أكد الكاتب د. يوسف زيدان ان الشعوب العربية ومن بينها مصر تحتاج الى ثورة ثقافية وفى اشد الاحتياج الى ذلك من خلال اعادة بناء التصورات عن الذات والعالم، والثورة الثقافية ليست خروجا للميادين او مواجهة للأمن لكنها مواجهة مع الذات وجرأة على الطرح فى رؤى عقلانية اكثر استشرافا. وأضاف صاحب "عزازيل" خلال الندوة التى اقيمت له بمعرض الشارقة الدولى للكتاب تحت عنوان "الثقافة العربية. خندق الحماية الاخير" أن احتدام الواقع يدعونا الى الاسراع فى دعم المجتمعات العربية ثقافيا لكنى لا ارى ان تقوم الحكومات بذلك لان تدخل الحكومات يجهض الرؤى الثقافية الثورية لأنها تمثل الوضع المستقر، وليس الثوري. وأوضح ان الثورات العربية سياسية بهدف إزاحة حاكم لكن ما ادعو اليه هو ثورة ثقافية لإعادة بناء الافكار الكبري، واحترام المثقف الذى تم تشويهه فى الثورات مثلما حدث مع المثقف المصرى فى ثورة يناير حينما تم تشويهه سرا وعلانية. وأشار إلى أن التعليم والإعلام الحكوميين فى مصر هما كارثة كبرى وهما من الدواعى الملحة لإقامة ثورة ثقافية، فالإعلام العربى الحالى هو الداء الاكبر للعرب وهو اشد نكاية عليهم من اسرائيل ومن داعش التى تمثل حالة مؤقتة، فالإعلام كارثي. وتابع قائلا إنه من ضمن التصورات التى يجب ان يعاد النظر فيها اللغة التى تعد اخطر من الدين لان الدين محمول على اجنحة اللغة وليس العكس، مضيفا ان المثقفين من شعراء وكتاب عرب قدموا ولا يزالون يقدمون للثقافة العربية ولا يمكن ان ننسى كم كانت الحكومات قبل الثورة تقوم بمضايقتهم فظلم ان نتهم المثقفين العرب بالتراخي. وقال زيدان صاحب رواية "النبطي" ان الثقافة العربية خط الاختراق الاول وخندق الحماية الاخير، ويجب ان نتفق على أن القراءة هى الباب الاقرب الى التعرف على الثقافات المحلية او العالمية. وأشار الى كتاب "مستقبل المنطقة العربية" الذى كان سيصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة فى اعقاب حرب الخليج الاولى اوائل التسعينيات وشارك فيه عدد كبير من كبار الكتاب ووصلت إلى نسخة منه قبل خروجه من المطبعة وهى النسخة الوحيدة الموجودة منه لكن قبل خروج الكتاب من المطبعة مارست احدى الدول العربية ضغوطا واشترت جميع النسخ وأعدمتها لان جميع المحاور به اقتصاديا وعسكريا وثقافيا كانت ذات رؤى استشرافية للمستقبل والجزء الثقافى الذى اشرفت عليه كان حول امكانية اقامة مشروع ثقافى عربى وأكدت انه من المستحيل ان يكون فى فترة التسعينيات مشروع ثقافى واحد، هذا كان طرحا استباقيا وكان الكتاب يقوم بدور زرقاء اليمامة لتنبيه العرب إلى ما هو آت وهذا دور المثقف ايضا. وأضاف انه بعد عقد من الزمان دخلنا حرب الخليج الثانية التى كسرت شوكة العرب لتعقبها بعد عقد آخر الثورات العربية وهذا ما استشرفه الكتاب فى وقت وبلاد كان اخر هم الحكام فيها هو الثقافة وكان هناك حرص شديد من هؤلاء الحكام على أن تكون مناطق طرد للمثقفين، والبلاد التى استعادت بعض من توازنها بعد الثورات كان العامل المشترك فيها هو وجود المثقفين والكتاب فالبلد الذى حظى بكم اكبر من الكتاب ومنتجى الفن كان الاقل نسبيا فى الضرر، لان الثقافة خط الاختراق الاول لان المساحة الاكبر من العقل الفردى والجماعى مملوءة بالأفكار التى تعكس رؤى العالم فعندما تم اخلاء هذه العقول بنسب متفاوتة جاء الخراب بنفس النسب، فالتفريغ الثقافى اعطى مساحة للجماعات المتطرفة فى التوغل بسهولة لأنها لم تجد من يناقشها وهذا مثال واضح فى سوريا وليبيا. بينما تعرضت مصر لهذه المحاولة لكن كان فيها من يستطيع ان يواجه بمخزونه الثقافى العام هذه الدعاوى التى سرعان ما قفزت لكرسى الحكم وسرعان ما انزلت منه وعادت مصر الى شيء من الاعتدال.