ربما يتصور البعض أن السباق النووي قد توقف بانتهاء الحرب الباردة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق بتفكك الأخير إلي جموريات مستقلة ووراثة روسيالتركته الثقيلة بكل ما فيها من مشكلات مغلقة غير أن المحللين والمراقبين الدوليين وجهة نظر أخري تتمثل في اقتناعهم بوجود محاولات للعديد من الدول بشكل متواصل للانضمام إلي النادي النووي لاعتبارات خاصة بتوازن القوي الاقليمية بين أطراف دولية متناثرة في أنحاء العالم ليس من بينها أمريكا وروسيا. ولعل واقع ظهور قوي نووية جديدة من وقت لآخر يؤكد هذا الاعتقاد ويعززه مثل الهند وباكستان وكوريا الشمالية وغيرها وهو ما طرحته الكاتبة البريطانية مبنيت مارين في صحيفة صنداي تايمز في مقالها الأخير الذي أكدت فيه سعي عدد من الدول بنشاط للحصول علي الاسلحة النووية, وذلك استنادا لتعليقات سياسيين وعلماء ومراقبين وإعلاميين بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية وتوجهاتهم العقائدية الأيديولوجية. وذكرت الكاتبة في مقالها أن كلا من هيلاري كلينتون وبنيامين نتانياهو وبانكي مون وجو ماكين اتفقوا علي أن التشاؤم من انتشار الاسلحة النووية والذي يتم التعبير عنه باستعادة مصطلحات مقتبسة من لعبة الدومينو ففي معظم الحالات تتوقع السيناريوهات المطروحة ردود فعل عنيفة إزاء إيران نووية قد تأتي في صورة قرارات مصيرية من جانب دول المنطقة تجاه تلك الجمهورية الإسلامية وفقا للتكهنات لوقف برنامج إيران النووي. وتماشيا مع نظرية ومينو في تفسير انتشار الشيوعية فلم تتوافر حتي الآن الأدلة التي تؤكد الانتشار النووي. فالتقديرات الوطنية تشير إلي أن التهويل النووي الذي كان سمة من سمات إدارة الولاياتالمتحدة لمواجهة هذه الأزمة في أوجها عالميا تغيرت بالضبط كما تغيرت عوامل اسقاط الانتشار السريع في الوقت الذي تغيرت خصائص دول العتبة علي مر الزمن لكن المبالغة الروتينية في تقدير التوقعات في السابق زادت من وتيرة الانتشار. وربما يؤكد ذلك التشخيص الأكثر شهرة للرئيس الأمريكي الراحل جون ف.كيندي الذي عبر عنه بكابوس مستقبل العالم للتعبير عن زيادة عدد الدول النووية من15 إلي20 إلي25 دولة ومازال الافتراض قائما بأنه بولادة دولة جديدة مسلحة نوويا سوف يترتب علي ذلك ظهور العديد منها لاحقا. ويؤكد هذا ما حدث عقب إجراء الهند أول تفجير نووي عام1974 وزاد من خطورة الموقف انهيار الاتحاد السوفيتي عام1991 ثم التجارب النووية الباكستانية عام1998. وأعقب ذلك هروب كوريا الشمالية من معاهدة الحد من الانتشار النووي. لم تكن لهذه الاحداث أي تأثيرات واضحة علي واضعي السياسات في الشرق الأوسط من منطلق تحول المنطقة علي واضعي السياسات في الشرق الأوسط من منطلق تحول المنطقة إلي موقع لانتشار هذا الوباء فهل هناك حقائق تدعم هذا التشخيص؟ دراستنا لعدة سنوات لديناميكية الانتشار النووي توحي عكس ذلك, فهي تشير إلي أن زيادة الانتشار النووي ليست وشيكة وليس بالضرورة أن تكون لها سلسلة ردود الفعل.