ردا علي المزاعم والادعاءات الكاذبة والباطلة التي يروجها البعض حول أسر جنود وطيارين مصريين في ليبيا، نفت مصر بشكل قاطع صحة تلك الادعاءات وأعادت التأكيد علي نفي قيام طائرات عسكرية مصرية بقصف مواقع داخل ليبيا. وأدانت مصر بأقصى العبارات محاولات بعض الجهات الزج بها في الشأن الداخلي الليبي، والتي لا يخفي علي احد أهداف تلك الجهات الخبيثة والتي تتنافي مع مصالح الشعب الليبي ولا تحترم مؤسساته الشرعية. وجددت مصر في بيان لوزارة الخارجية أمس مواقفها الثابتة الداعمة لتطلعات الشعب الليبي الشقيق والرافضة لأية تدخلات خارجية في شئونه الداخلية، وأكدت ضرورة الحفاظ علي وحدة الأراضي الليبية وسلامتها الإقليمية. في الوقت نفسه، رحب وزير الخارجية الليبي محمد عبدالعزيز بالمبادرة المصرية بشان بلاده. وأكد الوزير الليبي في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري سامح شكري في ختام اجتماع دول الجوار الليبي بالقاهرة أن "أمن مصر هو من أمن ليبيا وأمن ليبيا من أمن مصر". وقال عبدالعزيز إن العمق الاستراتيجي لليبيا عمق استراتيجي لمصر وما يجري في ليبيا الآن من تطورات متسارعة وخاصة الصراع والعنف ومظاهر التطرف لاشك أن هناك أيضاً تداعيات سلبية علي مصر ودول الجوار "وبالتالي أصبح لزاما علي مصر ودول الجوار أن تهتم بالشأن الليبي". وأعرب عن سعادته بإعداد مصر لمبادرة تعكس نفسها في بيان اجتماع دول خارجية دول الجوار. وأوضح أن الاعتراف بأن مجلس النواب المنتخب عن طريق انتخابات نزيهة اعترف بها المجتمع الدولي سيقود العملية السياسية مستقبلا بالتعاون مع الحكومة في القريب العاجل. وأضاف وزير الخارجية الليبي أن هناك مبادرات أخري تسعي لهدم الدولة الليبية وعدم بناء المؤسسات. وقال إن مصر الآن تتبوء مكانتها كثقل إقليمي ومؤثر في الأحداث الموجودة مشيرا إلي أنه رغم انشغال مصر بقضية غزة إلا أنها تولي اهتماما بالقضية الليبية. وأكد أن "مصر دائما تقود ولا تقاد والدور المصري أصبح دوراً فاعلا في القضايا العربية والإقليمية". ورداً علي سؤال حول كيفية ترجمة عناصر المبادرة المصرية لواقع ملموس علي الأرض يشعر به الشعب الليبي، قال وزير الخارجية المصري إن المبادرة التي خرجت عن الاجتماع تصدر عن وزراء خارجية دول الجوار وهذا يعد مصدر قوة للبيان وهذه الدول وماتشكله من ثقل ودائرة اهتمام رئيسية وقدرة علي التأثير تطرح وجهة نظر ورؤية متكاملة فيما هو مطلوب من اتخاذ إجراءات لكافة الأطياف السياسية الليبية ودعم للشرعية الليبية ممثلة في مجلس النواب والحكومة. وأكد شكري أن هناك توافقا بين دول الجوار حول الإجراءات وتحديد العناصر الهامة فيها وهي في المقام الأول الابتعاد عن العمل العسكري والعنف والانخراط في وفاق وطني لاستعادة الاستقرار في ليبيا ووحدة التراب الليبي. ومن جانبه قال وزير الخارجية الليبي إن المبادرة جزء لا يتجزء من الجهود الإقليمية والدولية لدعم ليبيا في مسارها الديمقراطي والانتقال بطريقة سلسة لبناء دولة المؤسسات والقانون. وردا علي سؤال بشأن ما إذا كان هناك اتصالات تقوم بها مصر وباقي دول الجوار سواء مع المليشيات الليبية المؤثرة أو بعض الأطراف الأخرى، قال وزير الخارجية المصري إن الأطياف الليبية عديدة ومتعددة ولمصر اتصالات ومشاورات مع الكثير منها خاصة تلك التي تنبذ العنف والتي تبتعد عن الأعمال العسكرية. وأشار الوزير إلي مصر تتفاعل مع العشائر ورؤساء القبائل والنشطاء السياسيين وجميعا نتحاور معهم وكذلك السلطة الشرعية الليبية في مجلس النواب. وقال وزير الخارجية الليبي إن الصراع في بلاده الآن بين هؤلاء الذين يريدون التمسك بالشرعية وبناء دولة المؤسسات والقانون وبين من يقفون حجر عثرة أمام ذلك "ونحن نعاني من الإرهاب والتطرف واتجاهات أيدولوجية لا تنتمي لثقافة الشعب الليبي". وحول بعض الأصوات التي تطالب بالتدخل الأجنبي في ليبيا، قال وزير الخارجية المصري إنه كان هناك توافق إلي حد كبير فيما يتعلق بالابتعاد عن التدخل الأجنبي. وأضاف أن "مجلس الأمن يتناول القضية الآن من المنظور السياسي الذي يلبي احتياجات الشعب الليبي الذي يستطيع أن يصيغ مستقبله من خلال الحوار والتوصل إلي توافق ولابد أن يستمر التركيز علي العمل السياسي وتحقيق إرادة الشعب الليبي وفق الآليات التي يراها مناسبة والابتعاد عن أي تدخلات". وقال وزير الخارجية إن الجهد الذي تقوم به دول الجوار لليبيا لايعد تدخلا في الشأن الداخلي الليبي وإنما يأتي بمبادرة ومشاركة من الحكومة الليبية لصياغة ومساعدة الشعب الليبي علي تجاوز هذه الأزمة. وأضاف: "إننا لاندعو لأي تدخل في الشأن الليبي وخاصة التدخل العسكري ولكن نتحدث عن انخراط فعلي وحقيقي للمجتمع الدولي في إطار قرارات مجلس الأمن وولاية مجلس الأمن ونريد أن يستمر هذا الغطاء الشرعي فيما يتعلق بالشأن الليبي". وبالنسبة للرؤية علي المدي البعيد، قال إن "ليبيا تحتاج الآن لبناء قدراتها سواء الجيش أو الشرطة وتحديث نظام العدالة الجنائية بكل مكوناتها وإعادة تحديث جهاز المخابرات الليبي ولابد أن تعطي لها الفرصة للتمكن من حماية آبار النفط والمطارات وكل المنشأت الحيوية وإعادة الإعمار". وجدد وزير الخارجية الليبي تأكيده علي أن بلاده لم تطلب تدخلا عسكرياً ولكن "طلبنا توسيع بعثة الأممالمتحدة للاستقرار وبناء المؤسسات".