الفنان حسام عزت يتقدم ببلاغ ضد مصطفى كامل بسبب انتخابات الموسيقيين    مفتي الجمهورية يشارك في اجتماع اللجنة الاستشارية لجامعة سنغافورة للدراسات الإسلامية    «القومي للمرأة» يهنئ إيمان أنيس لتنصيبها نائباً للأمين العام للاتحاد الأفروآسيوي    أستاذ اقتصاد: ملف الطاقة يشكل قضية محورية وحماية للأمن القومي المصري    مرشحة بانتخابات البورصة: سأعمل على تعزيز التوعية المالية    «رحمي»: القيادة السياسية حريصة على النهوض بقطاع «المشروعات» وتطويره    قاصد محمود: مشروع إيران النووى قائم.. ونتنياهو فشل في فرض السيطرة الكاملة    وزير الداخلية ونظيره الصربي يشهدان توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مكافحة الجريمة    «مارك روته»: البيان الختامي للناتو يؤكد التزام الحلف بدعم أوكرانيا ماليا    الزمالك يجدد محاولاته لضم حارس الأهلي    تقارير- موقف مدافع الهلال من مواجهة باتشوكا    نجم الزمالك السابق: زيزو أفضل لاعب أهلاوي في مونديال الأندية    سقطت من شرفة منزلها.. مصرع طفلة بالعمرانية    القبض على عاطل يقوم بالاتجار في المواد المخدرة بنجع الخطباء في الأقصر    لماذا نشعر بدرجات حرارة أعلى من المعلنة؟.. هيئة الأرصاد توضح    حكومة الانقلاب فشلت في مواجهتها..الكلاب الضالة تهدد حياة المواطنين فى الشوارع    إيرادات الإثنين.. "المشروع X" يواصل تصدره و"في عز الضهر" يتجاوز 2 مليون جنيه    بالعلم الفلسطيني وصوت العروبة.. صابر الرباعي يبعث برسالة فنية من تونس    تفاصيل ظهور شيرين رضا في فيلم «الشاطر» بطولة أمير كرارة    الأزهر يعرب عن تضامنه مع قطر الشقيقة ويطالب بضرورة احترام استقلال الدول    لجنة تفتيش مكبرة لمراجعة أعمال مستشفى أحمد ماهر والجمهورية    وكيل صحة القليوبية: يجب تكثيف الجهود لتحسين الخدمات المقدمة للمرضى    محافظ المنوفية يشهد عدد من الافتتاحات بمستشفى أشمون العام    الهروب إلى النوافير.. درجات الحرارة تقارب ال 100 درجة بواشنطن الأمريكية    شركة طيران العال الإسرائيلية تنظم جسرا جويا لإعادة آلاف الإسرائيليين بعد وقف إطلاق النار مع إيران    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المشروعات والفرص الاستثمارية بمحافظة دمياط    تأجيل جلسة محاكمة «توربيني كفر الدوار» لجلسة الغد    «بزعم إجراء عملية جراحية لنجلتها».. ضبط «مستريحة المحلة الكبرى» بعد الاستيلاء على 3 ملايين جنيه    «ثورة 30 يونيو وبناء الجمهورية الجديدة» في احتفالية ب أسيوط    هالة السعيد: 5.5% نموًا في شركات التكنولوجيا المالية منذ 2018 بدعم من الشمول المالي    رسميًا.. أحمد سامي مديرًا فنيًا لنادي الاتحاد السكندري    يجمع محمد فراج وزينة لأول مرة.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «في رواية أحدهم: ورد وشيكولاتة»    «بحبكم برشا».. أول تعليق من مي عمر على تكريمها من مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس    قاصد محمود: مشروع إيران النووى قائم.. ونتنياهو فشل فى فرض السيطرة الكاملة    هيمنة بلا فاعلية.. الأهلي يدفع ثمن إهدار الفرص أمام بورتو (فيديو وصور)    ضعف لياقة مبابي يؤخر عودته لتشكيلة ريال مدريد    تغيير موعد المؤتمر الصحفي للإعلان عن مدرب منتخب اليد الإسباني باسكوال    «السياحة» تشارك في اجتماعات الهيئات الفرعية لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ    جامعة القاهرة تطلق خريطة أنشطتها الصيفية لدعم إبداعات الطلاب واكتشاف مواهبهم    "مصر.. متحف مفتوح".. فعالية جديدة لصالون نفرتيتي الثقافي في قصر الأمير طاز    دمشق تودّع شهداء كنيسة مار إلياس.. صلاة رحيلهم وزيارات للمصابين    استئصال ورم ليفي ضخم يزن أكثر من 3 كجم من رحم سيدة بمستشفى قنا العام    الأمن الاقتصادي: ضبط 1257 قضية ظواهر سلبية.. و1474 سرقة تيار كهربائي    هل القرض حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    المفوضية الأوروبية ترحب بالإعلان عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    مركز البحوث الطبية والطب التجديدي يوقع بروتوكول تعاون مع جامعة المنصورة الأهلية    انتهاء اختبار مادة اللغة الأجنبية الثانية لطلاب الثانوية العامة النظام القديم    قبل الإعلان الرسمي.. كيركيز يجتاز الكشف الطبي في ليفربول    تنسيق القبول بالصف الأول الثانوي محافظة الغربية للعام الدراسي الجديد    إزالة 10 تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة ضمن الموجة 26 بالشرقية    رئيس "المستشفيات التعليمية" يقود حملة تفتيش ب"أحمد ماهر" و"الجمهورية" لرفع كفاءة الخدمة    «هانتونج» الصينية توقع عقد بناء سفينتين جديدتين للصب الجاف في مصر    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    البحرين وبريطانيا تؤكدان ضرورة تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لوقف التصعيد العسكري    سلمى أبو ضيف: «مش مقتنعة بالخطوبة واتجوزت على طول عشان مضيعش وقت»    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    سى إن إن عن مسئول إيرانى: إسرائيل تواصل الهجمات ولم نتلق مقترحات لوقف إطلاق النار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبائل البجا‏..‏ سكان شرق السودان

تستوطن قبائل البجا مناطق واسعة بشرق السودان‏,‏ ولقد تضاربت أقوال المؤرخين حول أصلهم‏,‏ وقد نسبهم بعضهم لنسل كوش بن حام بن نوح‏,‏ الذي يرجح بأنه أول من سكن سواحل البحر الأحمر الغربية‏
‏ التي انتقلوا إليها من الجزيرة العربية‏,‏ وتقول عنهم دائرة المعارف البريطانية إنهم قبائل واسعة الانتشار‏,‏ وأنهم من قدماء المهاجرين الساميين‏.‏
ويقول بحث أجراه المركز السوداني للثقافة والإعلام إن اسم البجا لم يكن الاسم السائد علي سكان المنطقة في كل العصور‏,‏ بل إن الاسم كان عرضة للتغيير بحسب تغير الأمم التي كان لها اتصال بالبجا‏,‏ وإن لم تكن تلك الأسماء لتغير من حقيقة وضعهم في المنطقة‏,‏ فالرومان قد أطلقوا اسم‏'‏ البلامس‏'‏ علي سكان هذه المنطقة‏,‏ كما أن اليونان قد أطلقوا اسم الاثيوبيين علي الشعوب التي قطنت كل المنطقة من أسوان وحتي حدود الصومال‏.‏
أما اسم البجا أو البيجة أو البجاه فهي أسماء أطلقها العرب علي سكان المنطقة‏,‏ وقد أطلق اسم كوش والكوشيين في مرحلة من مراحل تاريخها‏,‏ وهناك روايتان حول مصدر اسم تلك القبائل من اسم لغتهم‏'‏ بداويت‏',‏ والرواية الأخري تقول إن مصدر التسمية هو اللغة الهيروغليفية‏,‏ وأن لفظ‏'‏ بدا‏'‏ فيها تعني العملاق‏,‏ وأن قدماء المصريين قد أطلقوا علي تلك القبائل في حدودهم الجنوبية الشرقية تلك التسمية لضخامة أجسامهم في ذلك الزمان‏,‏ ومن ثم حرفت وأصبحت بجا‏.‏
ويري المؤرخون أن منطقة شرق السودان التي تقطنها البجا كانت تاريخيا منطقة جاذبة‏,‏ وذلك لأهميتها الجغرافية في المدخل الشرقي لافريقيا إلي جانب المعادن النفيسة في المنطقة‏,‏ ويقول بعض المؤرخين إن الهجرات إلي المنطقة بدأت منذ فترات سحيقة من التاريخ علي هيئة جماعات كبيرة وصغيرة متفرقة‏,‏ وإن قبائل البجا خاضت حروبا كثيرة مع جيرانها كالنوبة والفراعنة وكل الدول التي حكمت مصر كالرومان والبطالسة والدولة الإسلامية وغيرها‏,‏ وأن اشد تلك الحروب كان ضد الرومان في مصر‏.‏
صفات البجا
وصفهم هيرودتس بطول القامة وجمال الجسم خاصة الرجال‏,‏ وقال عنهم مؤرخون آخرون إن ألوانهم مشرقة وأبدانهم صحاح وبطونهم خماص وتقاطيعهم غليظة ووجوهم طويلة عريضة وأنوفهم بارزة قليلا ولهم سرعة في الجري‏,‏ فيما قالت دائرة المعارف البريطانية‏:‏ إن هناك مجموعة من البجاويين الخلص توجد ضمن قبائل البني عامر في المنطقة الجنوبية من إقليم البجا تتميز بأجسام رفيعة وقوية وأنوف مستقيمة وشعر مجعد ولون داكن‏,‏ ويقول عنهم المقريزي إنهم يبالغون في الضيافة‏,‏ فإذا قدم لأحدهم ضيف ذبح له‏,‏ فإذا تجاوز الضيوف ثلاثة نفر نحر لهم من أقرب الأنعام إليه سواء كانت له أو لغيره‏,‏ وإن لم يوجد شيء نحر راحلة الضيف وعوضه بما هو خير منها‏.‏
ويقول إبن الوردي‏:‏ البجا أهل أنس وحسن وتلطف‏,‏ ويقول نعوم شقير‏:‏ إن ملامح البجا وعاداتهم وأخلاقهم جميعا عربية محضة‏.‏
ومن عادات البجا أن يطلق الرجل شعر رأسه‏,‏ ويضفر الجزء الخلفي منه‏,‏ ويدهنونه بالزيت‏.‏
ويلبس البجاوي القميص والسروال والصديري ويتلفح بثوب ويحمل معه دائما العصا والسكين والسيف‏,‏ وينتعل البجاوي حذاء من الجلد‏,‏ وتلبسه نساء البجا مزخرفا‏,‏ وهو أشبه بنعل قدماء الفراعنة‏.‏
أما نساء البجا فيمشطن شعورهن عند الزواج ويتركنها بدون تضفيرها في ضفائر صغيرة يطلق عليها في السودان‏'‏ المشاط‏',‏ ويمسحنها بعد ذلك بالصمغ وخلطة من العطور‏,‏ وتضفرن فقط خصلتان في مقدمة الرأس‏,‏ وهي دلالة علي أن المرأة متزوجة‏,‏ وتربط بهما حلية ذهبية‏,‏ وتلبث المرأة فستانا وسديريا‏,‏ وقد تلبس عليهما ثوبا سودانيا يربط في الخصر وتغطي به الرأس‏.‏
من الوثنية إلي الإسلام
يعتقد أن البجا قد انتقلوا من الوثنية إلي الإسلام‏,‏غير أن بعض المصادر تظهر أن بعض سكان المنطقة قد اعتنقوا المسيحية‏,‏ وإن كانت المنطقة تخلو تقريبا من أي آثار تدل علي اعتناق الديانة المسيحية‏,‏ وقد اعتنق البجا الإسلام الصوفي‏,‏ وذلك لطبيعته السمحة‏,‏ وهم شديدو التمسك بتبعيتهم لشيخ الطريقة‏,‏ الأمر الذي شكل جزءا من معتقداتهم‏,‏ وتنتشر الخلاوي في مناطقهم لتعليم القرآن والفقه‏,‏ وهم يعتقدون في كرامات الأولياء‏,‏ ويزورون أضرحتهم‏,‏ ويهدون إليهم الهدايا ويوفون بالنذور‏,‏ ومن الدلائل علي ذلك أنهم يحفظون الأدعية ومدائح الشيوخ التي كتبوها في الرسول صلي الله عليه وسلم‏,‏ والنساء كذلك يؤلفن ويحفظن أشعارا بلغتهن في مدح الأولياء‏.‏
أعراف البجا
نعني بالعرف هنا ماتعارف عليه البجا في معاملاتهم‏,‏ وماتوافقوا عليه واتخذوه قانونا يقوم علي أسس أخلاقية يتبناها الفرد منذ نشأته‏,‏ وهم مشهود لهم بالكرم والشجاعة‏,‏ كما أنهم متشددون في التزامهم بعهودهم‏,‏ ويوفي أحدهم حتي بعهد يطلبه قاتل أخيه‏,‏ ويمهله المدة التي يطلبها وغالبا ماتكون سبعة أيام‏,‏ بغرض أن تأتي قبيلة القاتل لحل الإشكال عن طريق العرف‏,‏ الذي تحل به الغالبية العظمي من مشاكلهم‏,‏ في الأرض أو البهائم أو النساء‏,‏ وفقا لما يؤكده بحث المركز السوداني للثقافة والإعلام‏,‏ والحكم بموجب العرف هو مهمة كبراء القبائل‏,‏ ويعتمدون فيه علي الحكمة والخبرة بعادات الناس‏.‏
وأهم قبائل البجا الهدندوة ولأمارأر ولأتمن والبني عامر والعبابدة والبشاريين والجعافرة وغيرهم‏.‏
عادات وتقاليد البجا
البجا قوم من الرعاة الرحل‏,‏ وهم يركبون الإبل‏,‏ والجمال العربية كثيرة عندهم‏,‏ وهم يتبعون الكلأ وحيثما يكون يتنقلون للرعي‏,‏ وهم مثل العرب قبائل وأفخاذ‏,‏ ولكل فخذ رئيس‏,‏ وكان لهم قديما رئيس يرجع جميع رؤسائهم إلي حكمه‏,‏ ويسكن في قرية تعرف بالهجر‏,‏ وللبجا في تجوالهم للرعي ثلاث رحلات‏,‏ رحلة الخريف لمنطقة جنوب خور عرب وشرق نهر عطبرة وحول القاش ومداخل أريتريا واثيوبيا‏,‏ وفي الشتاء يتجه الرعاة إلي ساحل البحر الأحمر‏,‏ حيث موسم الأمطار‏,‏ وفي الصيف يتجهون إلي أعالي الجبال وبطون الأودية في وسط منطقتهم‏,‏ حيث يكون الجو معتدلا‏,‏ وحيث تثمر الأشجار وتخضر وتتوافر المياه في الآبار‏,‏ وهي المنطقة التي يستمر استقرارهم فيها أكثر من أي منطقة أخري خلال تجوالهم وتسمي‏'‏ دامر‏',‏ وأثناء ترحالهم ينقلون العروس أو المرأة الحديثة الزواج في هودج علي جمل‏,‏ ويزينون الهودج بريش النعام والحرير والخرز والودع ويعلق فيه جرس‏,‏ ويخصصون لذلك الجمل الأكثر ألفة‏,‏ ويعتز البجا بغبلهم كثيرا‏,‏ ومن هنا جاء اعتزازهم بالرعي‏,‏ فهم شديدو التمسك به‏,‏ بل ويحتقرون أي مهنة أخري‏.‏
مساكنهم
يبني البجا بيوتهم علي ثلاث ركائز بأطوال مختلفة علي شكل أقواس‏,‏ والذي يوضع في الوسط يكون أطولها وأقواها وتكسا بالأغطية بغرض التدفئة وحجز مياه المطر‏,‏ وتفرش فوق أرضية بيوتهم حصير مصنوعة من الجريد الرفيع أو من عدة ثياب مستعملة مخيطة في بعضها علي شكل لحاف بألوان مختلفة وخيوط من الشعر‏,‏ وتستعمل للزينة في المنزل قطعة منسوجة من السعف‏,‏ مزخرفة بالشعر والحرير والودع بأشكال جميلة‏,‏ وتحتها قطعتان من الثياب بلونين مختلفين‏,‏ ويوضع في أحد جانبي المنزل صندوق توضع عليه الأشياء الثمينة التي تحفظ في جراب جلدي كبير‏,‏ وصندوق آخر في الجانب الآخر توضع عليه الأغراض الخفيفة والأدوات المنزلية‏,‏ ويستعمل الجزء الأمامي من المنزل في الجلوس وشرب الجبنة أي القهوة المصنوعة في وعاء خاص‏,‏ وفي حالة الرحيل والتنقل وهي الغالبة علي حياتهم تكون البيوت أصغر حجما وأخف أثاثا‏,‏ وبناء تلك البيوت هو عمل النساء‏.‏
أدواتهم المنزلية
يصنع البجا أدواتهم المنزلية من الفخار والأخشاب والحجارة ومن بعض منسوجات السعف والصوف والجلود‏,‏ وتتضمن أدوات الطحن وأواني العجن والطهو وصنع السمن والزبد وسروج الجمال وأدوات الزينة والثياب‏.‏
عادات البجا
الولادة في مناطق البجا كما هي في البادية عامة تعتمد علي مساعدة امرأة ذات خبرة‏'‏ داية‏',‏ وبعد ولادة الطفل وربط سرته يأتي الأب فيؤذن في أذنه اليمني ويقيم في أذنه اليسري‏,‏ وعند بعضهم يقول الأب في أذني وليده مامعناه‏'‏ كن رجلا حامل سيف أو رمح أو حاملا للدرع‏'‏كناية عن الدفاع عن القبيلة‏,‏ وبعدها يسمي الأب ناقة أو جزءا منها كهدية للطفل واحتفاء به‏,‏ ومن مراسم ذلك اليوم وبعد ذبح مايسمونه في السودان‏'‏ الكرامة‏'‏ أن يقوم شخص من أسرته معروف بشجاعته أو بكرمه أو بورعه بتذوق اللبن بقصد المباركة قائلا مامعناه‏'‏ كن شبيها بي أو كن أحسن مني‏',‏ ويعطي اللبن بعد ذلك للجنين‏.‏
وتضع الأم مولودها الأول والثاني في بيت أمها‏,‏ وتظل هناك فترة لاتقل عن أربعين يوما لايراها فيها الزوج‏,‏ وفي نهاية الفترة تذبح كرامة‏,‏ ويكون الزوج قد أحضر ثيابا وعطورا وأحذية لزوجته وأمها‏,‏ وبعدها تخرج الزوجة لحياتها العادية‏.‏
التنشئة
من عاداتهم أن يعلق سيف مسحوب من مغمده قليلا فوق رأس الوليد‏,‏ والاحتفاظ بجرس يدق قرب الطفل الذكر في الصباح والمساء‏,‏ وعندما يبلغ الطفل السادسة من عمره يرعي صغار الغنم مع غيره من الصبيان‏,‏ ويجالس الرجال ويتعلم منهم الرعي والفروسية والقتال ومجالس الحكماء‏,‏ والصبي لايدخل أماكن النساء غالبا‏.‏
أما البنت فتكون عند أمها تتعلم عملها وأمور النساء‏,‏ وقبيل بلوغها يحلق شعرها‏,‏ ويترك لينمو بعد ذلك‏,‏ ويمشط بعد ذلك عند البلوغ في ضفائر صغيرة‏,‏ وتستشار المرأة عند البجا في أمور منزلها والأمور الحياتية الأخري‏,‏ وخاصة المسنة كعميدة للأسرة‏.‏
وأما الولد ففي البداية يحلق مثل البنت‏,‏ وفي سن العاشرة يحلق بحيث يترك شعر في أعلي الرأس ويحلق الباقي‏,‏ وعند البلوغ يحلق كل شعر الصبي‏,‏ ويترك بعد ذلك لينمو بحيث يضفر بعضهم الجزء الخلفي من الشعر‏.‏
الزواج
البجا يزوجون أبناءهم وبناتهم في سن مبكرة‏,‏ من جهة لأن تزويجهم مهمة الآباء‏,‏ وتجد أحدهم يسأل الآخر‏:‏ ألم تزوج ابنك بعد ؟ومن جهة أخري لأنهم يفتخرون بكثرة الأولاد ويحرصون علي التزاوج داخل القبيلة أو الأسرة من جهة ثالثة‏.‏
والأب هو الذي يقرر تزويج ابنه‏,‏ فيذهب إلي والد البنت‏,‏ قريبه في العادة‏,‏ ويطلب ابنته لابنه‏,‏ وتتم مشاورات وسط أسرة العروس‏,‏ وتتم ترضية من لايوافقون علي الزواج‏,‏ ويكون ذلك في الغالب من باب أن العم أو العمة أو الخال أو الخالة لديه ولد يريد تزويجه من البنت‏,‏ وبعد الموافقة يتم دفع ثوبين أو ثلاثة مع ذبيحة‏,‏ وببعض المال لمن يستطيع وبعدها تتم الخطبة‏.‏
ويحدد الأب مواعيد الزواج‏,‏ وهم يكرهون الزواج في شهري رمضان وصفر‏,‏ ولايحبون إقامة أفراح الزواج في الليالي غير المقمرة‏,‏ ويفضلون يومي الأحد والخميس لبداية أفراح الزواج‏.‏
وفي ظهيرة اليوم الأول يبني منزل الزوجية مستقبلا القبلة‏,‏ وقبل الشروع في البناء تذبح فيه ذبيحة ويفضلونها من الضأن‏,‏ وتكون بيضاء اللون ما أمكن‏,‏ وبعدها يستكمل البناء بواسطة النساء‏,‏ ويزين بالخرز والحرير والودع‏,‏ وعند انتهاء البناء تبدأ الأفراح الزواج فتغني النساء‏,‏ ويدورون حول المنزل سبع دورات‏,‏ وعلي رءوسهن ثياب العرس أحدها مفرود‏.‏
وعندما يأتي العريس وأهله من بعيد‏,‏ تكون أمه جالسة علي ظهر جمل و إحدي قريباته بشرط ألاتكون قد طلقت من قبل وأن تكون قد بكرت بولد يكون خلفها علي الجمل ويفردان علي رأسيهما أحد ثياب العريس‏,‏ ويقود الجمل رجل مسن‏,‏ وحول الجمل نسوة يغنين بدعوات للعروسين بأن يهنيهما الله‏,‏ ويدورون بدورهم حول منزل العروسين سبع دورات‏,‏ وتستمر الاحتفالات بقية المساء بدفوف كبيرة‏,‏ ويتم عقد القران بعد صلاة العشاء علي يد رجل ورع أو كبير السن إذا لم يكون هناك مأذون‏,‏ وأثناء العقد يدفع العريس المهر‏,‏ وتستمر الاحتفالات وتذبح الذبائح‏,‏ ويعطي للضيف من قبيلة أخري الحاضر للزواج الجانب الأيسر من صدر الشاة تكريما له‏.‏
ويلبس العريس في عرسه شالا أحمر علي رأسه ابتداء من حضور العقد مع الملابس الجديدة‏,‏ ويلبس في يده اليمني سوارا من الفضة‏,‏ وفي يده اليسري سوار من السعف‏,‏ كما يلبس عقدا من الذهب‏,‏ كما يلبس أصدقاؤه مثله‏,‏ ومن عاداتهم أن يلازم العريس دوما اثنان من أصدقائه الشباب‏,‏ ويحبذون أن يكون أحدهما متزوجا‏,‏ ومن عاداتهم أيضا شرب القهوة في الجبنة وهي إناء من الفخار علي شكل كرة ممتد فيها أنبوب‏,‏ ويحتسون القهوة في فناجين صغيرة‏,‏ وبعضهم يشربها مع السكر أو العجوة علي سبيل تحليتها‏,‏ ويضعون مع البن الزنجبيل والهيل والقرنفل‏,‏ ويشربون من ثلاثة إلي سبعة فناجين تقريبا‏.‏
وفي اليوم الثاني يحتفلون بذبح الذبائح وينشدون أغاني الفخر والفروسية مع سبق الهجن‏,‏ إلي جانب العروض الاحتفالية الأخري كرقص الرقبة أو الرقص بالسيف أو غيرها من الرقصات التي تظهر قوة الرجل‏,‏ وأحيانا تنشد النساء‏,‏ ويحتفل في هذه الليلة بأن تزف النسوة العروس إلي عريسها وهو داخل البيت مع أصدقائه‏,‏ ويلمس العريس جبهتها ويقرأ بعض الآيات والدعوات‏,‏ ومن ثم تعاد العروس لمنزل أمها‏,‏ وفي اليوم الثالث تذبح الذبائح وتستمر الاحتفالات‏,‏ وأحيانا تصل الاحتفالات إلي خمسة أيام‏,‏ وفي اليوم الأخير يدخل العريس البيت الجديد حيث يخلع أصدقاؤه عنه الشال الأحمر عنه‏,‏ وينزع منه السوار والعقد‏,‏ ويوضع دهن علي رأس العريس وبعض الروائح المخلوطة بالصندل‏,‏ وعندما تصبح الزوجة حاملا لاتظهر حملها أبدا‏,‏ ولاحتي لأقرب الأقربين‏,‏ وتستشفه النسوة خاصة أمها‏,‏ ولا تحدثهن عنه‏,‏ ولكنهن يحرصن بعد معرفتهن به علي أداء أعمال المنزل نيابة عنها‏.‏
الأسرة عند البجا
الأسرة البجاوية أسرة مترابط أعضاؤها‏,‏ خاصة الزوج والزوجة‏,‏ ويقدر كل منهما الآخر في حياء‏,‏ وقد يريد أن يعطي أو يفعل للآخر شيئا‏,‏ ولكنه لايقر بذلك‏,‏ ومن عادات البجا انه عندما يحلب أحدهما اللبن فإنه لايشرب منه أبدا إلا بعد أن يتذوقه شخص آخر قائلا‏:‏ باسم الله‏,‏ وقد يبيت الرجل صاحب اللبن دون عشاء إذا لم يجد رجلا آخر يشرب اللبن قبله‏,‏ ومن يشرب لبنه أولا دون غيره يوصم بذلك‏.‏
والمرأة لاتحلب أبدا‏,‏ وذلك عندهم عيب كبير‏,‏ ومن عاداتهم أن يوقدوا النار أمام البيت كل ليلة وحتي الصباح‏,‏ في إشارة إلي الكرم حتي تجلب النار المسافرين ليلا إلي بيوتهم‏,‏ وأيضا إلي التفاؤل فمن معانيه أنه مادامت النار مشتعلة فهم يملكون زادهم‏,‏ وانطفاؤها معناه أنهم لايجدون ذلك‏.‏
ومن عاداتهم أنه إذا تقابلت قبيلتان للحرب ولم يكن هناك من يمنع الحرب من غيرهم‏,‏ أن تبادر امرأة وتسير بينهما حاسرة الرأس‏,‏ فلا تتقدم القبيلتان للقتال‏,‏ بل يتفرق الجمعان‏,‏ وإذا أتت مجموعة من قبيلة أخري لمنع القتال بين قبيلتين فإنهما يضطران لترك القتال ووقف المعركة من أجل القيام بواجب الضيافة مع القبيلة التي أتت لفض الخصومة‏.‏
أدوية الطبيعة
خلال ترحال البجا غالبا مايكونون بعيدين عن مناطق المستشفيات ولذا يضطرون للتداوي بالأعشاب الطبيعية‏,‏ ولقد تراكمت عندهم تجارب في هذا الشأن‏,‏ ومنهم من تخصص في هذا النوع من العلاج كقبيلة الحامداب‏,‏ ويعتمدون في ذلك علي عسل النحل والسمن والكي بالنار وبعض النباتات الطبيعية‏.‏
مراسم الوفاة
مراسم الوفاة حاليا عند البجا هي مراسم إسلامية‏,‏ وفي بعض المناطق يحرصون علي غسل الجثة بلحاء السدر‏,‏ وأثناء مراسم التشييع تحضر النسوة قدحا كبيرا يدققن عليه ويبكين وينثرن التراب علي رءوسهن ويعددن مناقب المتوفي‏,‏ وتستمر تلك المراسم ثلاثة أيام تلبس خلالها بعض النسوة قريبات المتوفي غالبا ملابسه‏,‏ وترقصن بالسيوف‏,‏ ولايقدمن القهوة للضيوف كعادتهن‏,‏ بل يقدمن الطعام للمعزين بمجرد قدومهم‏,‏ وبعدها يقدمن الجبنة‏,‏ أما زوجة المتوفي فتبقي في منزلها لاتبارحه طوال فترة العدة‏,‏ وهي أربعة أشهر وعشرة أيام‏,‏ تلبس فيها ثوبا أبيض وتنتعل نعلا قديما‏,‏ وخلال الفترة تفترش فراشا واحدا ولاتتطيب ولاتستحم غير أيام الجمع‏,‏ وتضفر شعرها ضفائر غليظة‏,‏ ومن عاداتهم ألا يبكوا ولايقيموا العزاء لمن مات مقتولا‏,‏ إلا أن يقتل قاتله‏,‏ سواء عن طريق القضاء أو ثأرا منه‏,‏ وهم يهدمون بيت المتوفي ويعيدون بناءه عند الأربعين‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.