بعد نكسة 67 وما حدث لمصر من انهيار اقتصادي كبير بسبب الحرب هبت أم كلثوم لتعلن وقفتها الشامخة في إقامة حفلاتها الغنائية رغم ظروفها الصحية وتخصيص دخل هذه الحفلات لصالح المجهود الحربي، وقالت "لن يغفل لي جفن وشعب مصر يشعر بالهزيمة". وتسابق أدباء وفنانو مصر ليحذوا حذو كوكب الشرق، لدعم قدرات الجيش وتعزيز إمكاناته، في مواجهة القوة الإسرائيلية، ومن أبرز نماذج توظيف سلاح الفن في خدمة قضايا الوطن "قطار الرحمة" تلك الفكرة التي تبناها عدد من كبار الفنانين في منتصف القرن الماضي من أمثال فاتن حمامة، ماجدة، زوزو ماضي، أنور وجدي، تحية كاريوكا، ليلي مراد، أمينة رزق، وكمال الشناوي، شادية، حسين رياض، محمد كمال المصري، كارم محمود، محمود شكوكو، جلال حرب، عزيز عثمان، عماد حمدي، حسن فايق، سعاد مكاوي، مديحة يسري، محمد فوزي وغيرهم.حيث كانوا يسافرون عبر ربوع الوطن ليجمعوا التبرعات الخيرية للمساهمة في مشروعات اجتماعية وإنسانية، كما قام العديد منهم ببيع أغراضهم الثمينة في مزاد خيري يعود نفعه إلي الجمعيات الخيرية. وقدم عبدالحليم حافظ العديد من الأغنيات التي مازالت محفورة في قلوبنا ووجداننا، وعبرت عن مرحلة بالغة الأهمية في التاريخ العربي منذ الخمسينيات وحتي سبعينيات القرن الماضي، فقد كان صوت ثورة 25 المعبر عن أهدافها وطموحاتها، عاملا مهما من عوامل القضاء علي اليأس من قلوب المصريين والعرب بعد النكسة، كما غني للسد العالي، ولنصر أكتوبر، ولإعادة إفتتاح قناة السويس سنة 1975، بعد إغلاق 8 سنوات، ومن منا ينسي أغنيات مثل"عدى النهار" و"بالأحضان" و"فدائي" و"صورة" و"ذكريات"و"حكاية شعب" و"السد العالي" و"حبيب الملايين" و"أحلف بسماها وترابها"، و"خلي السلاح صاحي" "النجمة مالت ع القمر"، و"المركبة عدت"وغيرها من تأليف مبدعي الكلمة صلاح جاهين ومأمون الشناوي وحسين السيد وعبدالوهاب محمد ومحمد حمزة. وعبدالرحمن الأبنودي ومصطفي الضمراني، والحان العمالقة محمد عبدالوهاب وكمال الطويل ومحمد الموجي وبليغ حمدي وفي أكتوبر73 كان الفنان المصري أول من هب وشد من أزر جيشه العظيم، ومنذ أول بيان للعبور توافد الفنانون علي مبني الإذاعة والتليفزيون ليقدموا دون مقابل براهين عملية علي حبهم لوطنهم بأغنيات منها "بسم الله"للمجموعة، " حلوة بلادي السمره"لوردة، " عبرنا الهزيمة "لشادية، "حي علي الفلاح" لعبدالوهاب، "أم البطل"لشريفة فاضل، "لفي البلاد ياصبية" لعبدالحليم وغيرها من الأعمال الخالدة التي مجدت وأرخت لنصرنا المجيد، وسجلت أسماء صانعيها بحروف من نور في سجل الوطنية. ومنذ ثورة 25 يناير وحتي يومنا هذا مرت مصرنا بالعديد من الأحداث والمحن والملمات والمخاطر التي أحدقت بها، ولم تجد مطربا تحمس أو مؤلفا تطوع، أوملحنا تقدم بلحن يجمع به أبناء الوطن، لنظل- علي قديمه- منذ قيام ثورتي 25 يناير و30 يونيو وحتي مشروعنا القومي الأكبر "تنمية محور قناة السويس" نأخذ دفعة وحماسة أغنياتنا الوطنية من مطربين ممتدي الصلاحية بحجم وقيمة وقامة عبدالحليم حافظ وشادية. "ياحبيبتي يا مصر "