في الوقت الذي تسعي فيه إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لإيجاد صيغة ملائمة للتعامل مع الأوضاع السورية بما يحقق أهداف الولاياتالمتحدة في اطالة أمد النزاع في هذا البلد العربي بزيادة حدة المواجهات بين الأطراف المتحاربة لاجهادها جميعا لصالح إسرائيل, حاولت صحف أمريكية تبرير تخبط إدارة أوباما التي لم تنجح في إيجاد حل للأزمة ولا في إرضاء حلفائها في المنطقة. فقد كشف مسئولون بارزون في الإدارة الأمريكية عن أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يبحث سبلا لتوضيح سياسته في سوريا, بما في ذلك كيفية التوفيق بين معارضته لنظام الرئيس السوري بشار الأسد والمسلحين السنة, العدو الرئيس لنظام الأسد. وأوضحت صحيفة( وول ستريت جورنال) الأمريكية- في سياق تقرير أوردته علي موقعها الإلكتروني أمس- أن هذه المناقشات تجري وسط ضغوط متزايدة من حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط علي الإدارة الأمريكية للتصدي لنظام الأسد علي نحو أكثر تحديدا, بالإضافة إلي جلسات استماع مجلس الشيوخ بشأن اختيار أوباما لإدارة وزارة الدفاع, وذلك لإقرار تعيين آشتون كارتر كوزير للدفاع والذي تم ترشيحه أمس الأول الجمعة. وأضافت الصحيفة أن الهجمات الجوية الأمريكية ضد تنظيم داعش, في شهرها الرابع, أثارت استنكار الحلفاء الأمريكيين في المنطقة والجمهوريين لدعمهم الأسد علي ما يبدو. ونقلت الصحيفة عن مسئول بارز في الادارة الامريكية قوله إن في عقول العديد من أعضاء المعارضة السورية, يسود شعور بعدم الرضا حيال حقيقة انصباب التركيز علي تنظيم داعش بدلا مما يعتقدونه بأنه ينبغي أن يمثل أولوية ألا وهو محاربة النظام. ومن الواضح, يتعين علينا مواجهة هذا الأمر لذا نبحث عن سبل زيادة دعمنا للمعارضة. وأشارت الصحيفة إلي أن البيت الأبيض يدرس أيضا إنشاء منطقة آمنة علي طول الحدود السورية التي من شأنها أن تكون محظورة علي طائرات نظام الأسد وتوفر الملاذ لقوي المعارضة المدعومة من الغرب واللاجئين وحذر مسؤول كبير بالادارة الأمريكية من انفتاح أوباما, مع ذلك, تجاه هذه الفكرة أكثر بقليل من ذي قبل. ووفقا للصحيفة, أشار مسؤولون كبار في الادارة الأمريكية إلي تحول تركيز الجلسات الأسبوعية حول استراتيجية البيت الأبيض في العمليات ضد تنظيم داعش خلال الشهر الماضي من الهجوم العسكري إلي النظر في قضية سوريا الأوسع نطاقا. وبحثت المناقشات كيفية دمج مواقف أوباما التي تبدو متناقضة, حيث يدعو للإطاحة بالأسد فيما يشن أيضا حربا ضد مسلحي داعش. وأضاف مسئولون بارزون أنهم يبحثون سبلا تقل عن انتقال سياسي كامل للحد من الصراع بما في ذلك ما يسمي تجميد القتال في حلب وربما في أماكن أخري كما اقترح مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلي سوريا ستيفان دي ميستورا مؤخرا. وقال مسئول آخر بارز في الإدارة الأمريكية إن البيت الأبيض يعتبر مقترح الأممالمتحدة ما هو إلا فرصة ضئيلة للنجاح. واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول نقلا عن مسئولين في الإدارة الأمريكية أن المساعي المناهضة للعمليات ضد تنظيم داعش في العراق في تقدم لامتلاك الولاياتالمتحدة حكومة يمكنها العمل مع القوات العراقية في الميدان لتكمل ضرباتها الجوية, وتركز المناقشات في البيت الأبيض علي كيفية خلق ديناميكية مماثلة في سوريا, إلي حد كبير من خلال تسليح وتدريب أعضاء السورية المعارضة الذين تم فحصهم, تستهدف تنظيم داعش ونظام الأسد. ومن جانبها رأت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن توسع جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة في السيطرة علي أراضي جديدة في سوريا والتي كانت تقع تحت سيطرة المعارضة السورية المعتدلة المنهارة مؤخرا يهدد خطط الولاياتالمتحدة لتشكيل قوة مسلحة جديدة لمحاربة المتطرفين. وقالت الصحيفة في سياق تقرير أوردته علي موقعها الإلكتروني أمس إنه منذ هزيمة وطرد اثنتين من أكبر حركات التمرد التي يدعمها الغرب الشهر الماضي من محافظة ادلب السورية بدأت جبهة النصرة في تعزيز موقفها بصورة مستمرة باعتبارها أعتي قوة عسكرية مفردة في شمال غرب سوريا. وأشارت الصحيفة إلي اجتياح جبهة النصرة مدن وقري في جميع أنحاء المحافظة وطرق الامدادات الآمنة المؤدية إلي دولة تركيا المجاورة وربما تكون قد مهدت الطريق لتكوين امارة اسلامية ككيان منافس للخلافة التي أعلنها تنظيم داعش الصيف الماضي في شمال شرق سوريا وغرب العراق. وأوضحت الصحيفة أن توسيع نطاق وجود الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة يهدد باضفاء المزيد من التعقيدات علي الجهود بقيادة الولاياتالمتحدة الرامية إلي احتواء ومن ثم تدمير تنظيم داعش الأقوي بكثير والمنافس الشرس لجبهة النصرة التي أعلنت ولائها لتنظيم القاعدة من أراضيها الصيف الماضي. ونقلت الصحيفة عن قادة متمردين ومحللين قولهم انه في حال استمرار القتال في سوريا علي النحو الحالي, سيتم تقسيم البلاد بالكامل تقريبا بين القوي الجهادية وتلك التابعة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد تاركة المتمردين المعتدلين بدون أرض والولاياتالمتحدة بدون حلفاء في دولة مهمة استراتيجيا. وبالاشارة إلي خطط وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون لتدريب وتسليح خمسة آلاف مقاتل من المعارضة السورية لمحاربة تنظيم داعش, نسبت الصحيفة إلي يزيد صايغ, الباحث البارز في مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت قوله إن هذه السياسة تحمل علي عاتقها استمرار تواجد المعارضة المعتدلة داخل سوريا, غير أن حقيقة صعود نجم جبهة النصرة يجعل هذه الأفكار موضع مناقشة جدلية,. وبمرور الوقت, تصبح هذه الأفكار حقيقة واقعة عندما تتمكن جبهة النصرة من اكتساب هذه الدرجة من السيطرة, حينها لن تكون سياسة( الولاياتالمتحدة) مجدية. واختتمت واشنطن بوست تقريرها بالقول انه علي الرغم من انتساب جبهة النصرة رسميا إلي تنظيم القاعدة, فقد اكتسبت سمعة بين السوريين باعتبارها القوة الأكثر فعالية في محاربة الأسد بل ووصفت نفسها أيضا بأنها الوجود أكثر انضباطا في المجتمعات المحلية من كتائب الجيش السوري الحر الجامح بل الذي يمكن وصفه بالسافر في بعض الاحيان.