وداعا.. الشحرورة

صباح ماتت تشكل هذه الكلمة صدمة أو مفاجأة لدي البعض فور علمهم بنبأ وفاة الشحرورة لاسيما وأنها تكررت مئات المرات علي مسامع جمهورها ومحبيها خلال السنوات الأخيرة الماضية,
إلا أن هذه المرة هي الأخيرة التي يستمعون فيها لهذه الكلمة التي تسببت في حزن الملايين من جمهورها بعدما اكتشفوا أن الخبر ليس شائعة وأن جسد نجمتهم المفضلة سيواريه التراب ولن يبقي لهم إلا صوتها وهي تغني ساعات ساعات أحب عمري وأعشق الحاجات, لتعطي جمهورها درسا في حب الحياة, ورغبه في أن يكون عمرهم رحلة للمتعة وليست للشقاء, وتجسد ذلك في حرصها علي الاستمتاع بكل دقيقة من عمرها.
لم تكترث صباح طوال الفترة الماضية بالألسنة التي حرصت علي مهاجمتها ليس علي فيلما قدمته أو أغنيه غنتها, ولكن علي وجودها علي قيد الحياة ليس إلا, لتكون أول شخص يهاجم لطول عمره فقط, وحضور ذهنها ووعيها بكل ما يدور حولها, وكانت تكتفي برد واحد حينما اودعكم ما تزعلوا قولوا راحت مطرح كتير حلو, ولعل هذه الجملة تترجم لنا ما كانت تؤمن به وهو الرضاء بما يقسمه الله في أي وقت سواء كتب لها طول العمر أو وفاتها فهي ستتلائم مع أي وضع تصاب به, ولعل أبرز دليل علي حبها للحياة هو عدم رغبتها في أن يكون يوم وفاتها يوم تقليدي مليء بالحزن والبكاء علي من رحلوا, ولكنها طلبت أن يكون مختلفا ليصبح يوما للفرح لا للحزن.
لم يكن طول العمر فقط هو ما يهاجمها البعض عليه ولكن الحساب تضمن أيضا المتكررة متناسين ان الزواج ما هو إلا نصيب أو مشروع قد ينجح أو يفشل, ولمبدأها في حب الحياة قررت أن تكمل حياتها مع من تستريح معه فقط والا تكون مجبرة علي شيء لا ترغبه, فكان زواجها الأول من نجيب شماس واستمر زواجهما خمس سنوات وانجبت منه ابنها الدكتور صباح شماس, وخالد بن سعود بن عبد العزيز آل سعود واستمر الزواج عدة أشهر ووقع الطلاق بسبب ضغط من عائلته, ثم أنور منسي عازف كمان مصري ووالد ابنتها هويدا, وقضت معه أربع سنوات, والمذيع المصري أحمد فراج وقضت معه ثلاث سنوات, والفنان رشدي أباظة وقضت معه خمسة أشهر, والفنان يوسف شعبان واستمر الزواج شهرا واحدا, والنائب يوسف حمود, وقضت معه سنتين, والفنان وسيم طبارة واستمر زواجهما أربع سنوات, وأخيرا الفنان فادي لبنان وقضت معه سبع عشرة سنة.
حب صباح للحياة إرتبط بحبها للفن بشكل عام فكان نتاج ذلك ما يقرب من ثلاث ألاف أغنية باللهجتين المصري واللبناني, وثلاثة وثمانون فيلما, كانت فيهم أيقونه الجمال في التمثيل والصوت الناعم في الغناء وهو ما كان يدفع عدد كبير من المطربين في الاستعانه بها مثل عبد الحليم حافظ, محمد فوزي, وفريد الأطرش وجمعهم دويتوهات غنائية عديدة كانت وستظل محفورة في تاريخ الغناء والسينما.
لم تمانع الفنانة الراحلة صباح من الوقوف إلي جانب الجيل الجديد من المطربين فساهمت بشكل كبير في نجاح المطربة اللبنانية رولا سعد من خلال إعادة توزيع اغنية يانا يانا والتي حققت نجاحا كبيرا ساهم في تثبيت نجومية رولا, كما انها أول فنانة يعرض لها سيرة ذاتيه وهي لا تزال علي قيد الياة حيث عرض في عام2011 مسلسل الشحرورة ولعبت بطولته كارول سماحه, حيث تعرض المسلسل لحياتها الشخصية والفنية وزيجاتها وأزماتها دون أن يضيف مساحيق التجميل لجعل حياة الفنانين اشبه بحياة الملائكة.
و تعد صباح ثاني فنانه عربية بعد أم كلثوم تغني علي مسرح الأولمبيا في باريس مع فرقة روميو لحود الاستعراضية في منتصف سبعينيات القرن العشرين, كما وقفت علي مسارح عالمية أخري كأرناغري في نيويورك ودار الأوبرا في سيدني, وقصر الفنون في بلجيكا وقاعة ألبرت هول بلندن.