في غضون عامين فقط, تبدلت اللعبة السياسية في الولاياتالمتحدة علي نحو سريع وغير متوقع وتبدلت شعبية الرئيس الأمريكي من فوز تاريخي بالرئاسة إلي واحد من ادني مستويات الشعبية في تاريخ الرؤساء قبل انتخابات منتصف المدة اي بعد عامين من وصوله للسلطة, تقلب الحالة المزاجية للامريكيين مسألة شائعة علي مدي تاريخهم السياسي, ولكن هذه المرة يبدو الانقلاب علي الحزب الموجود في البيت الأبيض وصاحب الأغلبية في الكونجرس حادا, حيث يتوقع البعض خسارة تاريخية للديمقراطيين في انتخابات مجلس النواب بعد ان اتسع الصراع علي المقاعد ال435 ليشمل اليوم منافسة حادة علي100 مقعد وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الانتخابات الامريكية فيما يحاول الديمقراطيون الاحتفاظ بالاغلبية في مجلس الشيوخ, حيث يدور الصراع علي6 مقاعد في ولايات رئيسية منها كاليفورنيا وفلوريدا والاحتفاظ بالتفوق الديمقراطي في مقاعد حكام الولايات, حيث تدور الانتخابات في37 ولاية من اصل خمسين, الحالة الاقتصادية هي المحدد الاساسي في الانتخابات الحالية مثلما كان الحال مع الجمهوريين قبل عامين ولكن الرئيس اوباما رفع سقف التوقعات الي نحو غير مسبوق, حيث وعد الامريكيين بالسيطرة علي الانفاق العام وخفض عجز الموازنة وتوفير الوظائف وتقليل تأثير الازمة المالية الكبري علي الطبقة الوسطي ثم جاءت الرياح بما لايشتهي الرئيس أوباما! وفي مؤشرات تقدم دلالة واضحة علي المسار الصعب لاكبر اقتصاد في العالم, يقول75% من الامريكيين انهم يختبرون حالة بطالة او يعرفون شخصا مهددا بالبطالة وهو شبح مخيف لشعب يتمتع بمستويات من الرفاهية لاينافسه فيها سوي اقتصاديات شمال اوروبا وان كانت مستويات الفقر الدخل اقل من20 الف دولار في العام تقترب اليوم من20% كما ان صحيفة واشنطن بوست نشرت امس استطلاعا اظهر ان غالبية الامريكيين يخشون من عدم قدرتهم في المستقبل علي دفع ايجار المسكن او قسط الرهن العقاري, وتتميز الدعاية الانتخابية الحالية للحزبين الجمهوري والديمقراطي بالابتعاد عن القضايا التي سيطرت علي الرأي العام في مرحلة ما بعد هجمات11 سبتمبر مثل قضايا الامن القومي الي قضايا الاقتصاد ومن هو اقدر علي انتشال البلاد من الحالة الراهنة وهو ما رفع من مستويات الانفاق علي الحملات الانتخابية الي قرابة ثلاثة مليارات دولار, بل ان مرشحة واحدة فقط في ولاية كاليفورنيا يتوقع ان تتجاوز حملتها للفوز بمنصب حاكم الولاية160 مليون دولار بحلول يوم الانتخابات وهي اول مرشح يقدم اعلانات بلغات غير الانجليزية والاسبانية, حيث قدمت اعلانات باللغات الصينية والفيتنامية في اول عملية موسعة للوصول للاقليات في الولاية الكبري, ويحاول الديمقراطيون تحفيز ناخبيهم مجددا علي الخروج ومساندة مشروع اوباما للتغيير وعدم فقد الامل في مستقبل افضل ويقول محللون لو خرجت الاعداد التي انتخبت اوباما سوف يفوز الديمقراطيون او يحتفظون بالاغلبية في مجلس النواب وهو ما يدفع اوباما الي التركيز في الدعاية المساندة لمرشحي حزبه علي الولايات الزرقاء الديمقراطية. ويؤكد الجمهوريون نقطة الضعف الرئيسية من وجهة نظرهم وهي ضعف النظام العام المتحكم في ادارة العجلة الاقتصادية والمالية والسياسية ايضا في واشنطن وهو اتهام يرد عليه الديمقراطيون بان الحزب الجمهوري وحكم بوش هو السبب الرئيسي في الانهيار المالي الحالي, رغم ما سبق يصر الداخل الامريكي علي اصابة العالم بالدهشة, حيث أظهرت دراسة لصحيفة يو إس ايه توداي ان الفارق بين الميسورين والفقراء يتسع وان معدلات شراء السلع الترفيهية والكماليات الباهظة الثمن في ارتفاع في المجتمع الامريكي في مقابل تراجع القدرات الشرائية للطبقات الفقيرة فيما يخص ضرورات الحياة مثل الطعام والرعاية الطبية لامراض بعينها مثل علاج الاسنان وهو ما يؤكد ان الولاياتالمتحدة تقود المؤشرات العالمية للعلاقة بين من يملكون ومن لايملكون وهو ما يؤكد, ايضا ان مؤشرات الازمة المالية الكبري تضرب الطبقات الوسطي والفقراء اكثر مما تضير الاثرياء سواء في الولاياتالمتحدة او غيرها وهو ما يدفع الطبقات الكادحة, والمتوسطة الي الانتقام من الموجودين في الحكم في الديمقراطيات الراسخة بالتخلص منهم ومنح اخرين الفرصة لادارة الازمة بطريقة جديدة