نبه د. محمود إسماعيل أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة عين شمس إلي أن الكثير من الكتابات التاريخية عن العصور الوسطي مبنية علي أراء شخصيات عن خصومهم في تلك الفترات كما هو الحال في العصر العباسي , مضيفا أن كتابة التاريخ بالاعتماد علي مثل تلك الشهادات المجروحة يؤدي تشويه التاريخ وتضليل الاجيال عن حقيقة ما حدث, مطالبا المؤرخين بتحري الدقة في الأدلة التي يعتمدون عليها في كتابة التاريخ, جاء ذلك خلال ندوة إشكالية المنهج في دراسة التاريخ الإسلامي والوسيط والتي نظمها قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة عين شمس في بداية فعاليات الموسم الثقافي للكلية بحضور د. عبدالرازق بركات عميد الكلية ووكلاء الكلية وشملت ثلاث جلسات قام بإدارتها د. إسحاق عبيد تواضرس الأستاذ بالقسم وأحد المؤرخين في مصر والعالم العربي. واضاف أن الباحثين المصريين علي وجه التحديد يعجزون عن الفهم الصحيح لمصطلح المنهجية, بل ان علماء كبار في مجال التاريخ يزعمون أنهم قد بدأوا في أبحاثهم من نقطة الصفر متناسيين تلك الابحاث السابقة والتي إرتكزت عليها أبحاثهم في الاساس, مؤكدا علي أنه لا يوجد منهج بلا فائدة ومنهج أفضل من آخر, حيث أن طبيعة الموضوع هي التي تفرض علي الباحث إختيار المنهج. وأكد إشكاليات المنهج في دراسة التاريخ الإسلامي تتمثل في خطأ القول بواحدية المنهج, مشيرا إلي أنه سواء وصل الباحث إلي الحقيقة المطلوبة أو لم يصل فإن الاسلوب المنهجي في البحث العلمي سيؤدي إلي كشف حقيقة قد تساعد الباحثين فيما بعد للوصول إلي الحقيقة المجردة. وأشار إلي أن الوقت الحالي يشهد منهجية في دراسة التاريخ علي مستوي المادة بعد أن تأكد للمؤرخين أن المصدر الأساسي في دراسة التاريخ الاسلامي والحضارة الإسلامية هو علم الفقه وأصوله حيث شملت تلك الكتابات الخاصة بالشريعة جميع جوانب المجتمع والبيئة والفكر العربي في ذلك الوقت. وتناول د. طارق منصور أستاذ تاريخ العصور الوسطي بكلية الآداب بجامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب مشكلات المصطلح في الكتابات التاريخية في العصور الوسطي مشيرا إلي انه خلال العصر المملوكي وجدت الآف المصطلحات التركية التي دخلت علي اللغة العربية مما أوجد مصطلحات لا يوجد لها مرادف في العربية إعتمد المؤرخون علي انفسهم في تفسيرها وشرحها. وشدد علي أهمية الفهم الصحيح للمصطلحات طالما أن هناك مرادفات لها خاصة في مجال التاريخ الأوروبي عند تحويل المصطلحات الاجنبية من اللغة اليونانية القديمة واللاتينية إلي العربية, مؤكدا انه كلما إقتربنا من كتاب مثل ابن رشد سنجد أن العلماء أصبحوا أكثر فهما ووعيا للمصطلحات اليونانية واهتماما بوضع مصطلح عربي مرادفا له. واستعرض د. وسام عبدالعزيز فرج أستاذ تاريخ العصور الوسطي بجامعة المنصورة بعض المشاكل المتعلقة بإشكاليات المنهج في دراسة التاريخ البيزنطي مشيرا إلي أن البعض قد إعتاد علي احادثة المنهج العلمي, ومن المفارقات أن كثيرا ممن يكتبون عن مناهج البحث يؤكدون أن الاحادية في منهج البحث تعد وهما وأن لكل علم من العلوم منهجا خاصا به. واوضح المراحل والضوابط المنهجية التي ينبغي علي الباحث الإلتزام بها عند إعداد بحثه في مجال التاريخ بطريقة علمية مشيرا إلي انها تبدأ من إختيار موضوع البحث وتحديد الإشكالية وبيان الدراسات السابقة, ووضع خطة موضوعية لدراسة بحثه والتي ستكون قابلة للتعديل طوال مراحل جمع المادة, وصولا إلي جمع المادة العلمية من الاصول التاريخية والدراسات ذات الصلة, مشددا علي أن جمع المادة العلمية يجب أن يتم بالتزامن مع توثقيها بشكل دقيق, واخيرا الإلتزام بضوابط الإسلوب العلمي في كتابة البحث.