اظهرت دراسة استقصائية جديدة للبنك الدولي ان عدد مؤسسات الأعمال الجديدة شهد انخفاضا حادا في الدول الأكثر ثراء في خضم الأزمة المالية العالمية إلا أنه لم يتغير كثيرا في العديد من الدول الأقل دخلا. وتوضح الدراسة التي اصدرتها مجموعة البنك الدولي أن السبب وراء هذا الاتجاه في عامي2008 و2009 هو الأزمة المالية العالمة التي بدأت في الدول المتقدمة وألحقت بها أشد الاضرار. وقالت ليورا كلابر التي شاركت في وضع التقرير مع إنيسا لاف وكل منهما خبير اقتصادي أول في مجموعة أبحاث التنمية التابعة للبنك الدولي اننا نقدم أول دليل علي الإطلاق علي ان الأزمة المالية الأخيرة تسببت في انخفاض سريع وحاد في تسجيل الشركات الجديدة ذات المسئولية المحدودة, كما اظهرت النتائج إلي أن عملية تسجيل الأعمال الجديدة تنشط في الدول التي توفر لأصحاب العمل الحر مناخا استثماريا يتسم بالاستقرار ويحد من الروتين. وقد شهدت الدول الأكثر تضررا تراجعا أكثر حدة في التسجيل الرسمي للشركات, ففي نيوزيلندا علي سبيل المثال تم تسجيل47897 شركة جديدة عام2009 وهو ما يمثل تراجعا بنسبة35% عن عام2007 الذي سجلت فيه74247 شركة جديدة, كما شهدت كل من بلغاريا وليتوانيا تراجعا حادا. وفي المقابل, استمر تسجيل الشركات الجديدة في العديد من الدول منخفضة الدخل التي لم تتأثر بالأزمة بنفس القدر, ويعود ذلك اساسا إلي انخفاض معدل إنشاء شركات جديدة في تلك الدول, ولم تحدث الصدمات الاقتصادية هناك إلا القليل من التغيرات, وساعد في ذلك أن بعض الدول طرحت أخيرا إجراءات جديدة لتحديث نظام تسجيل مؤسسات الأعمال. فعلي سبيل المثال, زاد تسجيل الشركات الجديدة من581 عام2007 إلي610 عام2009 في بوركينا فاسو وهي دولة نامية غير ساحلية في غرب إفريقيا كانت قد ادخلت نظام مجمع خدمات الاستثمار, كما تجنب كل من المغرب والبرازيل انخفاضا في عمليات التسجيل. وأوضح التقرير بأن بيانات الاحصاء الأمريكي اظهرت ان الشركات الجديدة تشكل مصدرا مهما للناتج من مجمل وصافي فرص العمل الجديدة, وفي هذا الصدد قالت أسلي ديميرجوك كونت مدير أول بحوث التمويل وتنمية القطاع الخاص لدي مجموعة بحوث التنمية بالبنك الدولي بينما تسعي الدول جاهدة لتحفيز إيجاد فرص العمل عقب الأزمة المالية, تبرز الآن أكثر من أي وقت مضي أهمية وضع نظام قانوني وتنظيمي مستقر, ولوائح توظيف مرنة, وفرض ضريبة منخفضة علي الشركات والحد من الإجراءات البيروقراطية في عملية التسجيل, ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الكلي, فإن تنشيط إنشاء الشركات الجديدة مازالت ممكنا ويستند تقرير البنك الدولي إلي قاعدة بيانات يمكن البحث فيها علي بيانات من112 دولة هي في الأساس احصائيات تم الحصول عليها مباشرة من سجلات حكومية وقامت مؤسسة إدوينج ماريون كوفمان بتمويل الدراسة التي تجري كل عامين منذ عام2004. وأشار التقرير إلي تنبيه وهو أن هذا العرض لايغطي سوي قطاع الأعمال الرسمي أن مؤسسات الأعمال غير الرسمية تشكل جزء كبيرا من الاقتصاد في الدول الأقل نموا, وتركز الدراسة علي الشركات ذات المسئولية المحدودة وليس علي شركات الافراد التي يتباين تعريفها وتنظيمها في مختلف انحاء العالم. ويوضح تقرير عام2010 كيف اثرت الأزمة المالية علي إنشاء مؤسسات الأعمال الجديدة, فقد زاد تسجيل الشركات الجديدة تدريجيا في الفترة من2000 إلي2007 إلا أن هذا الاتجاه ما لبث أن توقف مع بداية الأزمة عام2008, وبدأ تباطؤ إنشاء مؤسسات الأعمال الجديدة في الدول المتقدمة ثم تبعه في مختلف انحاء العالم مع اتساع نطاق الأزمة, وفي معظم دول الشريحة الدنيا من الدول المتوسطة الدخل انخفض عدد تسجيل الشركات الجديدة لأول مرة عام2009 ولن ينج من هذا في ذلك الوقت سوي القليل من الدول. وتشير البيانات إلي أن الدول التي يزيد فيها نصيب الفرد من الناتج المحلي هي التي عانت انخفاضا أكثر حدة في تسجيل مؤسسات الأعمال الجديدة لكن المؤشر الأكثر أهمية هو تطوير الاسواق المالية, فالدول التي تشكل فيها الاسواق المالية الجزء الأكبر من الاقتصاد المحلي عانت انخفاضا أكبر في عمليات التسجيل خلال الأزمة. وأوضح التقرير أن ذلك ربما يعود إلي أن تراجع التمويل له أثر أكبر علي إنشاء الشركات عندما يلعب التمويل دورا أكبر في الاقتصاد لكن هذه الدول تتمتع بأنشطة جديدة أكبر من حيث المبدأ ويعود ذلك في الاساس إلي أن التمويل يجعل من الأيسر علي اصحاب العمل الحر بدء النشاط التجاري. وأشارت مؤلفتا التقرير بأن علي المدي البعيد سيوفر التطو المالي مزايا أكبر من المخاطر لإنشاء مؤسسات الأعمال الجديدة. وبالفعل تم إنشاء المزيد من الشركات في الدول المتقدمة ففي كل عام يتم تسجيل أربع شركات في المتوسط لكل ألف عامل في الدول الصناعية مقابل أقل من شركة واحدة في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل. ونوه التقرير بان مخفزات إنشاء مؤسسات الأعمال الجديدة تتمثل في حسن نظام الحوكمة ووجود أطر قانونية وتنطيمية أكثر قوة والحد من الإجراءات البيروقراطية, مشيرا إلي أن ايقاع تسجيل الشركات الجديدة كان اسرع حيث كانت تكاليف بدء النشاط أقل.