لا يلتقي طرفا هذا التحقيق, كل منهما بدا وكأنه يتحدث عن قضية مختلفة, فالمواطنون في أكثر من حي في القاهرة والجيزة أجمعوا علي الشكوي من ارتفاع أسعار المياه, والتقدير الجزافي لحجم الاستهلاك وعدم مرور قاريء العداد إلا مصادفة, أو مرة أواثنتين في العام, وأبدوا أسفهم وضيقهم بالارتفاع الجنوني لأسعار المياه, وأكدوا أن العدادات الجديدة لا تتوقف عن العمل حتي مع عدم الاستهلاك, في حين دافع المسئولون بشركة المياه عن جودة العدادات الجديدة ودقتها, وعدم الحاجة إلي قاريء نظرا لصعوبة التلاعب في القراءة, أو احتساب أي زيادة في الاستهلاك, وأعلنوا أيضا براءة الذمة من ارتفاع أسعار المياه قائلين إن المجالس الشعبية المحلية هي من يحدد الأسعار. كل طرف كان يتكلم عن شيء مختلف ولكن هناك فرقا بين مواطن يشكو من عبء جديد علي ميزانية مثقلة أصلا, ومسئول يتحدث بالأرقام المجردة: جانب من التفاصيل يقول ياسر سمير من حلوان إنه سئم من الشكوي علي مدي عامين ونصف العام بسبب التقدير الجزافي للاستهلاك وأن استهلاكه الفعلي لا يزيد علي24 مترا فقط كل شهرين ويفاجأ مع كل إيصال كتابة مغلق ويتم تسجيل90 مترا في كل مرة حتي وصل جملة استهلاكه خلال العامين الماضيين لأكثر من3 آلاف متر رغم أنه لم يستهلك أكثر من300 متر. ويضيف أن زوجته وأبناءه لا يتركون المنزل ويمكن لقاريء العدادات أن يقرأه حتي بدون وجود أحد داخل العقار وأنه حاول مرارا تقديم شكوي للمسئولين بشركة المياه لفحص العداد أو لمعرفة السبب في امتناع الكشاف عن أخذ القراءة علي الطبيعة دون جدوي, ويعاني جميع سكان المنطقة التي يعيش فيها من نفس المأساة. ويطالب بإرسال لجنة من وزارة الإسكان والشركة القابضة ومحافظة القاهرة لفحص الاستهلاك علي الطبيعة. مرة كل سنة ولم تختلف شكوي محسن مصطفي مصطفي المقيم بالمعادي عن الشكوي السابقة حيث يؤكد أنه يعيش في منزل مكون من6 شقق ومعدلات استهلاكها لا تتغير منذ سنوات وكانت الشركة تطالبهم شهريا بمبالغ تتراوح بين60 و80 جنيها وفوجيء بأن الفاتورة قفزت فجأة إلي340 جنيها رغم عدم حضور قاريء العداد إلا مرة واحدة كل عام.. وقد حاول الشكوي لفرع الشركة ولم يجد أي صدي لشكواه ويخشي في نفس الوقت أن يستبدل بعداده القديم عدادا حديثا, إذ لاحظ أن العداد الجديد لا يتوقف عن العمل ويدور بشكل دائم حتي في أوقات انقطاع المياه. ويقول الحاج كامل إمام مالك عقار بمنطقة البساتين أنه فوجيء بارتفاع فاتورة المياه حيث وصلت إلي12 ألف جنيه عن4 شهور اضطره إلي تقديم شكوي بشركة المياه برمسيس فأرسلت الشركة لجنة للكشف علي العداد واتضح أنه يقوم بسحب10% زيادة وتم استبدال العداد. ويضيف أنه توجه لشركة المياه بالمعادي لتخفيض قيمة الفاتورة نظرا لأن المبلغ المطلوب يفوق طاقة سكان العقار كما أن أغلبهم يذهبون إلي أعمالهم ولا يعودون إلا بعد الساعة الخامسة مساء وأن مساحة الشقق لا تتعدي70 مترا فقامت الشركة ببحث الشكوي المقدمة وتشكيل لجنة لمعاينة مساحة العقار الذي يحتوي علي11 شقة وانتهت إلي تخفيض المبلغ إلي3 آلاف جنيه. ثمانية أضعاف وتقول علياء أحمد سعيد من أبو وافية إن فاتورة المياه تضاعفت8 مرات خلال هذا العام بعد أن أبلغت عن تلف عداد المياه وتسريبه للمياه حيث تم استبدال عدادها بآخر وبدلا من أن تسدد ال10 جنيهات التي انتظمت في سدادها سنوات طويلة أصبحت مطالبة بتسديد80 جنيها شهريا حتي في أوقات يكون استهلاكها في أقل معدلاته نظرا لسفرها إلي الخارج وعندما تسأل عن السبب يؤكد لها المحصل أنها قراءات متأخرة وتطالبه في كل مرة أن تسددها كاملة لكنه يعود إليها في الشهر التالي بحجة أخري ويؤكد لها أنها رسوم صيانة وتمغات. أما رجب إمام رئيس اتحاد ملاك أحد العقارات بمدينة نصر فيؤكد أن تقدير فواتير المياه يتم كل شهرين علي الأقل من خلال الكشاف الذي كان يأتي ومعه جهاز تسجيل القراءات ولكنه الأن يأتي مرة أو مرتين في العام وتكون النتيجة تقديرات جزافية تفوق تكفلة الاستهلاك الحقيقي موضحا أن الشركة تفننت في التلاعب بالمستهلكين حيث اعتبرت أن سكان بعض المناطق الراقية بمدينة نصر أصحاب محلات وتقوم بمحاسبتهم تجاريا وتكتب علي الإيصالات منزل إذ كانت الفاتورة الخاصة بالعمارة المكونة من17 شقة لا تزيد علي140 جنيها وتدرجت حتي أصبحت900 جنيه مما جعل السكان يعترضون علي هذه القيمة وتشككوا في تلف العداد لكن أحد السباكين أكد أنه سليم وحذرهم عن أن يستبدلوا به عدادا جديدا لا يكف عن العد ليل نهار. لغز استبدال العدادات ويقول محمود زكي من الهرم إن أسعار المياه قفزت في الفترة الأخيرة قفزة هائلة وأصبحت لغزا يصعب فك طلاسمه خاصة بعد أن أصرت شركة المياه علي أن تستبدل معظم العدادات القديمة بعدادات جديدة بالرغم من كونها تعمل بكفاءة ولا توجد بها أي أعطال. ويوضح أن خطة التغيير والاستبدال كان لها مغزي آخر من قبل شركة المياه حيث تضاعفت المبالغ المستحقة وأصبح يسدد عن شقتين85 جنيها في كل فاتورة بالرغم من عدم مرور الكشاف منذ عامين. وقد اصطدمت هاديه حنفي من دار السلام بفاتورة المياه الشهر الماضي حيث فوجئت بأن المبلغ المستحق عليها في شهر واحد فقط يزيد علي ما كانت تدفعه في عام كامل وتؤكد أن ميزانية الأسرة لا تتحمل فواتير المياه والكهرباء التي تتعدي140 جنيها شهريا وزوجها موظف بسيط وراتبه يكاد يكفي احتياجات الأسرة وتمنت أن تحضر الشركة عدادات إلكترونية من الخارج مدونا عليها لوحة الكترونية يستطيع كل مستهلك أن يري من خلالها معدل استهلاكه وتكون مرتبطة الكترونيا بشركة المياه. وتروي أسماء محمد من شبرا حكايتها مع فواتير المياه قائلة إن قيمة الفاتورة منذ عام كانت تبلغ180 جنيها يتم تقسيمها علي6 شقق بمعدل30 جنيها عن كل شقة واستمر الوضع هكذا سنوات طويلة حتي فوجئت مع بداية2010 بارتفاع قيمة الفاتورة للنصف علي الرغم من سفر اثنين من السكان للخارج وقد وصلت360 جنيها بواقع60 جنيها عن كل شقة وبسبب عدم وجود بعض السكان أصبح كل مواطن مطالبا بمبلغ يتعدي90 جنيها ولم يجدوا سببا لهذه الزيادة المفرطة في أسعار المياه وعندما ذهبوا إلي المسئولين لتقديم شكوي طالبوهم بالدفع قبل الشكوي. وتصرخ ناديه إبراهيم التي تعيش في إحدي عشوائيات المقطم من الزيادة الكبيرة في أسعار المياه قائلة إنها فوجئت باستبدال عداد المياه وأصبح الجديد يسير بسرعة ولا يتوقف وبعد أن كانت تسدد7 جنيهات عن كل فاتورة أصبحت مطالبة بسداد نحو60 جنيها شهريا بالرغم من ثبات معدل الاستهلاك. عبء جديد أما صباح عبد الله فتقول إن فاتورة المياه أصبحت عبئا جديدا علي الأسرة المصرية فقد أصبحت قيمة فاتورة المياه تنافس غيرها في ارتفاع الأسعار متسائلة كيف تتم محاسبة المواطن علي هذه السلعة والمفترض أن يأتي قاريء العداد كل60 يوما ليسجل القراءة ولكنه لا يمر بإنتظام فتكون النتيجة تقديرات جزافية لفاتورة المياه تفوق تكلفة الاستهلاك الحقيقي فتدفع بين50 و60 جنيها رغم أنها موظفة ومعظم أفراد الأسرة غير موجودين بالمنزل في أغلب الأوقات. وتقول سميحة النبراوي تدفع90 جنيها كل شهرين في عمارة تتكون من10 شقق أي أن الفاتورة تبلغ900 جنيه رغم أنها منذ سنتين كانت تدفع30 جنيها وكانت قيمة الفاتورة300 جنيه وهكذا تضاعفت مرتين, ولا تعرف تفسيرا لذلك. ولا يختلف الحال كثيرا مع فاطمة أحمد التي تقطن بالقرب من ميدان رمسيس في عمارة معظم سكانها من الأطباء والمحامين الذين يعاملون معاملة التجاري أي الضعف لذا فهي تعاني من ارتفاع أسعار الفاتورة حيث تدفع مالا يقل عن60 جنيها كل شهرين رغم أنها تقيم في الشقة مع ابنها الصغير وزوجها فقط. ويقول فاروق عبد النعيم إنه منذ3 شهور يدفع110 جنيهات أما الشهر الماضي فقد دفع1001 جنيه عن عمارة تتكون من6 شقق أي زيادة900 جنيه مرة واحدة وتتحمل كل شقة160 جنيها قيمة فاتورة المياه. وتقول بهية إبراهيم أنها فوجئت في الفترة الأخيرة بإرتفاع رهيب في أسعار فاتورة المياه فبعد أن كانت تطالب بدفع300 جنيه عن كل فاتورة قبل6 أشهر أصبحنا ندفع600 جنيه رغم أن الاستهلاك ثابت ولم يزد كما أن المياه تنقطع ابتداء من الساعة12 مساء حتي6 صباحا.. وتتساءل كيف يرفعون أسعار المياه رغم عدم تحسين الخدمة. إحلال وتجديد ويقول المهندس مصطفي الشيمي رئيس شركة مياه الشرب بالقاهرة أن الشركة وضعت سياسة عامة وهدفا أساسيا للوصول اليه لتوفير العدادات الحديثة الإلكترونية لتصل الي مليون عداد وهي سياسة الإحلال والتجديد للعدادات القديمة ذات المشاكل المتعددة وقد تم تركيب330 ألف عداد لضمان الجودة والآداء في الخدمة المميزة وأن يدفع ما يستهلكه المواطن بالضبط دون أي زيادة فالعدادات الحديثة تمكن القارئ من ذلك حيث يستطيع الموظف قراءة العداد دون الحاجة لفتح باب العقار ويتم التسجيل إلكتروني دون تدخل العنصر البشري. وأشار الي أن العداد الصيني الموجود في الأسواق غير مطابق للمواصفات التي وضعتها الشركة القابضة والتي يتم علي أساسها إنتاج العدادات المحلية وأكد أنه يتم رفع العداد الصيني فورا عندما يتم العثور عليه لأنه يتم تركيبه دون رغبة الشركة أو إخطارها فهو مخالف. ويضيف أن تركيب العداد من خلال الشركة يتكلف نحو490 جنيها وبالتقسيط بأقساط في حالة عدم قدرة المواطن علي السداد الفوري. لكن المهندس محمد الألفي مدير جهاز تنظيم مياه الشرب وحماية المستهلك أكد أن الجهاز يتابع شكاوي المواطنين بصفة مستمرة سواء المتعلقة بارتفاع الفواتير والتقدير الجزافي أو أعطال العدادات موضحا أن الجهاز يتحرك علي الفور بإخطار الشركة سواء كانت في القاهرة أو المحافظات بضرورة بحث شكوي المواطن والرد عليه وحل شكواه بالطريقة السليمة والقانونية وإعادة حقه اليه وإذا لم يتم الرد عليه يتحرك الجهاز لمتابعة الشكوي والذهاب للمواطن في محل إقامته وبحث الشكوي. وأضاف أنه تم وضع برنامج لجودة مياه الشرب يتم تحقيقها من خلال طرق متعددة حتي تصل مياه الشرب بالجودة المطلوبة للمستهلك وذلك من خلال أخذ عينات عشوائية لمياه الشرب بمختلف مناطق الجمهورية وتحليلها وإصدار تقرير يتم تحويله للشركة بالمحافظة والتأكد من المعامل الخاصة بها وكذلك المرور علي معامل الشركات والتأكد من جودة المياه ومطابقتها للمواصفات الموضوعة من قبل الشركة القابضة ووزارة الصحة لضمان أنها جيدة وصحية ولاتوجد بها أي ملوثات, ويتم التنسيق مع الشركة القابضة لمياه الشرب وكذلك معامل وزارة الصحة حتي يتم التوصل في النهاية الي خدمة مميزة والقضاء علي شكاوي ارتفاع فواتير المياه والعدادات التي لا تعمل وتلوث المياه. ايضاح ويقول المهندس عمرو الوحش رئيس شركة مياه الشرب بالجيزة أن معظم المناطق ليس بها عدادات مياه ويتم محاسبة المواطنين تقديرا علي أساس عدد حجرات الشقة فعلي سبيل المثال إذا كانت الشقة تتكون من حجرتين وصالة تحاسب علي أنها ثلاث حجرات وكل حجرة توازي استهلاك8 أمتار مكعبة أي باجمالي24 مترا مكعبا للوحدة السكنية مقابل25 قرش ويضاف إليها40% نسبة الصرف الصحي. وبوضع الشكاوي أمام الدكتور عبد القوي خليفة رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي أكد أن من أهم المشاكل التي واجهت الشركة في بداية عملها هو عداد المياه حيث تزايدت الشكاوي من الاعطال المستمرة للعدادات والقراءات المرتفعة وعدم وجود قارئ وكذلك عدم توافر عدادات المياه التي يحتاجها الأهالي حيث يوجد في معظم المناطق عداد مياه واحد لكل عقار أو نظام التقدير الجزافي ولذلك قامت الشركة القابضة علي الفور بطرح مناقصة لتوريد عدادات المياه للشركة القابضة والشركات التابعة لها في المحافظات وقد تقدمت شركات محلية وأجنبية لتوريد عدادات مياه حديثة وذات جودة عالية إلا أن الشركة القابضة قامت بإرسال جميع العدادات الألمانية لمعايرتها للحصول علي أفضل العناصر المتقدمة ونجحت4 شركات مابين انتاج حربي وقطاع خاص في تصنيع العدادات المطلوبة بالشروط الموضوعة من الهيئة وبالمواصفات الحديثة حتي يتم توفير فرص عمل واقعية من ناحية وبأسعار تناسب المواطن المصري من ناحية أخري. القراءة عن بعد وأوضح أن العدادات الحديثة تتميز بخاصية القراءة عن بعد حيث يتم تزويد القراء بأجهزة حديثة لقراءة العداد دون الحاجة لفتح باب العقار حيث كانت الشكوي دائما من عدم وجود القارئ حيث أن القارئ يقوم بوضع الأرقام والقراءات دون المرور علي هذه العدادات ولأن القراءة الكترونية والتسجيل إلكتروني ولا يستطيع القارئ إدخال أرقام من ذهنه كما تلزم بضرورة المرور الشهري والقراءة الدائمة تتم خلال الفترة من2007 حتي2010 2 مليون عداد حيث تمت زيادة العدادات الحديثة من600 الف الي1.9 مليون عداد علي مستوي الجمهورية وأن العدادات الحديثة موجودة حاليا ومتوافرة بجميع أنحاء الجمهورية حيث يتم التعاقد مع الشركات ويتم سداد الرسوم وهي تقريبا475 جنيها ويمكن تقسيطها لغير القادرين ويتم التركيب دون تأخير. وقال إن المشاكل التي كانت تنجم من وجود عداد واحد بالعقار لأكثر من مشترك انخفضت حاليا موضحا أن عدد المشتركين حاليا بالشركة القابضة وصل الي عشرة ملايين مشترك بعد أن كانت6.5 مليون مشترك خلال عام2007 وأكد أن أسعار مياه الشرب تحددها المجالس الشعبية المحلية بالمحافظات ولم ترفع أسعارها منذ سنوات طويلة خاصة وأن تكلفة متر مياه الشرب جنيه واحد ويتم بيعه للمستهلك ب23 قرشا وتقوم الدولة بدعم الجزء المتبقي بين التكلفة والبيع للمواطن.