ينتظر أن تشكل الدورة ال12 من مهرجان الفلكلور الدولي للفنون الشعبية, التي انطلقت فعالياتها, ليلة( الجمعة الماضية), بفضاءات مسارح, مدينة هيداليجو, فرصة أمام المنظمين لمواصلة توجههم المعلن نحو إعطاء نفس جديد للمهرجان بتقديمه لرؤية جديدة للحدث مستمدة من التقاليد, مع التحول نحو التجديد والإبداع. وتحول المهرجان, في السنوات الأخيرة, إلي مناسبة يطرح خلالها المهتمون بالثقافة مختلف الأسئلة التي تهم حاضر ومستقبل الفنون الشعبية في أمريكا اللاتينية, خاصة علي مستوي الدعوة إلي إصدار نصوص تحمي الفنون اللامادية من المسخ والتشويه, بالمحافظة علي ثوابته, في احترام تام للمسار التاريخي لهذه الفنون ولسكان تلك البلاد, وكذا العناية بالممارسين, علاوة علي الاهتمام, أكثر, بالمهرجانات الخاصة بالفنون الشعبية ودعمها بالإمكانات المادية والمعنوية الضرورية لاستمراريتها وتحقيق أهدافها, وتكليف المتخصصين, في ميدان هذه الفنون, بالإشراف علي تنظيمها. وتؤكد مؤسسة مهرجان أس أي أف الأهلية بالمكسيك, التي عهد إليها, في الدورات الأخيرة, تنظيم المهرجان, أنها تحاول أن تعطي للتظاهرة نفسا جديدا, ضمن رؤية تسعي للمحافظة علي الفنون الشعبية بأمريكا الجنوبية وإنعاشها, والعناية بالممارسين, ولذلك تعمل, ضمن هذا المسعي, علي إطلاق مشروع مدينة للفنون الشعبية, ينتظر أن يشمل مركزا للمؤتمرات, ومسرحا, واستوديوهات تدريب وتسجيل, ومركزا للتوثيق والأرشيف, ومكتبة إعلامية, ومتحفا رقميا, ومتحفا مخصصا في الأزياء والآلات الموسيقية التقليدية. ورغم أن المهرجان الدولي للفنون الشعبية يعتبر أقدم مهرجان بالمكسيك, والتظاهرة الفنية الوحيدة التي تسلط الضوء علي التراث الشعبي, النابع من مختلف عواصمأمريكا الجنوبية, فضلا عن أنه يشكل مناسبة لتثمين الموروث الثقافي اللاتيني, وفرصة لإنعاش القطاع السياحي بالمدينة السياحية هيداليجو, فإنه لم يستطع, حسب عدد من النقاد, المحافظة علي الإشعاع المرجو منه, في الوقت الذي استطاعت فيه مهرجانات أخري أكثر حداثة منه, علي المستوي الزمني, أن تضمن لنفسها صيتا ومكانا متميزين علي مستوي المتابعة والحضور الجماهيري والترويج الإعلامي. وإذا كانت الفنون الشعبية, في المكسيك, تشكل جزءا من الحياة اليومية للمكسيكيين ومرجعية للهوية الوطنية, فإن مهرجان الفنون الشعبية, الذي انطلق, في دورته الأولي, سنة.1960 تحت مسمي مهرجان فولكلور أمريكا اللاتينية, ظل يشكل, بحسب المتتبعين, شهادة للوحدة في التنوع, من خلال تقديم ثقافة تتشكل من ثلاثة مكونات أساسية, أوروبية وهندية وأفريقية, تعتني بالموروث اللاتيني والآثار الأندلسية, فيما تنفتح باستمرار علي الثقافات الأخري, من دون أن تفقد أصالتها. وتتميز الفنون الشعبية المكسيكية بالتعددية التي تتجلي في اللهجات المختلفة والإيقاعات والتعابير الجسدية والموسيقية المتنوعة, والتي لها بعدها الثقافي والميثولوجي العميق, سواء تعلق الأمر بالأهازيج الموسيقية أو بالتعابير الكوليغرافية. ويري عدد من المراقبين أن المهرجان قد تعرض للتهميش لصالح الاتجاهات الفنية الجديدة, مع أنه يبقي واجهة لاستعادة الموروث اللامادي للبلد, وتقديم العروض الفنية الوطنية, الهادفة إلي توفير مساحة للتعبير عن جميع الفرق التي تعمل في حقل الفنون الشعبية, وأيضا من أجل الحفاظ علي هذه الكنوز الفنية الثمينة. غير أن الفنون الشعبية, بقدر ما هي تراث لا يقدر بثمن, توجد, اليوم, في طور التهميش. ويقول علي الجندي, المدير الفني لفرقة أسكندرية للفنون: الفنون الشعبية تواجه, اليوم, خطر الاندثار, خاصة أن التطور الطبيعي لم يعد مضمونا, فيما المخزون الفني يسير نحو الاندثار, وغياب الشباب أصبح واضحا داخل المجموعات الفنية الفلكلورية, كما أن صناع الآلات الموسيقية في انقراض متواصل. خطر آخر يتهدد الفنون الشعبية, يتمثل, حسب المخرج المصري علي الجندي مدير فرقة الإسكندرية للفنون الشعبية, في مظاهر وتأثيرات العولمة التي أحدثت تغييرا كبيرا علي المجتمع, وأضعفت الفنون الشعبية. اليوم, يبدو من الضروري توعية المواطنين وصناع القرار بالتهديدات التي يتعرض لها هذا التراث, والعمل علي رفع مستوي هذه الفنون المؤسسة للثقافة. إنها أولوية بالنسبة لهوية البلاد, وهي, أيضا, فرصة كبيرة لكي نجعل منها رافعة اقتصادية واجتماعية في سياق السياحة الثقافية المستدامة. ويضم الوفد المصري المشارك في مهرجان الفلكلور الدولي بالمكسيك كلا من: علي الجندي مدير الفرقة, إيمان حمدي مندوبة العلاقات الثقافية الخارجية, شريف الجندي, شريف عبد الرازق, عمر علي الجندي, خالد السيد, مصطفي عصام, أحمد عبد الله, هايدي سمير, منار عماد الدين, أنجي الميساوي,نورين هشام, مريم عماد, آلاء توفيق. ويستقبل فضاء ومسارح هيدالجو, إلي غاية ليلة22 سبتمبر الحالي, عروضا فنية, تقدمها12 فرقة فلكلورية, قادمة من مختلف دول أمريكا اللاتينية ومن مصر, تضم نحو300 فنان, من المكسيك وبيرو, وكوستاريكا, وبنما, وكوبا, وشيلي, وإضافة إلي فرقة الاسكندرية للفنون الشعبية ضيفة للشرف في دورة هذا العام من المهرجان الدولي للفنون الشعبية بالمكسيك اعتبارا من10 الي27 سبتمبر الجاري, حيث تقدم عددا من أجمل العروض الفنية التي تعبر عن الثقافة المصرية والسكندرية., وغيرها من الفرق المحلية في المكسيك التي تعطي الصورة الجمالية للمهرجان.