بعد انهيار الاتحاد السوفيتي واستقلال عدد من جمهورياته وإعادة نظر قادته في الفلسفة الشيوعية والنظام الاشتراكي وانفتاح قلاع الاشتراكية في العالم علي نظام التجارة الحرة مثلما حدث في الصين ايضا وفيتنام وغيرها.. ربما لم تبق دولة مخلصة لمبادئها الاشتراكية بالقدر الذي كانت عليه كوبا من حيث المحافظة علي القطاع العام وملكية الدولة لوسائل الإنتاج, وتوظيف كل الخريجين وتدعيم السلع بصورة مباشرة إلي غير ذلك من مبادئ الاشتراكية. ويبدو أن رياح التغيير بدأت تطول كوبا الحصن الأخير للاشتراكية في العالم فبدأت الحكومة المركزية تعيد النظر هي الاخري في ممارساتها في التوظيف والتجارة والإدارة في محاولة منها للاندماج في الاقتصاد العالمي, وبدأت تتخلي عن بعض من أهم مبادئها وهو مانشرته صحيفة ال هيرالدتريبيون الأمريكية أخيرا في تقرير لمحررها مارك لاسي.فعندما تطأ قدماك كوبا لأول مرة سوف تدهش من عدد صور فيدل كاسترو واللوحات التي تحمل مقتطفات من أقواله الموجودة في الشوارع مقابل ندرة الإعلانات التجارية. غير أن هذا كله أصبح قابلا للتغيير بعد إعلان الحكومة الكوبية عن تخفيض عدد العاملين بالحكومة بنسبة10% وإحلالها بمئات الآلاف من العمال المسرحين ليتم توظيفهم بالطريقة المتبعة في نظام التجارة الحرة. فالسؤال الآن هو: هل يمكن لدولة اشتراكية مثل كوبا ذات مستقبل غير واضح المعالم أن تبدأ العمل مع كبري الشركات العالمية مثل شركة جويل للتوظيف المهني وشركة ديانا لترميم الأثاث؟ في الحقيقة ربما, لكن هذا سيصاحبه تغييرات عنيفة وكبري. فعلي سبيل المثال, سوف يلجأ الكوبيون إلي توظيف غيرهم من الكوبيين في المشروعات الصغيرة منشئين بذلك علاقات مباشرة بين الموظف ورئيسه بعيدا عن التدخل المباشر للحزب الاشتراكي. لأن مجرد الحصول علي شيك بالمرتب يعتبر في حد ذاته تحديا جديدا, إذ إن متوسط الرواتب الشهرية في كوبا يبلغ نحو25 دولارا وذلك طبقا لنوع العمل الذي يمتهنه الكوبي, وليس لجهده المبذول فأبناء المهنة الواحدة كلهم متساوون وفقا للنظام المتبع حاليا, وذلك يمكن أن يوجد كادرا أشبه بالرأسمالية محررا من القيود التي سيحاول آل كاسترو وخلفاؤهم اثبات عدم القدرة علي السيطرة عليها. كما يتوقع البعض أن هذا التغيير في كوبا يمكن أن يحدث تغييرا مماثلا في دول مثل روسيا والصين. بالرغم من ذلك, فإن الخبراء يحذرون من محاولة التطلع إلي نتائج هذا الإعلان مهما يكن صادما للكوبيين وأن يعتادوا علي نظام جديد يمكن أن ينجيهم أو يغرقهم. فحكومة كاسترو تعترف بأنها في مشكلة كبيرة لكن هافانا دائما ما كانت تربط ايديولوجيتها بخوفها وازدرائها للولايات المتحدة والنظام الاقتصادي الأمريكي. وقد قام المسئولون الكوبيون بعد انهيار النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي خلال العقدين الآخرين بزيارة روسيا, فيتنام والصين, وقد تعلموا بلا شك دروسا هائلة من كل دولة قاموا بزيارتها علي حدة, فالرئيس راؤول كاسترو اعتبر جهود جورباتشوف التي أدت إلي تنشيط النظام السياسي السوفيتي التي أدت ايضا إلي انهيار الشيوعية بمثابة تحذير لنظامهم.