الرجوع للأدب فى الدراما كان ظاهرا بوضوح فى موسم دراما الأخير، وما قبله، وشهدت الدراما التليفزيونية هذا العام عددا من الأعمال اعتمدت فى كتابتها على وسيط أدبى سواء كان رواية أو مسرحية، كما رأينا فى مسلسل دهشة المأخوذ عن مسرحية الملك لير لشكسبير، وكذلك سجن النساء المأخوذ عن مسرحية بنفس الأسم للكاتبة الراحلة فتحية العسال، وأيضا أنا عشقت المأخوذ عن رواية تحمل الاسم ذاته للروائى محمد المنسى قنديل، وقد أجمع عدد من كتاب السيناريو وكتاب الرواية على أهمية الرجوع للأدب بعد طول غياب مؤكدين أنها ظاهرة عالمية الكاتب والسيناريست محفوظ عبدالرحمن أكد أن استخدام الأدب فى الدراما يتوقف على براعة وقدرة السيناريست الذى ينفذ العمل ورفض إطلاق اسم ظاهرة أو إعتبارها نوع من الإفلاس لدى كتاب السيناريو، وقال هذه ظاهرة عالمية موجودة، وسوف تظل وأغلب الأعمال الكبيرة والتى حققت نجاحا كبيرا كانت مأخوذة عن أعمال أدبية كبيرة واستحسن محفوظ فكرة استخدام المسرحيات فى الدراما، وقال أتمنى أن نقترب من المسرحيات العالمية أكثر لأن بها الكثير من الموضوعات التى يمكن الاستفادة منها فى أعمال درامية ناجحة، كما حدث مع هاملت. وأضاف محفوظ التراث العالم ملىء بما يستحق أن نلجأ إليه لنقله بوجه نظر أخرى فالتنوع مطلوب واللجوء للأعمال الأدبية هذا العام كان من أبرز ما ميز الدراما. ويرى السينارست محمد السيد عيد أن الاعتماد على الأدب مطلوب دائما بشرط واحد هو أن يستطيع كاتب السيناريو ترجمة النص الأدبى وتحويله إلى عمل درامى بشكل جيد ليس فيه إهدار لقيمة النص، وهذا من شأنه أن يفيد الدراما، ويرفع من مستواها. وأكد أن الأعمال التى أخذت عن الأدب كانت أغلبها ناجحة وتفيد الدراما وترفع من مستواها، وكانت متميزة بشكل كبير، وقد تابعت مسلسل سجن النسا، وكان بالفعل متميزا وحقق نجاحا. وقال عيد ليس هناك مواصفات معينة لتحويل العمل الأدبى، ولكنه فقط يحتاج إلى كاتب مثقف لديه اطلاع على الأدب ليستطيع اختيار أعمال تثرى الشاشة، وقد بدأت كتابة السيناريو بتحويل الزينى بركات، وحقق نجاحا كبيرا ولا ننسى أن الكاتب المتميز محسن زايد برع فى كتابة سيناريوهات عن قصص لنجيب محفوظ وحقق من خلالها براعة وشهرة كبيرة. وتقول الروائية هالة البدرى أن أهم الأعمال الدرامية كانت التى اعتمدت فى كتابتها على وسيط أدبى، وقد كانت الرواية والمسرحية قماشة مختصرة تفرد فى عمل درامى لتظهر مضمونه، وقد حقق كتاب السيناريو نجاحات عديدة من خلال ذلك، لأن أهم ما يميز العمل المأخوذ عن وسيط أدبى أنه يحمل رؤيتين الأولى رؤية الأديب الذى كتب العمل والثانية رؤية السينارست التى أدخلت على العمل لتثريه.وقالت البدرى على الرغم من أننى أيقن بأن العمل الأدبى هو الأهم فان بعض الأعمال يستفيد من الدراما، كما حدث مع رواية ذهب مع الريح التى حققت نجاحا كبيرا بعد تحويلها، وكانت أفضل من العمل نفسه، وتظل برأيى أهم الأعمال الدرامية هى التى إعتمدت على الأدب، وهناك أعمالا كانت قصصا قصيرة جدا لنجيب محفوظ، ولكنها حولت لأعمال جيدة، ولكن الخطورة تكمن فى رؤية السينارست الجديدة، فكل عمل يحمل العديد من التأويلات ومن المهم أن يستطيع السينارست استحضار النص الأصلى لتوصيل رسالة المؤلف. من جانبها أشارت الروائية سلوى بكر إلى أهمية الرواية التى يتم تحويلها، وقالت إذا كان العمل الأدبى جيدا وراقيا وناضجا فنيا سوف تستفيد منه الدراما وركزت على أهمية الاختيار الجيد للنصوص الأدبية، وقالت لا داعى للاقتراب من الأعمال محدودة القيمة لأنها تفشل ويصبح العمل المكتوب مباشرة للدراما أفضل جدا. وأكدت بكر أن معظم من يكتبون للدراما، ومن يخرجون لها الآن لا يقرأون جيدا مشيرة إلى أن صلاح أبوسيف كان قارئا جيدا فى جيل نجيب محفوظ، ولهذا حققت أعماله نجاحا كبيرا، وكل من يلجأون إلى أعمال أدبية رفيعة المستوى كانوا مثقفين كبارا، وهذا غير موجود الآن وارجعت بكر الابتعاد عن الأعمال الأدبية إلى الطمع المادى الذى يرغب فيه بعض كتاب السيناريو، وقالت الخاسر الأكبر هنا هو الجمهور الذى يفقد الكثير من الموضوعات المهمة لدى بعض كتاب الروايات.