اعتاد الجميع في تقييم الحروب علي الحديث عن الخسائر, خاصة حروب الفترة الحالية التي تسمي' لامتماثلة', والتي لاتدور في البراري كما كان يحدث قديما والخسائر تنقسم إلي خسائر مادية تلحق المنشآت والمرافق, وخسائر بشرية تلحق بالأشخاص, وخسائر البشر تنقسم إلي قتلي ومصابين, وهكذا يتم الحديث عن ملايين الدولارات ومئات الأشخاص, وتبعا لتقييم معهد سيبري الشهير لأحجام الحروب, فإن أي حرب تعتبر' صراعا مسلحا رئيسيا' إذا كان عدد ضحاياها قد وصل إلي1000 قتيل تقريبا. لقد كان هناك جدل طوال الوقت حول تلك الطريقة في تحديد مدي خطورة الحروب, فأحيانا ما لايتم التركيز بما يكفي علي الخسائر المادية, التي قد تعود معها دول إلي العصور الوسطي, وأذكر أنه بعد حرب لبنان عام2006, قال رئيس الوزراء اللبناني في ذلك الوقت, أن مابني في15 سنة دمر في15 يوما. كما لايتم الاهتمام بما يكفي أيضا بأعداد المصابين, الذين يمثلون مشكلة حقيقية, ويتم التركيز فقط علي أعداد القتلي. في الفترة الأخيرة, بدأ الحديث عن أشياء أخري, كتأثير الحروب علي الأنظمة الطبيعية المحيطة بحياة البشر, وهي مسألة لا نعرفها كثيرا في الشرق الأوسط الذي دارت حروبه النظامية الماضية في مناطق صحراوية, إلا أن مايجري في مناطق آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية, التي تدور صراعاتها في وسط الغابات, يشير إلي نوعية أخري من الخسائر, التي تتعلق بنظام بيئي يتم تدميره, وبالتالي تدمير كل أشكال الحياة التي تعتمد عليه, سواء كانت حياة برية أو أنشطة بشرية. إن خبرا لطيفا قد نشر مؤخرا يقرر أن الهند قد قامت بنقل حوالي22 دبا من غابات منطقة البنغال إلي مناطق أكثر أمنا في الجنوب, لأن الثوار الماويين قد بدأوا يقتربون من المنطقة, حتي أنهم وضعوا لوحة تقرر أن من يهتم بسلامته عليه أن يخرج من الغابة, أو يتم إخراجه من الغابة, وبالطبع فإن المسألة ليست طريفة علي الإطلاق, فلن تكون تلك الغابات كذلك بعد فترة, إلا أن مسألة الدببة تلك ترف بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط, التي نحمد الله أنه لاتوجد بها دببة, وإلا أنها كانت ستنقرض. [email protected]