حرية التجارة هي الحل. الارتفاع المفاجئ للأسعار, والنقص المتكرر في بعض السلع, والاتهامات المكررة بحق وبغير حق للتجار بالتلاعب في الأسعار, والشكوي الدائمة للمواطنين من تقلبات الأسعار كل هذا لا يوجد له من حل سوي تحرير التجارة وإزالة كل المعوقات التي تعوق دخول السلع للسوق المصرية كواردات, وخروجها منه كصادرات. لدي الناس في مصر شكوك عميقة فيما إذا كانت تقلبات الأسعار العالمية هي السبب في ارتفاع الأسعار في السوق المحلية. الناس في مصر لديهم اعتقاد قوي بأنه حتي عندما تنخفض الأسعار في السوق العالمية بعد مرورها بموجة ارتفاع, فإنها لا تعاود الانخفاض بنفس القدر في مصر, وكأن الأسعار في بلادنا تسير في اتجاه واحد. لا أعرف لماذا يحب المواطنون والمسئولون عندنا الالتفاف حول المشاكل بدلا من مواجهتها. فبعض الناس في بلادنا, بمن فيهم بعض من تبدو عليهم علامات الذكاء, يطالبون بتسعير السلع جبريا لمنع ارتفاع أسعارها. أصحاب هذا الاقتراح يتجاهلون أننا عشنا في ظل نظام التسعير الجبري لسنوات طويلة دون جدوي. كل ما سنحصل عليه إذا فقدنا عقولنا وطبقنا نظام التسعيرة الجبرية هو سبب إضافي لانتقاد الحكومة التي ستفشل في ضبط الأسعار, فجهاز الدولة الذي يخفق في تطبيق قوانين المرور والبناء لا يستطيع إجبار كل بائع طماطم متجول في قري مصر وحواريها علي الالتزام بالقانون. تسهيل الاستثمار وزيادة الاستثمار والإنتاج من ناحية, وفرض الانضباط علي الأسواق من خلال تحريرها من القيود والمعوقات من ناحية أخري هو الحل لمشكلة الأسعار في مصر. في ظل نظام التجارة الخارجية الحرة لن يكون من الممكن لسعر كيلو الفاصوليا الخضراء أن يتجاوز الخمسة عشر جنيها, لأنه سيكون هناك مستورد قادر ومستعد لاستيرادها من بلاد أخري لم تتأثر بموجة الحر التي أصابت محصول الخضراوات في الصيف الأخير. في ظل التجارة الحرة لن يكون الفلاح المصري الذي أهملناه طويلا مضطرا لبيع إنتاجه من الأرز بأسعار أقل كثيرا من السوق العالمية, وكأنه مطلوب منه مواصلة التضحية من أجل عيون المستهلكين والحكومة. لا الأسعار الباهظة التي يدفعها المستهلكون لشراء السلع بأسعار تزيد كثيرا عن سعرها العالمي أمر عادل, ولا الأسعار المخفضة بشكل قسري التي يتلقاها الفلاحون لقاء محصولهم هي أمر عادل أيضا. أما الحل لحل لكل هذا الارتباك فبسيط وسهل: تحرير التجارة الخارجية.