لعبت قطر دورا محوريا لسنوات في مؤامرة( سايكس بيكو الجديدة) التي تهدف الي إعادة تقسيم المنطقة العربية كلها علي أسس تخدم المصالح الأمريكية والغربية, دعمت نشطاء الغرب, وإحتضنت إسلامها السياسي العنيف, ليكون بديلا جاهزا في حالة فشل المتأمركين الجدد في تحطيم الدول والجيوش من الداخل. هذا الدور الذي كان بمثابة رأس حربة للتصرفات القذرة الأمريكية كان بمثابة مفاجأة لدول مجلس التعاون الخليجي الذي لم يتوقع يوما أن ينفصل أحد أعضائه ليغرد خارج السرب ويتحدي كبري شقيقاتها جهارا نهارا بل ويهاجمها علانية, ويمتد التحدي للعب داخل حدود الشقيقة الكبري مصر, ليقابل علي الدوام برد مصري صابر علي الأذي, مقدر موقف الصغير الذي ارتضي علي نفسه أن يكون معول هدم للاشقاء, وليس من موقف ضعف ولكن لأنها سياسة العقل الرزين الذي تسير بها مصر فنحن حتي الآن لم نصعد الموقف ضد أي دوله بأي إجراء سلبي, حتي الآن.., في حوار الرئيس عبد الفتاح السيسي مع فرانس24 أجاب الرئيس علي سؤال حول استعداد مصر لتطبيع علاقاتها مع قطر, فقال دعونا ننتظر ونري نتائج اتفاق الرياض بشأن قطر هذه الجملة تحمل رسالة بالغة الأهمية والدلاله, وتلقي بالكرة في الملعب القطري ليشاهد الجميع كيف ستنفذ قطر التزاماتها للقادة الخليجيين في قمة الرياض التكميلية.., رغم أنها تعهدت مرات عدة بنفس التعهدات ومنحت فرصا لتعديل سياساتها والتوقف عن لعب دور سن الحربة الأمريكية ضد الأشقاء سواء في الخليج أو في مصر وصولا إلي ليبيا وتونس, وحتي في الداخل السوري والعراق.., منذ انعقاد القمة التشاورية لقادة الخليج في العاصمة السعودية الرياض والمفاجآت تتوالي في ملف المصالحة مع قطر, ويوما بعد يوم تظهر مدي أهمية هذه القمة في مستقبل العمل العربي المشترك ويفسر لنا لماذا تجاوبت مصر سريعا مع المبادرة السعودية التي طرحت علانية علي الرأي العام العربي في شكل بيان مناشدة لأول مرة, فالمؤكد أن الدوحة التزمت بتنفيذ3 شروط قبل عودة السفراء الخليجيين, وفي مقدمتها تخفيف تحالفها مع تركيا وابتعاد الأمير تميم بن حمد عن خطط الفوضي التي يرسمها الأغا التركي رجب طيب أردوغان, للمنطقة عبر دعمها المطلق للمنظمات الإرهابية المتطرفة, و الثاني, العمل علي تحسين العلاقة مع مصر, والثالث, تغيير السياسة التحريرية لقناة الجزيرة بما يتوافق مع أزمات المنطقة وإيقاف مهاجمتها للدول العربية. قطر طلبت مهلة ثلاثة أشهر لإنفاذ هذه الإشتراطات كاملة في خطوات متتالية وممنهجة, الأمر الذي سيقود تلقائيا وبالنتيجة إلي الحد بصورة كبيرة من علاقة قطر بملف الإخوان المسلمين, في الوقت الذي يفترض فيه بقمة الدوحة الخليجية أن تقرر تصنيف الإخوان جماعة إرهابية خلال القمة الخليجية المزمع عقدها في الدوحة يوم9 ديسمبر المقبل, تماشيا مع الاتفاقيات الأمنية الخليجية, ما يستلزم وضع قيادات الجماعة في خيار المغادرة أو التسليم بالأمر الواقع والتوقف عن التآمر, حيث سيكون علي رأس قرارات القمة الخليجية التي سترأسها قطر اعتبار الاخوان وغيرها منظمات ارهابية محظورة, كما فعلت السعودية والامارات من قبل وهي خطوة ينتظرها باقي الدول العربية لتؤكد قطر توقفها رسميا عن دعم الإخوان والجماعات الإرهابية المتحالفة معها وتعود للتغريد داخل سرب مجلس التعاون الخليجي, والظاهر أن موافقة الرئيس السيسي علي بيان العاهل السعودي وبهذه السرعة هو اختبار محكم للشقيقة قطر لكشفها وتعريتها أمام دول الخليج والعالم.. ووسيلة لاعادتها إلي الصواب.. فالسيسي بصفته رجلا محنكا ذو خبرة سياسية واستراتيجية رفيعة المستوي يعلم تماما ارتباط قطر إستراتيجيا بالتنظيم العالمي للإخوان, وأنها ليس بمقدورها أخذ قرارات إستراتيجية حاسمة, ولن تستطيع الإلتزام بما تعهدت به أمام دول مجلس التعاون الخليجي بشكل كامل فنصب السيسي هذا الكمين لقطر فعندما يلعب السيسي سياسة يكون بارعا يضرب عشرة عصافير بكل حجر مثل الرئيس الروسي بوتين تماما, ويمكن القول أن قطر لا تستطيع مخالفة إتفاقها مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي, لأن ذلك سيعرضها لعقوبات خليجية قاسية فالطيران القطري قد يمنع من العبور من خلال السعودية والإمارات إذا خالفت الحكومة الاتفاقيات الأخيرة, وهذه العقوبة قاسية. والمؤكد أن التنظيم الدولي للإخوان يعاني صدمة قاسية من اتجاه الدوحة نحو المصالحة, واستجابتها للمطالب الخليجية والمصرية, وأن الاتفاق القطري- المصري بمثابة هزيمة للإخوان, فكل دولة تخدم مصالحها, وهذه الخطوة هزيمة قاسية للاخوان وجماعات التكفير, والمؤكد ايضا أن الدعم القطري سيستمر, لكن ليس بالحجم الكبير الذي شهدته الفترة الماضية, بسبب هذه التغييرات, وعلي الرغم من ذلك فالجميع في مصر يريد إذابة حالة الصقيع بين الإدارة المصرية والقطرية, بعد دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. والمؤكد أن بياني الرياضوالقاهرة حول المصالحة مع قطر, خطوة نحو التهدئة بين القاهرةوالدوحة, ولابد أن تبدأ بعدها مفاوضات المصالحة بين البلدين. ولابد أن تتجه المؤسسات الإعلاميةوالسياسية والثقافية في كلا البلدين تجاه نبذ الخلافات بين مصر وقطر والدعوة نحو إحتواء قطر لعل وعسي, والسؤال الآن ماهو موقف من ارتموا في احضان قطر وقذفوا الوطن وتآمروا عليه؟ هل سنترك حسابهم تحت دعوي المصالحة المنتظرة التي لم تأت بعد؟ ام سنتركهم باموالهم الحرام التي حصدوها نظير تآمر وتحريض ضد الشعب المصري علي مدي سنوات؟ [email protected]