رفض الاسكتلنديون بوضوح الاستقلال عن بريطانيا في استفتاء تاريخي لكن حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سارعت أمس الي قطع وعد بمنح المناطق الاربع التي تشكل المملكة المتحدة سلطات اوسع. وبعد اسابيع من الترقب الشديد فاز رافضو الاستقلال ب3,55% من الاصوات بفارق كبير عن مؤيدي الاستقلال الذين حصلوا علي70,44% من الاصوات بحسب الارقام الرسمية الصادرة أمس بعد انتهاء عمليات الفرز في جميع الدوائر ال32 في اسكتلندا. وحصل الوحدويون علي مليونين والف و926 صوتا مقابل مليون و617 الفا و989 صوتا للاستقلاليين في الاستفتاء. وبعد حملة اثارت تعبئة كبيرة في صفوف الاستقلاليين في مناطق كثيرة من العالم, قال المسؤولون ان الاستفتاء سجل نسبة مشاركة قياسية وصلت الي6,84%, وهي الاعلي في انتخابات في بريطانيا حتي الان. وتشكل هذه النتيجة خيبة امل كبري لرئيس وزراء المنطقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي اليكس سالموند بعدما اشارت استطلاعات الراي في اواخر الحملة التي تقدم كبير لمعسكره, فيما تعتبر انتصارا شخصيا لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي كان يخشي تفكك بريطانيا. وخلفت النتيجة ايضا ارتياحا لدي عدد من القادة الاوروبيين القلقين من انتقال هذا النموذج القومي الي دولهم بدءا من قادة بروكسل وصولا الي باريس ومدريد, وكذلك لدي واشنطن او بكين. كما اشاعت النتيجة اجواء ايجابية في بورصة لندن التي فتحت بارتفاع بلغ75,0% حيث وصل الجنيه الاسترليني الي اعلي مستوي له امام اليورو منذ سنتين. والصلاحيات التي وعدت بها لندن يمكن ان توسع الي مناطق اخري في الاشهر المقبلة بعد الزلزال السياسي الذي احدثه هذا الاستفتاء. وظهر ديفيد كاميرون امام عدسات الصحافيين لتوجيه رسالة ثلاثية: النتيجة الواضحة تحل مسالة الاستقلال علي مدي جيل, الوقت الان هو للوحدة من اجل المضي قدما. وقال ان الوعود بسلطات اضافية التي قطعت للاسكتلنديين ستحترم وستوسع حتي لتشمل انكلترا وويلز وايرلندا الشمالية. وفي ادنبرة صرح الكس سالموند بانه سيحرص علي ان تتسلم السلطات الصلاحيات الجديدة في ما يتعلق بالضرائب والنفقات الصحية. لكنه حرص علي القول بان اسكتلندا لم تحسم قرارها لصالح الاستقلال في الوقت الراهن تاركا الباب مفتوحا امام استفتاء اخر ليحذو بذلك حذو السياديين في كيبيك. وقد يكون كاميرون تجنب سيناريو كارثيا الان يتمثل بتفكك بريطانيا, لكن هناك انتقادات شديدة له في صفوف حزبه حول كيفية ادارته لازمة الاستفتاء الاسكتلندي وحجم الوعود التي قطعها لاسكتلندا. وسيتم تفصيل هذه الصلاحيات في وثيقة عمل بحلول نوفمبر علي ان تعرض علي البرلمان. وحذر مايكل تشاندلرز من معهد أر يو اس اي من ان الاستفتاء لم يتمكن من تدمير الاتحاد لكن تداعياته يمكن ان تزعزع الاستقرار وصولا الي اسسه. من جهته قال توني ترافرس من معهد لندن للاقتصاد نحن نتجه نحو نموذج اكثر فدرالية للمملكة المتحدة. وهذه المسيرة المليئة بالعراقيل يصعبها ايضا الجدول الزمني السياسي. فقد شكلت الاحزاب الثلاثة التقليدية في بريطانيا- المحافظون والعماليون والليبراليون الديموقراطيون- حلفا مقدسا استثنائيا في مواجهة الاستقلال. ويمكن ان يتبدد هذا التضامن سريعا مع اقتراب الانتخابات العامة في مايو. واقر سالموند بهزيمته امام انصاره المحبطين بقوله قررت اسكتلندا بغالبيتها الا تصبح دولة مستقلة, مضيفا انني اقبل بحكم صناديق الاقتراع وادعو جميع الاسكتلنديين الي القيام بذلك والقبول بقرار الشعب. غير ان بوسع الزعيم الاستقلالي التباهي بالحصول في نهاية المطاف علي حكم ذاتي اوسع للبلد الذي يديره منذ سبع سنوات. وتعليقا علي نتائج الاستفتاء الذي التزم فيه شخصيا الي جانب الوحدويين, دعا رئيس الوزراء البريطاني المملكة المتحدة الي وحدة الصف متعهدا بمنح بلدانها الاربعة صلاحيات اوسع في ادارة شؤونها. وقال كاميرون في كلمة القاها امام مقر الحكومة البريطانية في لندن حان الوقت لمملكتنا المتحدة لكي توحد صفوفها وتمضي قدما معتبرا انه تمت تسوية مسالة استقلال اسكتلندا لجيل. وقال كاميرون ان الشعب الاسكتلندي قال كلمته وقراره واضح. قرر الحفاظ علي وحدة اراضي بلداننا الاربع( اسكتلندا وويلز وايرلندا الشمالية وانكلترا) ومثل الملايين الاخرين, انا سعيد بذلك. وتابع مثلما سيحصل الاسكتلنديون علي المزيد من السلطات في ادارة شؤونهم, كذلك يجب ان تكون لسكان انكلترا وويلز وايرلندا الشمالية صلاحيات اكبر في ادارة شؤونهم. وسبق ان وعد كاميرون بتوسيع الحكم الذاتي لاسكتلندا, غير انها اول مرة يقطع تعهدات مماثلة للبلدان الثلاثة الاخري. وتوجه الي الاسكتلنديين مباشرة, فقال الي الذين يشككون في اسكتلندا بالوعود الدستورية المقطوعة, دعوني اقول لكم ما يلي: سبق ان نقلنا صلاحيات في ظل هذه الحكومة, وسنقوم بذلك من جديد في الحكومة المقبلة. واضاف ان الاحزاب الوحدوية الثلاثة قطعت تعهدات بمنح البرلمان الاسكتلندي صلاحيات اضافية, وسنتثبت من الوفاء بها. من جهتها قالت لويز فليمينغ ان اسكتلندا اتخذت قرار صائبا. وفي ردود الفعل, رحب الرئيس الاميركي باراك اوباما بنتيجة الاستفتاء وهنأ اسكتلندا علي هذه الممارسة الديموقراطية الكاملة والنشطة. وقال اوباما في بيان ليس لدينا اي حليف اقرب من المملكة المتحدة, ونتطلع لمواصلة علاقتنا القوية والخاصة مع كل شعب بريطانيا العظمي وايرلندا الشمالية فيما ننهض بالتحديات التي تواجه العالم اليوم. كما رحبت كندا بفوز رافضي الاستقلال في اسكتلندا فيما تابع الانفصاليون في كيبيك الحملة عن كثب واعتبروا انها كانت مصدر وحي. وقال وزير الخارجية الكندي جون بيرد في بيان ان الشعب الاسكتلندي حسم خياره عبر هذا التصويت بالبقاء ضمن مملكة متحدة قوية. ان كندا ترحب بهذا القرار. واثارت الحملة اهتماما كبيرا في العالم. ومع ظهور اعلام من كاتالونيا وكورسيكا وبلاد الباسك ومنطقة بروتانيه في الحملة لاحت مخاوف بين القادة الاوروبيين في بروكسل من انتقال العدوي القومية.