لدي قصة قصيرة, فعلي طريقة' صاحبنا' التي كتب من خلالها أديبنا الكبير طه حسين كتاب' الأيام', لم يكن لدي صاحبنا أي مشاكل يمكن أن تعرضه للضرب عندما كان في الابتدائية, فقد كان مجتهدا بشكل منظم أدي إلي تفوقه, لكن ذلك لم يكن يكفي لتجنيبه بعض العنف, فلم يكن يحفظ نوعية خاصة من النصوص القديمة, وكان مدرس المادة يتربص بمن لايفعل ذلك, في ظل اعتقاد بأن ذلك يمثل خطيئة لاتغتفر, وكان العقاب هو الضرب بحد المسطرة علي ظهر الكف, وصحيح أنه تعرض لذلك مرة واحدة, لكنه لم ينس أبدا ماجري. عنف من نوع آخر تعرض له صاحبنا بسبب التفوق في العلوم, وليس' الخيابة' في النصوص, فقد كان مدرس المادة يوجه سؤالا للجميع, ثم يقول' إللي مش عارف يقف', فيقف ثلاثة أرباع الفصل, ثم يبدأ في سؤال الجالسين عن الإجابة, وبحكم خبرته كان يعرف جيدا من الذي لايعرف الإجابة, وبعد التصفية, يقرر الأستاذ أن يقوم من أجاب عن السؤال بصفع الجميع' علي قفاهم', وتكون النتيجة, أن يقوم تلميذ بضرب زملائه كلهم, وتنتهي الحصة, ثم تبدأ المأساة, فيمكن لأي شخص أن يتخيل الموقف بعدها, فهناك30 شخصا يريدون أن ينتقموا منه. الآن نعرف أن تلك النوعية من العقوبات الغبية كانت أكثر رحمة مما نقرأ أنه يحدث حاليا في بعض مدارسنا الحكومية, ففي الأيام القليلة الماضية, وقعت عدة حوادث حقيقية لطلبة من جراء سلوكيات ارتكبها مدرسون, يفترض أن كلا منهم حسب تعبير المسرحيات القديمة' مرب فاضل', ووصل الأمر إلي تلك الحالات التي لن تنسي, والتي ارتبطت بأسماء أطفال, فقدوا حياتهم أو أصيبوا بعاهات مستديمة. إننا جميعا نعلم أنها حالات فردية, وأن النسبة لاتذكر, وأن الطلبة يمكن أن يجعلوا مدرسا ينفجر من الغيظ, أو يشعر بالإهانة, أحيانا, لكن لابد أنه كانت هناك وسائل مختلفة للعقاب, تصل إلي حد الطرد من الحصة, أو الفصل من المدرسة, لكن أن تصل الأمور إلي هذا الحد, فإن ذلك أيضا ليس مقبولا, لا للتلاميذ ولا للمدرسين أنفسهم, ويمكن أن نتخيل الآن حالة' مدرس ولن أتحدث عن تلميذ أصاب تلميذا بعاهة مستديمة, ونشر ذلك في الصحف, وتحركت الدنيا كلها للتعامل مع ماقام به, فحياته ببساطة شديدة, قد انتهت هو الآخر. [email protected]