القرار1063 لسنة2014 هو القرار الذي أصدره المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء- في سبتمبر الماضي و القاضي بتقديم الرعاية الطبية اللازمة لحالات الطوارئ بكل المستشفيات سواء أكانت حكومية أو خاصة لمدة48 ساعة بالمجان علي أن تتحمل الدولة ميزانية تنفيذ هذا القرار. ورغم أن القرار ليس بالجديد و أنه يعاني من عدم التفعيل علي مدي سنوات عديدة إلا أن توجه الحكومة نحو تحسين أوضاع المواطنين واتخاذ القرارات الكفيلة بالسير في هذا الاتجاه خاصة مع وضع ملفي التعليم و الصحة علي أولويات الحكومة كان من شأنه شعور المواطن باتخاذ إجراءات فعلية علي أرض الواقع, إلا أن عددا من الأحداث وقعت خلال الأسابيع القليلة الماضية أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن هذا القرار مازال خارج الخدمة في تحد واضح من عدد من المستشفيات للقرار بعدم التنفيذ وكانت مستشفيات عين شمس التخصصي وكفر الدوار أبرز الأمثلة الواضحة علي ذلك. فقد أصيب الطفل يوسف محمد الطالب بالصف الثالث الابتدائي بمدرسة عمار بن ياسر بالمطرية- بقطع غائر في الرقبة بعد سقوط لوح زجاجي عليه وظل حائرا بين عدد من المستشفيات وهو ينزف قرابة الثلاث ساعات حتي استقر به المقام في مستشفي عين شمس التخصصي والذي رفض وفق رواية ذويه- استقباله حتي يقوم والداه بتسديد مبلغ8 آلاف جنيه بخزينة المستشفي وأثناء انشغالهما بتجميع المبلغ كان يوسف قد لفظ أنفاسه الأخيرة. وفي مستشفي كفر الدوار العام اضطرت سيدة إلي إنجاب طفلها في الشارع بعد أن رفض قسم الاستقبال بالمستشفي استقبالها و ذلك رغم تأكيد الأطباء حاجتها لإجراء جراحة ولادة قيصرية نظرا لخطورة الولادة الطبيعية علي حياتها وهو الوضع الذي تعامل معه زوج السيدة بتحرير محضر رقم4954 إداري لسنة2014 بقسم شرطة كفر الدوار. هاتان الحالتان هما اللتان نجحتا في إيصال قضيتهما إلي الرأي العام لكن هل من الممكن أن توجد حالات مرت بالتجربة ذاتها ورفضت المستشفي استلامها لحين تدبير مبلغ كبير من المال بالخزينة؟ وكيف يمكن أن تضمن الحكومة تفعيل قرارها رغم أنها خصصت ميزانية لتنفيذه حتي لا تمتنع المستشفيات عن تنفيذ القرار؟ ///////////////// مساعد وزير الصحة يتوعد: إحالة أي مستشفي يمتنع عن التنفيذ إلي النيابة قال الدكتور محمد سلطان مساعد وزير الصحة للرعاية العاجلة والحرجة إن قرار تقديم الرعاية الطبية لحالات الطوارئ لأول48 ساعة بالمجان هو قرار معمم علي كل المستشفيات الحكومية والخاصة ولا يمكن لأي منها مخالفة القرار وإلا عرضت نفسها للعقوبة. وتوعد سلطان أي مستشفي أو أي طبيب يمتنع عن استلام أي حالة طوارئ, حيث سيعرض نفسه للإحالة إلي النيابة العامة والسجن وتوقيع غرامة وقد يصل الأمر إلي غلق المنشأة أو المستشفي التي تخالف القرار وهي عقوبات من شأنها إلزام المستشفيات بالتنفيذ خاصة وأنه قرار رئيس الوزراء وفي المقابل تلتزم الدولة بتدبير نفقات تنفيذ القرار و بالتالي فلا ضرر يمنع المستشفي من استقبال الحالات. وأوضح أنه بالنسبة لحالة الطفل يوسف فقد تم إرسال لجنة لفحص الواقعة وتمت إحالة الأمر برمته إلي النيابة للتحقيق, أما حالة السيدة التي قامت بإنجاب طفلها في الشارع بعد امتناع مستشفي كفر الدوار عن استقبالها فقد تم أيضا فتح تحقيق بمعرفة مديرية الشئون الصحية بالبحيرة وجار التحقيق في الواقعة وذلك رغم أن المستشفي في الأساس مستشفي مجاني ولا يمكن أن يرفض استلام أية حالة. و أضاف أن هناك تصرفات فردية من قبل بعض الأطباء غير المسئولين تتسبب في إلصاق سمعة غير طيبة بالمستشفيات كما هي الحال في واقعة سيدة كفر الدوار حيث لم يمتنع المستشفي عن استلامها و لكن حدثت مشادة بين الطبيب وزوج السيدة انتهت برفض الطبيب استلام الحالة, إلا أن هناك العديد من الحالات التي يتم استقبالها دون أدني مشكلة و تتلق الرعاية اللازمة, مشيرا إلي أن أقسام الطوارئ بكل المستشفيات علي مستوي الجمهورية تستقبل سنويا14 مليون حالة. وقال إن الوزارة تعاملت مع توجيهات المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء- في هذا الصدد بتعليق لافتة كبيرة بكل مستشفي بها نص القرار وحقوق وواجبات كل من المستشفي والمريض وتم تخصيص خط ساخن برقم137 يعمل لمدة24 ساعة لتلقي أي شكاوي تتعلق بعدم تنفيذ القرار أو أي شكوي تتعلق بسوء الخدمة كما تتواجد إدارة للشكاوي بوزارة الصحة للغرض ذاته. الدكتور أحمد عماد رئيس مجلس إدارة مستشفيات جامعة عين شمس: المستشفيات الجامعية هي حارس مرمي مصر ... ولا يمكن أن تمتنع عن تنفيذ قرار علاج حالات الطواريء بالمجان مستشفي عين شمس التخصصي كان لأسابيع بطلا لقصة جديدة من قصص الإهمال وكانت ترجمة واضحة لعدم التزام المستشفيات بقرار رئيس الحكومة بتقديم الرعاية اللازمة لحالات الطوارئ في أول48 ساعة من الإصابة بالمجان... فقد توفي الطفل يوسف محمد بقطع غائر في الرقبة بعد رفض المستشفي استلامه الا بعد أن يسدد ذووه بخزينة المستشفي مبلغ8 آلاف جنيه.... فهل يمكن أن يتكرر السيناريو مرة أخري في أي مستشفي جامعي آخر خاصة وانه الملاذ الأخير للمرضي في ظل عدم قدرة البعض علي اللجوء لمستشفيات خاصة؟ وكيف تعامل مستشفي عين شمس التخصصي مع تلك الواقعة؟ من جهته قال الدكتور أحمد عماد عميد كلية الطب بجامعة عين شمس ورئيس مجلس إدارة مستشفيات الجامعة إن القرار ينص علي تقديم الرعاية اللازمة والعلاج المطلوب لحالات الطوارئ بالمستشفيات الحكومية و الخاصة لمدة48 ساعة دون أي تعطيل بشرط أن تقدمها المستشفي التي تقع في محيط5 كيلو مترات من حدوث الإصابة, إلا أن الواقع يؤكد وجود العديد من الحالات التي تطلب تلقي الرعاية في أقسام الطوارئ في حين أنها حالات مزمنة ولا تنطبق عليها الشروط الواردة بنص القرار. يضيف أن مستشفيات جامعة عين شمس تتلقي من جانبها كمستشفيات جامعية لا يستثنيها القرار كل الحالات التي تحتاج للرعاية سواء في أقسام الطوارئ أو غيرها مشيرا إلي أن الجولة الأخيرة التي قام بها الدكتور السيد عبد الخالق وزير التعليم العالي- كشفت عن وجود كل الأجهزة الحديثة المتعلقة بعلاج المرضي في العديد من التخصصات ووجود الكفاءات البشرية من الأطباء المتميزين و بالتالي فلا مبرر لعدم تنفيذ القرار من قبل مستشفيات الجامعة. وبالنسبة لمستشفي عين شمس التخصصي يقوم باستلام الحالات المجانية إلي جانب تقديم الرعاية للقادرين ماديا مشيرا إلي أن كل موظفي المستشفي لا يتقاضون رواتبهم من الدولة كباقي المستشفيات و انما من خلال عائد المستشفي من تقديم الخدمات الطبية المختلفة. وفيما يتعلق بحالة الطفل يوسف محمد التلميذ بالصف الثالث الابتدائي بمدرسة عمار بن ياسر بالمطرية والذي لقي حتفه منذ أسابيع بعد سقوط أحد الألواح الزجاجية عليه قال إن الطفل أصيب بما يعرف علميا بصابكليفيان وهو قطع بأحد الأوردة بالرقبة والذي يتصل بالقلب مباشرة و هي اصابة تفضي إلي الموت خلال30 دقيقة من الإصابة. وأوضح أنه من المفارقات أن الزجاجة التي سببت الجرح في رقبته كان وضعها مساعدا علي وقف النزيف إلا أنه اسعافا للحالة قام مستشفي المطرية التعليمي الذي نقل إليه فور الاصابة بإزالتها مما ضاعف من النزيف ومع عدم وجود الامكانيات اللازمة بالمستشفي تم نقله الي مستشفي الزيتون بعد ساعة ونصف من الاصابة ثم ابلغهم المستشفي بعدم وجود التجهيزات اللازمة فتم نقله إلي مستشفي عين شمس التخصصي بعد3 ساعات كاملة من الاصابة. وأضاف قائلا: المستشفيات الجامعية الملاذ الأخير لعلاج المرضي في مصر وهي حارس مرمي مصر حيث لا بديل أمام أي مريض لا يجد العلاج في أي مستشفي سوي المستشفيات الجامعية علي مستوي الجمهورية وعلي المواطنين الاطمئنان بأنه لا يمكن أن يمتنع أي مستشفي جامعي عن علاج أي مريض تحت أي ظروف. د. عبدالحميد أباظة مساعد وزير الصحة الأسبق: القرار صدر منذ التسعينيات وتم ربطه ب نفقة الدولة لمدة شهر في حكومة شرف وحتي الآن لم يجد تفعيلا قرار تلقي العلاج بالمجان لمدة48 ساعة لحالات الطوارئ ليس بالقرار الجديد ولم يكن اعلان الدكتور عادل العدوي وزير الصحة عن اقراره بالمفاجأة السارة بالنسبة للمواطن أو للطبيب أو حتي المستشفيات; فهو قرار مر بالعديد من المراحل والتي رصدناها مع الدكتور عبد الحميد أباظه الذي كان كادرا أساسيا بوزارة الصحة طوال40 عاما من عمره. يقول الدكتور عبد الحميد اباظة استشاري الكبد والجهاز الهضمي ومساعد وزير الصحة السابق إن قرار تلقي العلاج في المستشفيات بأقسام الطوارئ لمدة48 ساعة ليس بالقرار الجديد وانما صدر هذا القرار بالمضمون ذاته منذ عهد الدكتور اسماعيل سلام وزير الصحة الأسبق في حقبة التسعينيات; مشيرا إلي أن القرار ظل ساريا في عهد الوزير الذي لحق به وهو الدكتور محمد عوض تاج الدين وطالب حينها بتفعيله ثم الوزير الدكتور حاتم الجبلي في عهد نظام الرئيس الأسبق مبارك- مؤكدا أن المطالبة بتفعيل هذا القرار أصبح طقسا أساسيا لدي كل وزير يتولي حقيبة وزارة الصحة إلا أنه قرار غير مفعل علي الإطلاق علي أرض الواقع. يضيف أن الدكتور عمرو حلمي وزير الصحة الأسبق في عهد حكومة الدكتور عصام شرف تعامل بشكل مختلف مع هذا القرار حيث قال حينها إن المستشفيات خاصة الحكومية منها تعاني من عجز الموارد المالية لديها ولا يمكن تنفيذ مثل هذا القرار بهذا النص; فقرر حينها أن يتم تلقي العلاج من خلال قرارات العلاج علي نفقة الدولة بحيث يتحمل المريض جزءا من التكلفة من ناحية ولا تتحمل المستشفيات التكلفة كاملة من ناحية أخري إلا أن هذا القرار لم ينفذ سوي شهر واحد فقط ثم توقف نظرا لأن قرار العلاج علي نفقة الدولة لا يصدر للمريض إلا بعد تقرير اللجنة الثلاثية وهو تقرير لا يتم اعداده إلا بعد فحص الحالة من قبل الطبيب الاستشاري وتنفيذ القرار بهذا الشكل كان صعبا جدا من الناحية العملية. ويوضح أن من أهم أسباب عدم تنفيذ هذا القرار في العديد من المستشفيات خاصة المستشفيات الخاصة والمستشفيات الحكومية الاستثمارية هو غياب الضمير لدي العديد من الأطباء; فالطبيب لدي تخرجه أقسم علي تقديم كل ما يستطيع تقديمه لأية حالة مرضية حتي ولو ملقاة في الشارع والضمير الطبي يحتم علي الطبيب عدم رفض أية حالة طوارئ أيا كانت الأسباب خاصة مع وجود قرار يلزم كل المستشفيات حكومية وخاصة بضرورة تقديم الخدمة الطبية لأية حالة طارئة خلال ال48 ساعة الأولي بالمجان دون تحميل أية أعباء مالية علي ذوي الحالة المرضية. كما أن من أهم الأسباب كذلك معاناة منظومة الصحة المصرية ككل من الخلل الإداري; فالمستشفيات الخاصة والكلام علي لسان أباظة متصورة أنها أنشئت من أجل جني الأرباح وفقط وهي عدوي للأسف تفشت كذلك في عدد من المستشفيات الحكومية والجامعية وأصبحت تحذو المنهج ذاته; مشيرا إلي أنه يتلقي يوميا العديد من المكالمات الهاتفية التي يرجو فيها العديد من المواطنين تسهيل دخولهم أي مستشفي نظرا لرفض المستشفيات حكومية وخاصة- استقبالهم. ويؤكد أباظة أن عدم الالتزام بهذا القرار من قبل العديد من المستشفيات يرجع كذلك إلي ضعف المتابعة من قبل وزارة الصحة; والاكتفاء بتخصيص خط ساخن لتلقي شكاوي المواطنين من خلاله متسائلا: كيف يمكن لذوي حالة طارئة أن يتنبهوا للاتصال بالرقم الساخن وترك شكوي مع انشغالهم بمتابعة حالة طارئة قد تكون علي مشارف الموت؟ موضحا أنه لابد من تخصيص مكتب داخل كل مستشفي تسند إدارته لموظف مؤهل ومهمته متابعة تنفيذ هذا القرار وتذليل العقبات أمام أهالي المرضي علي أن توكل إلي مدير هذا المكتب كافة الصلاحيات التي تمكنه من تنفيذ مهمته التي تصب في النهاية في مصلحة المرضي بالدرجة الأولي. ويضيف ما أكثر القرارات الممتازة التي تصدر في بلدنا ولا تنفذ لأنه لا توجد متابعة ولا يوجد عقاب علي عدم التنفيذ كما أن الآليات الطرفية سيئة للغاية مؤكدا أنه لابد من تطبيق عقاب فوري علي كل مستشفي وكل طبيب لا يلتزم بتنفيذ قرار علاج حالات الطوارئ فهو السبيل الأمثل لجعل هذا القرار مفعلا علي أرض الواقع.