حضر وسط لفيف من زملائه في المدرسة إلي مستشفي دمنهور وعلامات الأسي الممزوجة بالغضب ترتسم علي وجوههم.. عمرو محمد16 سنة طالب بالمدرسة المنكوبة تحدث بلهجة عصبية, وقال: كتب لي عمر جديد كان من المفترض أن أصبح أحد الضحايا لكن القدر تدخل في اللحظة الأخيرة. ويضيف الطالب وحاجباه مقطوبان: يخرج كل صباح أتوبيسان من محافظة البحيرة إلي مدرسة الأورمان بالإسكندرية, ونظرا لزيادة الأعداد كنا نتكدس في الأتوبيسين بشكل خانق رغم مطالبتنا لإدارة المدرسة بتوفير أتوبيس ثالث لنقلنا لكن دون جدوي. وبنبرة عالية, يواصل الطالب حديثه, ويقول: كنا نتجمع في السادسة صباحا عند ميدان الساعة ويمر علينا الأتوبيس لينقلنا إلي المدرسة في رحلة تستغرق ساعة ونصف الساعة ويوم الحادث حضرت وزملائي في الموعد المحدد وأخذنا نضحك علي أحوال الأتوبيس الذي كان يتسبب في غيابنا عن المدرسة بسبب أعطاله الكثيرة رغم أننا ندفع كل المصاريف التي تطلبها إدارة المدرسة إلا أنهم كانوا لا يكترثون بالأتوبيس الذي يقلنا. ويشرح الطالب كيف وقعت المأساة علي مسامعه, ويقول: اكتظ الأتوبيس الأول بالطلاب فقررت وباقي زملائي انتظار الأتوبيس الثاني حتي لا نزاحم زملاءنا, والغريب أننا أخذنا نتبادل السلام والتحيات مع زملائنا في الأتوبيس قبل انطلاقه, وكأنهم كانوا يودعونا الوداع الأخير, وتحرك الأتوبيس إلي طريقة وبعد نصف ساعة من التأخير أخبرنا المشرف في المدرسة أن الأتوبيس الثاني حدثت به بعض الأعطال ولن يتمكن من المجئ, وهو ما جعلنا نتندر علي أحوال التعليم وذهبنا لتناول طعام الإفطار, حتي أخبرنا أحد زملائنا أن أتوبيس زملائنا تعرض لحادث عند منطقة أبو حمص وتم نقلهم إلي المستشفي. ويضيف الطالب: وقع الخبر كالصاعقة علي مسامعي, وتساءلت بداخلي: ماذا لوكنت أتوسطهم؟!.. وماذا كان مصيري هل سأكون قتيلا أم جريحا؟!, غير أنني طردت كل الأسئلة بداخلي وهرعت وأصدقائي إلي مستشفي دمنهور العام لمحاولة إنقاذ مايمكن إنقاذ, بحثنا عن زملائنا من المصابين لنعرف مدي حالاتهم وهل يحتاجون الي نقل دم أم لا, ثم أخذنا أرقام هواتف أقاربهم واتصلنا بهم كي يحضروا لهم, ثم نزلنا الي المشرحة والدموع منهمرة من أعيننا حزنا علي زملائنا الذين كانوا بين أيدينا من لحظات, وأخذنا نتفحص الجثث لكننا لم نستطع التوصل الي هوية أحد, فضلا عن أن المشهد جعلنا في حالة صراخ هسيتري. ويتساءل الطالب في حسرة وألم: ما ذنب زملائي وهم في مقتبل حياتهم أن يدفعوا فاتورة الإهمال,.. ومن المسئول عن ضياع أرواحهم؟ وإلي متي ستظل حوادث الطرق تحصد أرواحنا دون أدني وخز من الضمير؟, ليدخل الطالب في نوبه من البكاء ويرتمي في حضن زملائه الذين يواسونه علي فاجعتهم. ويقول ياسر محمد إبراهيم, طالب بالفرقة الثانية بمدرسة الأورمان الثانوية بالاسكندرية, إن الأتوبيس كان سائقه يضع أسفله جركن بنزين لاستخدامه في أي وقت, خاصة مع الأزمة التي تواجهها السيارات بنقص البنزين في المحطات, مشيرا إلي أن السائق كان يسير بسرعة كبيرة ولذلك لم يستطع السيطرة علي عجلة القيادة عندما فوجئ بسيارة تريلا تسير في الاتجاه المعاكس لينقلب الاتوبيس ويقع البنزين علي الأرض وفورا اصطدام السيارة الملاكي به خرجت شرارة لترتفع ألسنة اللهب. وأضاف, أن الأتوبيس مخصص لطلبة الفرقة الاولي, ولكن كان يوجد به بعض الطلبة من الفرقة الثانية, منهم محمد شوقي أبوشنب, ومحمود رضا, وعمرو الفحار, موضحا أن الاتوبيس عندما سقط علي الارض علت اصوات الاستغاثة من الطلبة لفقدهم القدرة علي فتح الباب والخروج من الاتوبيس, ولكن السرعة التي كانت عليها السيارة الملاكي جعلت قائدها لا يستطيع التوقف, لتصطدم بالاتوبيس وتحدث المأساة. وأكد أنه صادف الحادث مرور أتوبيس آخر ملك للمدرسة كان قادما من ايتاي البارود, رفض سائقه التوقف لانقاذ الطلبة بعد أن شاهد ألسنة اللهب مرتفعة. واستطرد, قائلا, ان بعض زملائه بالمدرسة فور علمهم بالحادث أرادوا التوجه الي المستشفي إلا ان المدرس احمد فؤاد رفض, وعندما اصر أحد الطلاب, ويدعي محمود صابر علي الخروج قام بالمدرس بصفعه علي وجهه بيده. كما رفض المعلم محمد سمير مدرس العلاقات العامة بالمدرسة التوجه لزيارة المصابين ومواساة أسر الضحايا, قائلا: لو الطلبة دول من الاسكندريةكنا رحنا زرناهم ولكن دول طلبة من الأرياف خليهم يفضوا شوية. أما محمود صابر الدمرداش, الطالب في14/2 قسم ارشاد سياحي, فقال, انه علم بالحادث من بعض زملائه الذين عنفوه لحضوره الي المدرسة وعدم الذهاب الي المستشفي للاطمئنان علي زملائه ولكنه لم يصدق وعندما شعر بصدق ما سمعه حاول الخروج من المدرسة لكن المدرس أحمد فؤاد صفعه علي وجهه بيده ومنع خروجة,لافتا إلي أن مدير المدرسة سمح للطلبة بالخروج قبل انتهاء اليوم الدراسي بدعوي إجراء صيانة بالمدرسة يومي الاربعاء والخميس, موضحا ان المدير فعل ذلك حتي لا تحدث ثورة من الطلبة ضده. وقال انه لم ير مدرسا او مسئولا بالمدرسة في المستشفي لزيارة المصابين ومواساة اسر الضحايا, وعندما يقوم بإجراء الاتصال بأي مدرس يقول له: احنا في الطريق, إلا أنه تفاجأ بأنه لم يحضر.