391 مدرسة تبدأ الدراسة السبت بكفر الشيخ و2400 مدرسة تستقبل طلابها الأحد    خلال ساعات.. تفاصيل موعد كسوف الشمس 2025 وأماكن رؤيته    "أطباء الجيزة" تكرم استشاري تخدير باحتفالية "يوم الطبيب 2025"    وزارة النقل: ميناء أكتوبر الجاف يساهم في منع تكدس الموانئ البحرية بالحاويات    الجيش الأمريكي: قضينا على عنصر بارز في تنظيم داعش بسوريا    شاهد ما لم تراه على الشاشات.. كواليس مثيرة فى افتتاحية أبطال أوروبا "صور"    العراق "يستقبل" 47 فرنسيا منتمين ل "داعش" لمحاكمتهم بتهم إرهاب    وكيل المخابرات السابق: اتهام مبارك بالتخاذل عن دعم القضية الفلسطينية "ظلم فادح"    الأهلي يفوز بشق الأنفس بهدف على سيراميكا    الأهلي يعلن غلق ملف ترضية اللاعبين رسميا    أوقاف الفيوم تعقد ندوة علمية كبرى للطفل بمسجد التقوى    جامعة قناة السويس جاهزة لاستقبال 45 ألفا و398 طالبا وطالبة    عمرو أديب عن سرقة أسورة المتحف المصري: المتهمة لم تبذل أي مجهود لتنفيذ الجريمة    لو متردد.. اعرف تفاصيل تحديث تليفونك ب iOS 26 وأنواع أيفون المناسبة    سهر الصايغ تتصدر أحداث الإثارة في مسلسل «لعدم كفاية الأدلة»    شيرين عبد الوهاب تنفي إقامة حفل غنائي لها في الإمارات    بإطلالات خاطفة.. نجوم الفن يتوافدون علي حفل توزيع جوائز الدير جيست| فيديو    القاهرة الإخبارية: النزوح يتواصل والاحتلال يوسع هجماته نحو تل الهوا وشارع النفق    عمرو أديب بعد سرقة أسورة ملكية: "الحمد لله نقلنا توت عنخ آمون من المتحف"    "القومي للمرأة" يشيد بملتقي أولادنا الدولي التاسع لفنون ذوي القدرات الخاصة برعاية الرئيس السيسي    إيناس الدغيدي بفستان الزفاف.. جلسة تصوير بالذكاء الاصطناعي بعد إعلان زواجها    رئيس جامعة الأزهر: الدعاء ليس مجرد طلب أو رجاء بل هو جوهر العبادة وروحها    هل رفع الصوت بالقراءة في الصلاة لتنبيه شخص آخر يبطلها؟.. أمين الفتوى يجيب    موعد صلاة العشاء.. ودعاء عند ختم الصلاة    وزارة الصحة تطلق خطة شاملة لتعزيز الصحة المدرسية بالتعاون مع التعليم والأزهر    التشكيل - سالم الدوسري يقود هجوم الهلال.. وكيسيه في وسط أهلي جدة    منتخب مصر للشابات يخسر أمام غينيا الاستوائية في تصفيات كأس العالم    لجنة المنشآت الآيلة للسقوط في الإسكندرية تتابع درجة ميل العقار المائل بالمندرة    وزير المالية الألماني: برلين تتابع أزمة الديون الفرنسية بقلق    الاتحاد الدولي لرفع الأثقال البارالمبي يبرز إنجاز شريف عثمان قبل بطولة العالم    5 فوائد غير متوقعة لتناول كوب من عصير الكرفس يوميًا    علامات تكشف وجود مشكلات في القولون العصبي    دمج ذوي الهمم في بطولة الشركات لأول مرة    ضبط 10 تجار سجائر بالغربية يقومون بالبيع بأزيد من التسعيرة الرسمية    وزير الزراعة يبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي بين مصر والمملكة المتحدة    الزمالك يجهز دفعة من المستحقات المتأخرة لتحفيز اللاعبين (خاص)    وزير الدفاع الإسرائيلي ل زعيم الحوثيين: سيأتي دورك    صلاح عبد العاطي: واشنطن شريكة في الإبادة الجماعية بغزة عبر استخدام متكرر للفيتو    محافظ أسوان: غرامة 50 ألف جنيه لمُنتهكي حرم الطريق بالحواجز الحديدية أو «الإستندات»    افتتاح مسجد الرحمن في بني سويف بعد إحلاله وتجديده بالجهود الذاتية    الصحة توضح 7 خطوات لاستخدام حقيبة ظهر مدرسية بشكل صحي للأطفال    بالصور - جامعة أسوان تُكرم 200 حافظًا للقرآن الكريم في احتفالية روحانية    اليوم.. عرض فيلم "أبطال كرداسة" على شاشة "الوثائقية"    برامج مميزة ومدن جامعية محدثة.. جامعة قناة السويس تبدأ عامها الجديد    تداول 19 آلاف طن و952 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بمواني البحر الأحمر    محافظ البحيرة تشهد إيقاد الشعلة إيذاناً ببدء إحتفالات العيد القومي    مديرية أمن الشرقية تنظم حملة للتبرع بالدم لصالح المرضى    الداخلية تضبط عنصرًا جنائيًا بالمنوفية غسل 12 مليون جنيه من نشاط الهجرة غير الشرعية    رسمياً.. إعلان نتائج تنسيق الشهادات المعادلة العربية والأجنبية    ارتفاع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم الجمعة 19-9-2025 وعيار 21 بالمصنعية الآن    الداخلية: ضبط 98665 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    محافظ أسيوط يضع حجر الأساس لمدرسة الوليدية الحديثة بتكلفة 17.2 مليون جنيه    "نور بين الجمعتين" كيف تستثمر يوم الجمعة بقراءة سورة الكهف والأدعية المباركة؟    تشجيعاً لممارسة الرياضة.. نائب محافظ سوهاج يُطلق ماراثون "دراجو سوهاج" بمشاركة 200 شاب وفتاة    وظائف الأزهر الشريف 2025 .. فتح باب التقديم لوظائف معلم مساعد ب9 آلاف فرصة    أسعار الدولار في البنوك المصرية اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    زلزال بقوة 7.8 درجة يهز منطقة كامتشاتكا الروسية    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وطبق البيض بالأسواق اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفحات ناصعة من تاريخ المواطنة المصرية في العصر الحديث
بقلم‏:‏ د‏/‏كمال مغيث

تعتبر المواطنة واحدة من أهم صناعات العصر الحديث‏,‏ فقد هيمن علي عالم العصور الوسطي نظام الطوائفية‏,‏ حيث يتكون المجتمع من طوائف متنوعة ومختلفة علي أساس الدين والمذهب والثقافة والمهنة والحي السكني‏,‏
وكان لكل طائفة من تلك الطوائف‏,‏ ثقافتها ومصطلحاتها ونظام تعليمها الخاص ومثلها الأخلاقية وعاداتها المختلفة ونظامها الداخلي الخاص‏,‏ ومازالت القاهرة تحمل لنا أسماء بعض تلك الطوائف‏,‏ التي تؤكد وجودها المستقل‏,‏ فهناك حارة اليهود والأرمن والشوام والمغربلين والفحامين والنحاسين والسكرية‏,‏ ولم تكن هناك ضرورة موضوعية أو وطنية‏,‏ لكي يربط بين تلك الطوائف رابط أو يجمعها جامع أو مشترك‏,‏
وكان النظام السياسي يتكون من أسرات أمبراطورية حاكمة في جانب‏,‏ ثم رعايا في الجانب الآخر‏,‏ ولم تكن للدولة في ظل تلك التركيبة الاجتماعية ونمط الإنتاج الزراعي الإقطاعي السائد سوي وظيفتين اثنتين‏,‏ وهما‏:‏ جمع الضرائب‏,‏ والأمن ببعديه الخارجي والداخلي‏.‏
كان هذا هو النظام السائد في جميع بقاع العالم شرقا وغربا طوال العصور الوسطي مع اختلافات محدودة هنا وهناك‏.‏
ولقد شهدت أوروبا مطلع العصور الحديثة‏,‏ تغييرات جذرية إذ نشأت ونمت الطبقة البرجوازية التي أسست للنظام الرأسمالي ثم سعت لتحطيم علاقات الإنتاج الإقطاعية للحصول علي المواد الخام والأسواق وتحرير البشر من ربقة العلاقات الإقطاعية‏,‏ ولم يكن من الممكن أن يتم كل هذا بدون تحطيم الإقطاعيات والإمارات الطائفية والدوقيات الصغيرة‏,‏ وإنشاء دولة ونظام وثقافة قومية يتحول فيها ولاء الأفراد من الطائفة إلي الوطن الكبير‏,‏ أي أن يصبحوا مواطنين لا رعايا‏.‏
وكان هناك العديد من الأساليب التي أدت الي دعم فكرة المواطنة بدلا من الطوائفية‏,‏ فالاقتصاد الرأسمالي نفسه يتحدد موقف الأفراد فيه تبعا لموقعهم في علاقات الإنتاج‏,‏ وليس لدياناتهم أو ثقافاتهم‏,‏ وكذلك كان النظام السياسي‏,‏ وقد سبق أن أسست لتلك التغييرات الفلسفات الإنسانية والليبرالية والعلمانية والتي كان أبرز نتائجها كف يد الكنيسة ورجال الدين عن التدخل في حياة الناس وشئونهم الدنيوية‏.‏ كما لعبت المدرسة الوطنية دورا محوريا في دعم مفهوم المواطنة القائم علي الانتساب للدولة والنظام لا للطائفة أو الدين‏.‏
وهكذا تحولت الولاءات الطائفية والعائلية والقبلية الي ولاءات ثانوية‏,‏ ويصبح الولاء للوطن هو الولاء الأول‏,‏ وتختفي تدريجيا التقسيمات علي أساس الطائفة والعقيدة والقبيلة والنزاعات التي تترتب عليها‏,‏ ويحل محلها تدريجيا التقسيمات علي أساس الإيديولوجيا يمينا ويسارا ووسطا أو علي أساس الثقافة محافظين وليبراليين أو علي أساس المصلحة الأقتصادية رأسماليين ورجال أعمال وعمالا وبرجوازية متوسطة وصغيرة وتظهر التشكيلات السياسية الحديثة بدلا من الطوائف القديمة فيظهر الحزب السياسي والنقابات والروابط والاتحادات والجمعيات الأهلية كما ينعكس ذلك الاتجاه في ظهور المفكرين والفلاسفة الوطنيين وألوان من الفنون الوطنية في الموسيقي والشعر والغناء بل تنعكس علي ظهور الفرق والأبطال الرياضيين‏.‏
كان هذا هو الطريق الذي سكلته دول أوروبا‏,‏ إنجلترا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا وغيرها في الطريق من طائفية العصور الوسطي إلي المواطنة في العصور الحديثة‏.‏ ومازالت المواطنة في تلك البلاد تتعزز بفعل نظم تعليمية ومدارس علمانية وليبرالية‏,‏ بل تتجاوز المواطنة إلي الآفاق الرحبة للإنسانية‏.‏
وفي مصر بدأ التأسيس للمواطنة في عهد محمد علي‏(1805-1848)‏ ففي محاولته تأسيس دولة توسعية حديثة علي أنقاض مساحات عديدة من الإمبراطورية العثمانية لم يفرق بين عناصر السكان حين كان يبحث عن معاونيه في مشروعاته المختلفة‏,‏ ومن هنا فقد كان بينهم المسلمون والمسيحيون بل الفرنسيون والإيطاليون والشركس والأتراك والأكراد وغيرهم‏.‏ فقد أدرك أن النظام هو أساس هذه الدولة الحديثة‏,‏ وأن هذا النظام العام الموضوعي المجرد سيكون أداة تلك الدولة‏,‏ وسيكون في الوقت نفسه أداة انعتاقها من غياهب العصور الوسطي وحكم الخلفاء الأتراك‏,‏ ومن هنا فقد حرص علي اختيار معاونيه علي أساس الكفاءة والمهنية‏,‏ بصرف النظر عن دياناتهم‏,‏ فكلوت بك يؤسس للطب والتنظيم الصحي الحديث‏,‏ والكونيل سيف يؤسس الجيش‏,‏ ودي سريزي يؤسس الأسطول‏,‏ وشامبليون يؤسس لعلم المصريات‏,‏ كما يستعين بالسان سيمونيين في العديد من مشروعاته التنموية‏.‏
وفي الإدارة والمالية‏,‏ عين محمد علي من الأقباط المصريين‏,‏ باسيلوس غالي مديرا للحسابات‏,‏ وبطرس أرمانيوس مديرا لمدينة برديس‏,‏ وفرج ميخائيل لدير مواس‏,‏ وميخائيل عبده للفشن‏,‏ وتكلاسيداروس لبهجورة ورزق أغا للشرقية‏,‏ وحنا الممقبادي سكرتير عموم قبلي‏,‏ ووجيه ابراهيم كبيرا لكتبة ديوانه‏,‏ طبعا هذه بعض النماذج لتأكيد أن بناء الدولة الحديثة يحتاج نظاما يؤكد مبدأ المساواة بين جميع مواطني الدولة‏,‏ وهو النظام الذي أرساه محمد علي‏,‏ وسار عليه خلفاؤه‏.‏
غير أن غلبة الطابع العملي والعسكري علي مشروعه قد انعكست علي غياب الأديان الفكرية والسياسية التي تؤسس للمواطنة الحديثة في مصر‏.‏
وعندما بدأت المجالس النيابية في البلاد منذ مجلس شوري النواب سنة‏1866‏ كانت جميع مجالس النواب المصرية تضم المسيحيين إلي جانب المسلمين‏,‏ وجميع لجان وضع الدساتير المصرية كذلك‏,‏ ولايجد الخديو إسماعيل غضاضة في أن يكون أول رئيس وزراء لمصر‏,‏ وهو نوبار باشا‏,‏ مسيحيا‏,‏ وتلاه في عهد عباس التاني بطرس غالي‏,‏ وفي عهد الملك فؤاد يوسف وهبة‏,‏ولكن يبدو أن الاحتلال البريطاني‏(1882)‏ قد استفز روح المواطنة لدي المصريين‏,‏ فكان السعي لاستقلال مصر وترقيتها قسمة مشتركة بين المسلمين والمسيحيين‏,‏ بل تعزز الاتجاه نحو المواطنة بالدعوة للاستقلال عن الخلافة العثمانية عبر دعوة أحمد لطفي السيد‏(1872‏ 1963)‏
مصر للمصريين غير أن ذلك السعي نحو ترسيخ قيم المواطنة قد أخذ شكله المتكامل بعد ثورة‏1919,‏ والتي اشتركت فيها الأمة بجميع طوائفها‏,‏ وجاء دستور‏1923,‏ الذي علي الرغم من أنه نص علي أن دين الدولة هو الإسلام‏,‏ إلا أنه قد أسس لدولة حديثة مدنية في مختلف أنشطة المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية‏.‏
بل ويتولي ويصا واصف رئاسة البرلمان‏,‏ مؤسسة التشريع والرقابة الأولي في البلاد وعندما تعرض الوفد لانشقاق السبعة ونصف‏,‏ كانت لجنته العليا تتكون من ثلاثة أقباط واثنين فقط من المسلمين‏,‏ والوفد هو الحزب الممثل للأمة المصرية قبل يوليو ولم تعرف رئاسات منصات القضاة حتي أعلي درجاتها منذ تأسيس نظامنا القانوني الحديث أي تمييز بين مسيحي ومسلم‏,‏ وجميع أبناء جيلي سيظلون يذكرون بكل العرفان القاضي العظيم المرحوم حكيم منير صليب‏,‏ وحكمه الذي برأ ألفا من المتهمين في أحداث يناير‏1977.‏
والي جانب وعي الحكام وقادة الأحزاب السياسية التي تتولي الحكم بالمواطنة كقاعدة أساسية في حكم البلاد وإشاعة ثقافة سياسية مستنيرة‏,‏ فقد ساهمت المدارس والجامعة في تخريج طبقة من المثقفين الليبراليين الذين ساهموا في غرس ثقافة حقيقية للمواطنة والتفاعل بين المجتمع ومختلف التحديات الثقافية التي تواجهه علي أساس من تلك المواطنة‏.‏
ومن هنا فقد كانت الاختلافات حول تلك التحديات تدور حول محاور‏:‏ الأغنياء والفقراء‏,‏ اليمين واليسار‏,‏ أنصار الأقلية أو الأغلبية‏,‏ المحافظين والمجددين الأميين والمتعلمين‏,‏ وغيرها من تقسيمات مدنية حداثية‏,‏ لا يعتبر الدين أو المقاييس الدينية أحد معاييرها‏,‏ فهل يمكننا ان نعيد صياغة اختلافاتنا بحيث تصبح اختلافات ثقافية وسياسية حتي نتجنب مصير الصومال والسودان وأفغانستان؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.