لم تعد الأطراف الحريصة علي إفساد الأوضاع في العراق, والتي تصر علي الإبقاء علي هذا البلد المنكوب في حالة من الصراع والتفتت المزمن في حاجة لتفجير القنابل بعد أن وجدت ضالتها في أساليب أخري . هذا هو ما فعلته إيران عندما أوعزت لعملائها في العراق بإفساد الانتخابات البرلمانية القادمة عن طريق التلاعب بقرارات لجنة العدالة والمساءلة. القرارات التي اتخذتها اللجنة باستبعاد مرشحين رئيسيين من أبناء أهل السنة بدعوي صلاتهم بحزب البعث المنحل لم تكن سوي طعنة موجهة لكل جهود المصالحة الوطنية التي جرت في العراق لسنوات. جوهر المصالحة العراقية هو إعطاء الثقة لأهل السنة العراقيين في أن موقعهم في نظام سياسي يحتل فيه الشيعة مقدمة الصفوف لن تنحط إلي مستوي المواطنين من الدرجة الثانية. استبعاد الرموز السياسية لأهل السنة العراقيين من المشاركة في الانتخابات لا يساعد علي بناء الثقة بين أبناء العراق من السنة والشيعة, وهو يمثل تراجعا عن جهود المصالحة ووعود المساواة التي يتشدق بها الجميع في العراق.
قرارات لجنة المساءلة والعدالة التي يسيطر عليها عملاء إيرانيون من أمثال أحمد الجلبي وعلي اللامي كفيلة بإفساد الانتخابات القادمة أكثر من ألف قنبلة موقوته أو هجوم انتحاري. جبهة الحوار بقيادة صالح المطلك هي الضحية الرئيسية لانحرافات لجنة العدالة والمساءلة, فكان أن أعلنت سحب مرشحيها من المشاركة في الانتخابات.
انسحاب جبهة الحوار التي تحظي بتأييد أهل السنة العراقيين تذكرنا بما حدث قبل أربعة أعوام عندما قاطع أهل السنة الانتخابات البرلمانية السابقة. غياب أهل السنة عن الانتخابات السابقة همش دورهم فاقتسم غيرهم نصيبهم من مقاعد البرلمان. تعلم أهل السنة الدرس وقرروا المشاركة في الانتخابات القادمة, لكن الطائفيين من عملاء إيران لا يريدون لأهل السنة المشاركة في بناء العراق الجديد رغم حديثهم المتكرر عن الاندماج الوطني والوحدة الوطنية.
إنسداد قنوات المشاركة السياسية لأهل السنة في العراق لا تؤدي سوي إلي إضعاف نفوذ التيارات المعتدلة بينهم لصالح الجماعات الأكثر تشددا من القاعدة والأحزاب المتطرفة. لا أستبعد عودة الإرهاب لشوارع ومدن العراق ردا علي إقصاء زعماء أهل السنة من المشاركة في الانتخابات. سيتجدد الحديث عن الإرهاب السني في العراق, بينما يفلت عملاء إيران الذين يمهدون الأرض لعودة الإرهاب ولتقسيم العراق.