المتأمل في نصوص الكتاب والسنة يري أن الإسلام قد شدد علي أمر الدماء وعظم شأنها; حتي إن القتل قد جاء مرتبطا بالكفر والشرك في كتاب الله وسنة رسوله( صلي الله عليه وسلم).. جاء القتل مرتبطا بالكفر والشرك في سورة الفرقان حينما تكلم ربنا عن صفات عباد الرحمن فقال}والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما{ ما هي هذه الأثام ؟ وما هو جزاؤها ؟؟ قال}ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا{فجمع الله سبحانه بين والذين لا يدعون مع الله إلها آخر وبين ولا يقتلون النفس التي حرم الله.. ومرة أخري في سورة الأنعام يربط الله عز وجل بين القتل وبين الكفر والشرك; وهو يتكلم عن المحرمات التي حرمها علي عباده فيقول{ قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا}.. ثم قال..} ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون{.. وأيضا جاء القتل مرتبطا مع الكفر في سنة النبي( صلي الله عليه وسلم) روي الشيخان عن جرير أن النبي( صلي الله عليه وسلم) قال في حجة الوداع لجرير استنصت الناس أي أسكت الناس حتي يسمعوا ما يقول النبي( صلي الله عليه وسلم) فقال لا ترجعوا بعدي كفارا, يضرب بعضكم رقاب بعض.. لا ترجعوا بعدي كفارا; ما هي صورة هذا الشرك ؟ وما هي مظاهره ؟ قال يضرب بعضكم رقاب بعض... الأمر الآخر: جريمة القتل هي الجريمة الوحيدة في القرآن التي توعد الله صاحبها بخمس عقوبات وليس عقوبة واحدة.. قال تعالي{ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما} وهذه الآية هي التي استدل بها حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس( رضي الله عنهما) علي أن قاتل المؤمن ليست له توبة.. وإن تاب لا تقبل توبته.. روي أحمد والنسائي عن سالم بن أبي الجعد قال: سئل ابن عباس عن رجل قتل مؤمنا ثم تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدي ؟ قال: ويحك وأني له الهدي ؟ أي من أين سيأتيه الهدي قال: ويحك وأني له الهدي ؟سمعت نبيكم( ص) يقول يجيء المقتول متعلقا بالقاتل يقول يا رب سل هذا فيم قتلني. والله لقد أنزلها الله عز وجل علي نبيكم- صلي الله عليه وسلم- وما نسخها بعد إذ أنزلها; قال: ويحك وأني له الهدي ؟... إذن الدماء أمرها كبير; وشأنها عظيم.. والدنيا كلها بما فيها من أموال ومناصب ومتاع لا تساوي قطرة دم تنزل من مسلم.. روي الترمذي والنسائي عن عبد الله بن عمرو عن النبي( صلي الله عليه وسلم)) قال لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم... كلنا يعرف حرمة الكعبة; وحرمة من دخلها.. حتي إن الله حرم فيها أن تقطع أشجارها أو يصطاد صيدها أو تلتقط لقطتها, ومع ذلك ينظر عبد الله بن عمر يوما إلي الكعبة كما في الترمذي ويقول: ما أعظمك وأعظم حرمتك, والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك.. فلأن تقتلع الكعبة حجرا حجراوتهدم جزءا جزءا أهون عند الله من قتل رجل مسلم.. إن المجتمع الذي ينتشر فيه القتل; وتسود فيه مظاهر العنف مجتمع وصفه النبي( صلي الله عليه وسلم)) بأنه مجتمع فقد عقله وضاع رشده وضل سعيه; في مسند الإمام أحمد عن أبي موسي الأشعري أن رسول الله( صلي الله عليه وسلم) قال إن بين يدي الساعة الهرج. قيل وما الهرج ؟ قال الكذب والقتل وذكر الكذب قبل القتل; لأن الكذب وسماعه وترويجه من أكبر أسباب انتشار القتل قيل وما الهرج ؟ قال الكذب والقتل قالوا أكثر مما نقتل الآن ؟! قال إنه ليس بقتلكم الكفار ولكنه قتل بعضكم بعضا حتي يقتل الرجل جاره ويقتل أخاه ويقتل عمه ويقتل ابن عمه. قالوا: سبحان الله ومعنا عقولنا يومئذ ؟؟ قال: إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان حتي يحسب أحدهم أنه علي شيء وليس علي شيء.