حملت مخلتي, وذهبت إلي حماري, أشكو إليه حالي انتصبت أدناه, ورفع رأسه, وعاف البرسيم المكوم أمامه, وأخذ ينهق, خفت علي نفسي الفزع فأطلقت ساقي للريح ولكنه يا سيدي لم يدعني أفلت, فأنطلق خلفي كالرهوان وكاد يصرعني بحوافره, ولقف ياقتي بأسنانه, وهنا نعيت عمري, وكأنني صعبت عليه فتركني لأسترد أنفاسي المضطربة أو هكذا خمنت, نفر في وجهي نفورا, ابتللت برذاذه, نسيت أن أقول لك إن حماري نال درجة الدكتوراة برسالة الزمان المهموز في علم النفوس من جامعة السوربون الواقعة خلف عربخانة العرايس لصاحبها علي أخبار, اطمأن الحمار إلي وقوفي وترهل قدرتي علي الحركة فقال: الحال عال العال, والقشية معدن, والمشكلة فيك أدركت الآن أفق ثقافة حماري؟! أستطرد حماري: ألا تدخل الحمام؟ ألا تنام؟ ألا تداعب جسدك؟ وبالطبع أنت تعرف أنه أثناء كلامه إنفلتت ياقتي من خشمه, وبدأ نفسي ينتظم ويتباطأ مما أسبغ هيئتي بالهدوء, ومن الأدب واللياقة الرد علي أسئلته, فقلت: أقضي في الحمام الوقت المتمدد هاربا من برامج الTV. علي فكرة حماري يتشدق بلكنته الغربية ولذلك تلمحني مدفوعا لمخاطبته ببعض مصطلحاته فشقتي كما تعلم صغيرة, حجرتان من غير صالة. بال الحمار علي الأرض العفراء, صبرت عليه حتي فرعث مثانته, زممت أنفي, كدت أفطس, ففتحته فتحا مبينا, وفككت عن لساني قيوده: أنام من المغرب وأحيانا من العصر تخلصا من مطالب عيالي وأمهم التي لاتنفد, تخيل أنهم( أمبارح) أصروا علي الأكل ثلاث مرات!! وأهرش جسمي عمال علي بطال, فالبراغيث تدمن طعم دمي الفاتح للشهية كالبراندي. قرفص الحمار علي مؤخرته, تمرغ في التراب, عقص أذنيه, تطوحت البردعة بعيدا, تقلب علي الأرض حتي جلس علي البردعة, لعق لعابه ثم قال: هذا الكلام الفارغ لا يرضي عنه دعاة التنوير هذه النتيجة خلص إليها حمير هيجل وجون ستيوارت ميل وسارتر في مبحثهم المعنون بتهافت ذوات الأربع علي أحذية الكعب العالي والمنشور في جريدة( كرباج ورا) وملحقها كتاب( حلق حوش) وكل المطلوب منك أن تتشبه بأولاد الذوات, الحكمدارية والباشوات ورواد مقاهي الاستاكوزا, تصور النساء العاريات بفرشاة الشبق, وتستميل الجان والعفاريت, وأنس جان فالجان( بتاع) فيكتور هوجو, وأضمن لك. خلال سنة واحدة نشر خمسة كتب, وتصوير رواية في الTV وتشتري ياعم سيارة آخر موديل/ موديل مادونا, ولو هاجمك واحد موتور, ستجند لك الصحف لتتهم المجتمع بالتخلف, وفي برنامج بدون رقابة سننصب لك عرشا في الغيطان, علي الأقل تشاركني الكلأ. أسكت, أعدل ياقتي, ولكن الحمار بن الحمار خشية خلط الأنساب نهق نهيقا مبحوحا ولماذا ينهق الحمار؟ نبراته تضطرد في الأرتفاع. من الذي يسطر كفاح طفل الحجارة المحروم من شرب اللبن والذي هرم وهو مازال في المهد صبيا, من الذي يدندن بحدوته, المصري الغلبان الذي سافر إلي بلاد البترول وهناك خلطوه في خلاطات الأسمنت, وأودعوه المشرحة, وفي المشرحة مائة ألف رأس وعمامة: قام الحمار.. استدار عائدا, جريت خلفه لأواجهه, لم ينطق بحرف, فقلت له: عموما سأرسل هذه الحوار إلي عصبة الحمير بجنيف فأدار جسده الناحل كالبهلوان ورفسني( بالجوز):