رغم بشاعة المجازر الدموية في الشجاعية وبيت حانون وخزاعة وخان يونس وغيرها من القري والمخيمات الفلسطينية في قطاع غزة, وسقوط آلاف الضحايا والشهداء وآلاف الجرحي والمصابين فإن غزة وأهلها صامدون تحت نيران المدافع والقصف الصاروخي, تدفن شهداءها, وتضمد جراحها, وتنهض من جديد وتقاوم, دفاعا عن الحرية والوطن والشعب والكرامة. والمؤسف أنه في الوقت الذي يتظاهر فيه عشرات الألوف في مدن العالم وعواصمه, يتداعي البعض في عالمنا العربي إلي لوم الضحايا, بل المساواة الظالمة بين إسرائيل المحتلة والمعتدية, والشعب الصامد في قطاع غزة. وفي ظل سكرتنا المشئومة هذه أيضا, نسينا أنه يجب وقف العدوان الصهيوني الهمجي أولا وإدانة مرتكبيه ومحاسبتهم, بوصفه خطوة رئيسية, بل ومفتاح نحو مناقشة خطوات التهدئة, التي يجب أن تشمل العناصر التي أدت إلي قيام هذا العدوان وفي مقدمتها الحصار اللا إنساني واللاأخلاقي علي قطاع غزة, والذي يتنافي مع كل الأعراف والقوانين ويتجاهل كل الاتفاقيات الدولية الناظمة للعلاقة بين المحتل والمحتلة أراضيه, وفي المقدمة منها اتفاقيات جنيف. خاصة أن الشعب الفلسطيني الذي يواصل صموده في معركة غير متكافئة, يؤكد إصراره وعزمه علي رفض التهدئة وفق الشروط الإسرائيلية, والشروط( الدولية) المجحفة, كما تواصل المقاومة والشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحديها العدوان, بمساندة ودعم الضفة الفلسطينيةالمحتلة والقدس وفلسطين التاريخية عام1948, وبدعم الشعب الفلسطيني في الشتات والمنافي, وفي ظل تضامن عربي غير مسبوق في حجمه وتجلياته في صفوف الشارع وحركته الوطنية, ليؤكدوا أن هذه المتغيرات السلبية التي عصفت بالمنطقة, خلال السنوات الأربع الماضية علي كارثيتها وتبعاتها, لن تثنيهم عن نضالهم وعن المطالبة بحقوقهم الوطنية الثابتة, وعنوانها الرئيس حق اقامة دولة فلسطين وحق العودة والعيش بكرامة واستقلال, مثلهم مثل بقية شعوب العالم. الفرق إذن واضح لكل صاحب ضمير حر وإنساني, بين العدوان والدفاع عن الذات وعن الكرامة والحقوق, بين استخدام الآلية العسكرية الصهيونية, والصواريخ الميدانية المتواضعة في قدرتها, ولكنها الأقسي حينما تمتلكها الإرادة بالنصر. ولذلك أعتقد أنه لاخيار أمام الشعب الفلسطيني إلا الوحدة الوطنيةومواصلة النضال بأشكاله المختلفة المشروعة, التي أقرتها جميع الاتفاقيات والمواثيق الدولية للشعوب المحتلة أراضيها في مواجهة العدوان والاحتلال والغطرسة وتجاهل الأعراف الدولية, وهذا مايمارسه قطاع غزة الصامد عبر مقاومته, وماتمارسه الضفة الفلسطينية عبر انتفاضتها, بدعم من اشقائهم في فلسطين التاريخية عام1948, وهم يدركون أن الفارق الجوهري بين العدوان القائم, والاعتداءات الهمجية السابقة, عنوانه التوحد الفلسطيني في مواجهته, والإصرار علي فك الحصار عن شعبهم وفي نيل الحرية والاستقلال بوصفه حقا مشروعا لأي نقاش أو مبادرات. هذا مايجب أن تدركه الدول العربية كافة ودول العالم ومجلس الأمن الدولي, وأن لاتختزل المعادلة القائمة إسرائيليا وعربيا وأمريكيا في هدنة مشروطة بين المعتدي والمعتدي عليه, فالقضية أصبحت أكثر وضوحا وتتلخص في عدوان بربري علي شعب بأسره, وأن فصائله وقواه قادرة علي الإمساك بناصية الحل الذي يتلخص في وقف العدوان وإدانة مرتكبيه ومحاسبتهم, بوصفه خطوة نحو حل يقود إلي إنهاء الاحتلال لا أكثر ولا أقل. ولعل يقوم به الاحتلال الصهيوني من إبادة جماعية لأطفال غزة ونسائها هو محاولة يائسة لستر الفشل العسكري في تحقيق أهداف العدوان التي أعلنها المجرم نيتانياهو وروج لها أركان حكومته الارهابية, نظرا لصمود الشعب الفلسطيني في قطاع مدعوما من جماهير الداخل والضفة لمواجهة الاحتلال سوف يغير جوهريا في طبيعة المواجهة الدائرة لأنه يرد الاعتبار إلي طبيعة الصراع, ومن شأن الثبات السياسي الفلسطيني أن يرغم الكيان الصهيوني علي الرضوخ لمعادلات ردعية جديدة نتيجة فشله في تحقيق الأهداف التي رسمها للعمليات الجوية والبرية, ومن الواضح انه يتجه إلي ارتكاب المزيد من المجازر, حيث يجاهر منظرو الحرب علي غزة بهذا الخيار تحت شعار رفع الكلفة الفلسطينية إلي مواجهة الاحتلال وبحجم التضحيات الشعبية السخية وبمعنويات المقاومين المرتفعة وبصلابة كتائب سائر الفصائل الفلسطينية المقاومة التي تعززت في ظروف القتال ضد العدو حيث لاصوت يعلو علي صوت المعركة.. لهذا كله, فإن الذين راهنوا علي شطب القضية الفلسطينية من ذاكرة الشعوب العربية, هؤلاء جميعا أصيبوا بإحباط شديد, لأن من يعتقد بأمان وينأي بنفسه عن القضية الفلسطينية, فهو واهم, لأن هذه القضية هي القضية المركزية للأمة العربية. ..ويوما ما.. قريبا جدا أراه..هذا اليوم سيأتي, سوف تنهض أرواح الشهداء في غزةوفلسطين كلها وتقتص من المجرمين والهمج في الكيان الصهيوني المحتل.