ذهبت الي كفر الشيخ للمشاركة في واحدة من الندوات التي تجوب محافظات مصر للتعريف بثقافة حقوق الانسان والتي تنظمها وزارة الداخلية في اطار المبادرة التي يتبناها ويدعمها اللواء حبيب العادلي بنفسه, ويحرص علي اتاحة فرصة الحضور للمواطنين حتي يطرحوا كل القضايا التي تهمهم خاصة تلك المرتبطة بعلاقتهم بأجهزة الأمن. وعلي الرغم من أن كفر الشيخ ليست من المحافظات النائية أو البعيدة عن قلب الدلتا القديمة, الا أنها تبدو مختلفة في كثير من النواحي مما يجعلها' نموذجا' للمقارنة والتحليل لما تعيشه, وما يدور الأجواء الهادئة هناك تعيدنا الي قضية بالغة الأهمية حول الكثافة السكانية وتأثيرها علي الحياة اليومية والسلوكيات التي تبدو بعيدة كل البعد عما اعتدناه في القاهرة من صخب وهرولة في كل اتجاه. وتأكد لي ما نكرره دائما من أن مصر ليست العاصمة وحدها أو بضع مدن لا تزيد علي أصابع اليد الواحدة وتشغل العناوين والصفحات والبرامج الفضائية تحديدا وتنسي وتتناسي الغالبية العظمي من المصريين. الوجوه الطيبة في كفر الشيخ تذكرنا بسمات واصول الشخصية المصرية التي عرفناها وتربينا علي يديها قبل أن تخترق الفضائيات والصحف الصفراء والسوداء والمواقع الالكترونية وغيرها من أدوات التحريض حياتنا. لا صراخ ولا تشنجات ولا انفعالات كاذبة ولا ادعاءات بطولة مزيفة كالتي تطاردنا هنا, وهذا يؤكد أن باعة الأرصفة السياسية لا يجدون سوقا لمنتجاتهم الا في المناطق المكتظة والخانقة. وقد انعكس ذلك كله علي مجمل الأوضاع بما في ذلك الحالة الأمنية التي تسجل معدلات طبيعية للغاية ولا مجال للجرائم الغريبة والبشعة التي تهز الرأي العام. وفي الحوار المباشر كان الوعي حاضرا لتلك المخططات الهادفة الي احداث الوقيعة بين أجهزة الشرطة والمواطنين حتي تجد قوي الفوضي والاثارة فرصتها للنفاذ والتسلل لزعزعة الاستقرار اذا نجحت في احكام الحصار النفسي علي رجال الأمن. وللحديث بقية..