الدمار الشامل. واكد ان من هذا المنطلق فإن التحديات والتطورات السابقة تستدعي من دول المنطقة في الأساس سواء علي المستوي الوطني أو الإقليمي, وبالتعاون مع شركائها الدوليين, التوصل لرؤية متسقة