تعرف على عقوبة جريمة التسول طبقا للقانون    تراجع سعر الدولار منتصف تعاملات اليوم فى البنوك المصرية    سعر جرام الذهب صباح اليوم في مصر    وزير الصحة: انخفاض معدلات الزيادة السكانية من 5385 إلى 5165 مولودًا يوميًّا    رقم تاريخي جديد.. الزراعة تعلن تجاوز تمويل مشروع "البتلو" 10 مليارات جنيه    الوزير يتابع تنفيذ أعمال القطار الكهربائي السريع ويشهد الانتهاء من «كوبري الخور» العملاق    ارتفاع عدد ضحايا المجاعة في غزة إلى 258 شهيدا بينهم 110 أطفال    أمواج بارتفاع 15 وانزلاقات أرضية ضخمة تضرب ألاسكا (فيديو)    الدوري الفرنسي، مصطفى محمد يقود نانت أمام باريس سان جيرمان الليلة    مواعيد مباريات اليوم الأحد 17-8-2025 والقنوات الناقلة لها    القبض على المتهمين بسرقة هاتف مسن أمام الصراف الآلي بالإسكندرية    شهيد لقمة العيش .. وفاة شاب أقصري إثر تعرضه لحادث خلال عمله بالقاهرة    إصابة 3 سيدات في حادث انقلاب سيارة بالإسماعيلية    انتظام لجان امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة بالدقهلية    أروى جودة تعلن عن وفاة ابن شقيقها    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    الصحة تقدم أكثر من 30 مليون خدمة طبية وعلاجية خلال النصف الأول من 2025    مجمع السويس الطبي ينجح في إجراء عملية دقيقة بالقلب    «الرعاية الصحية» تطلق مبادرة لاستقطاب الخبرات الطبية المصرية العالمية    العذراء في عيون الفن.. من الأيقونة القبطية إلى الشاشة واللحن    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض الحرارة والعظمى تسجل 31 درجة    تحويلات مرورية بشارع 26 يوليو بالجيزة بسبب أعمال المونوريل    فحوصات طبية ل فيريرا بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة عقب مباراة المقاولون    "لا يصلح".. نجم الأهلي السابق يكشف خطأ الزمالك في استخدام ناصر ماهر    يسري جبر: الثبات في طريق الله يكون بالحب والمواظبة والاستعانة بالله    موعد آخر فرصة لتقليل الاغتراب والتحويلات بتنسيق المرحلتين الأولى والثانية    تحرك شاحنات القافلة السادسة عشرة من المساعدات من مصر إلى غزة    الأحد 17 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    شرطة الاحتلال: إغلاق 4 طرق رئيسية بسبب إضراب واسع في إسرائيل    "بشكركم إنكم كنتم سبب في النجاح".. حمزة نمرة يوجه رسالة لجمهوره    الأردن يدين تجميد إسرائيل حسابات بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس    صناديق «الشيوخ» تعيد ترتيب الكراسى    إصلاح الإعلام    فتنة إسرائيلية    جمعية الكاريكاتير تُكرّم الفنان سامى أمين    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    "يغنيان".. 5 صور لإمام عاشور ومروان عطية في السيارة    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم في مصر الأحد 17 أغسطس 2025 بعد خسارة 1.7% عالميًا    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    مشيرة إسماعيل تكشف كواليس تعاونها مع عادل إمام: «فنان ملتزم جدًا في عمله»    مصرع شخصين وإصابة 30 آخرين فى انقلاب أتوبيس نقل على الطريق الصحراوى بأسيوط    للتخلص من الملوثات التي لا تستطيع رؤيتها.. استشاري يوضح الطريق الصحيحة لتنظيف الأطعمة    فرح يتحوّل إلى جنازة.. مصرع 4 شباب وإصابة آخرين خلال زفة عروسين بالأقصر    وكيل صحة سوهاج يصرف مكافأة تميز لطبيب وممرضة بوحدة طب الأسرة بروافع القصير    رويترز: المقترح الروسي يمنع أوكرانيا من الانضمام للناتو ويشترط اعتراف أمريكا بالسيادة على القرم    8 ورش فنية في مهرجان القاهرة التجريبي بينها فعاليات بالمحافظات    «مش عايز حب جمهور الزمالك».. تعليق مثير من مدرب الأهلي السابق بشأن سب الجماهير ل زيزو    رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع تعادل الزمالك والمقاولون العرب؟ (كوميك)    وزيرا خارجية روسيا وتركيا يبحثان هاتفيًا نتائج القمة الروسية الأمريكية في ألاسكا    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    «أوحش من كدا إيه؟».. خالد الغندور يعلق على أداء الزمالك أمام المقاولون    «زي النهارده».. وفاة البابا كيرلس الخامس 17 أغسطس 1927    "عربي مكسر".. بودكاست على تليفزيون اليوم السابع مع باسم فؤاد.. فيديو    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصري الساحر‏00‏ بيرم التونسي
د‏/‏ كمال مغيث

بعد عدة أشهر‏(5‏ يناير‏)‏ تمر خمسون سنة علي رحيل فنان الشعب بيرم التونسي‏,‏ ذلك العبقري الذي أثري وجداننا وحياتنا ومازال يثريها بفيض روائعه التي تتغني بها أم كلثوم وغيرها من الفنانين‏0‏
ولد بيرم في شهر مارس سنة‏1893,‏ بحي الأنفوشي بالإسكندرية‏,‏ وسمي بالتونسي إذ هاجر جده لأبيه واستقر بالإسكندرية منذ سنة‏1833,‏ أما أمه فقد كانت مصرية خالصة‏,‏ كان أبوه يعمل بقالا وأدخله الكتاب وبعده أحد المعاهد الدينية‏,‏ فضاق صدره بالدراسة المتزمته وكان يتوق إلي الحرية والإبداع والتمرد فهجر الدراسة وخاصة بعد موت أبيه وهو بعد صبي‏,‏ وعمل شريكا في محل البقاله الذي يمتلكه أبوه ولكنه خسرالمحل ورأس ماله القليل‏,‏ فراح يعمل بمهن مختلفة وهو في نفس الوقت قارئ نهم للشعر والأدب وعيون التراث‏,‏ يمتلك روحا متوهجة وعقلا ثائرا ناقدا‏,‏ وراح يكتب أزجالا بالعامية ويقرأها علي بعض أصدقائه‏,‏ الذين وجدوا فيه صوتا جديدا وروحا مختلفه عما كان سائدا من أزجال‏,‏ وعندما قرر المجلس البلدي للإسكندرية ضرائب أهلية فادحة كتب بيرم رائعته‏:‏ المجلس البلدي‏,‏ التي أشاعت شهرته في المدينة‏,‏ وفي سنة‏1917,‏ رفض الكثير من أفراد الأسرة المالكة تولي عرش البلاد تحت الحراب الإنجليزية‏,‏ وقبل أحمد فؤاد‏,‏ فكتب بيرم‏:‏ ولما عدمنا بمصر الملوك‏/‏جابوك الإنجليز يافؤاد سلطنوك ثم إلتقي بسيد درويش وجاءا معا إلي القاهرة‏,‏ مع قيام ثورة‏1919,‏ فكتب له بعض روائعه ومنها‏:‏ اليوم يومك ياجنود‏/‏ماتجعليش للروح تمن وأنا المصري كريم العنصرين‏/‏بنيت المجد بين الأهرمين وأصدر مجلته النقدية اللاذعةالمسلة وعندما تزوج الملك من زوجته نازلي‏,‏ كتب بيرم فيها هجاء مقزعا‏,‏ كان من نتيجته القبض عليه سنة‏1920,‏ ونفيه إلي تونس‏,‏ حيث لم يرق له الحال فرحل إلي فرنسا ليعيش حياة الفاقة‏,‏ وكتب‏:‏ الأولة مصر قالت تنسي ونفوني‏,‏جزاة الخير‏,‏ وإحساني‏/‏ والتانية تونس وفيها الأهل جحدوني‏,‏وحتي الغير‏,‏ ما واساني‏/‏ والتالتة باريس وفيها الكل نكروني‏,‏ وانا موليير في‏,‏ زماني‏,‏ ورغم ذلك فقد استمر وهو في المنفي علي علاقة وطيدة بالمثقفين المصريين المغتربين من ناحية‏,‏ ويرسل بدائعه من هناك لتنشر وتغني في القاهرة‏.‏
وفي سنة‏1937,‏ وبعد‏17‏ سنة قضاها في المنفي هبط من إحدي السفن خلسة في ميناء بور سعيد وتسلل إلي القاهرة‏,‏ واتصل ببعض الكبراء الذين توسطوا لدي الملك فاروق واقتنع فاروق أن قضية بيرم لم تكن معه وإنما مع أبيه الراحل‏,‏ فضلا عن أن بيرم بأشعاره قد أصبح اسما وطنيا مرموقا وفاروق نفسه في بداياته يود أن يظهر في صورة الملك الطيب‏,‏ واتصل بيرم بأم كلثوم فغنت له وغني له عبد الوهاب وكارم محمود وعبد الغني السيد وعباس البليدي وكثيرون غيرهم‏,‏ واختار بيرم أن ينحاز صراحة إلي العدل والعقل والحرية‏,‏ ومن هنا فقد كان شعره بمثابة سوط يلهب ظهور الرجعيين والظالمين‏.‏
يقول فاضحا الفوضي واختلال المعايير‏:‏ أربع عساكر جبابرة يفتحوا برلين‏/‏ ساحبين بتاعة حلاوة جاية من شربين‏/‏ شايلة علي كتفها عيل عينيه وارمين‏/‏ والصاج علي مخها يرقص شمال ويمين‏/‏ إيه الحكاية يابيه؟‏/‏ آل خالفت الجوانين‏/‏ إشمعني مليون حرامي في البلد سارحين‏/‏ يمزعوا في الجيوب ويكسروا الدكاكين‏/‏ أسأل وزير الشئون ولا أكلم مين؟‏.‏
وينتقد تفشي الرشوة بين موظفي الحكومة فيكتب‏:‏ بخمسين قرش ترفع ميكروفونك لوش الفجر وزيادة شوية‏/‏بخمسين قرش تنهب أجزخانة من المستشفيات القاهرية‏/‏بخمسين قرش يعفيك المفتش من الغرامات ويشطبلك قضية‏/‏بخمسين قرش أكتب لك مقالة بأنك من رجال العبقرية
وعندما اكتشفت مقبرة توت عنخ آمون ناجاه منتقدا أحوالنا‏:‏ في مصر كنت الملك لك جيش ولك حامية‏/‏ودولة غير دولتك ما تعمل المومية‏/‏وأمة غير أمتك ما تزرع البامية‏/‏ولما خشوا عليك المقبرة يلاقوك نايم مفتح‏..‏ ولكن في بلد عامية‏.‏
وعندما اعترض الشيخ التفتازاني‏,‏ علي بعض الدعوات التعاونية كتب بيرم‏:‏ لا في الجوامع رأيت مثلك ولا في الدير‏/‏عالم ومسلم وبتعارض في فعل الخير‏/‏مدام فضيلتك بتاكل كستيلته وطير‏/‏يبقي الدريس والدرة والفجل للخرفان‏/‏لا‏..‏ والتلامة يستشهد لنا بالدين‏/‏إنه أمر يبقي نص المسلمين جعانين‏/‏إن كنت فاهم شريعة العدل عن لينين‏/‏انظر شريعة نبينا نازلة في القرآن‏/‏كان النبي والصحابة يجلسوا ع الأرض‏/‏ ماكانش لهم حد لا بالطول ولا بالعرض‏/‏سيدنا عثمان ما كانش عنده رتبة بيه‏/‏حتي الخليفة عمر كان يشتغل بإديه‏/‏ولا إمامنا علي عنده ألف جنيه‏/‏ولا أبو بكر عنده ست آلاف فدان‏/‏ولما تتوزع الحنطة وصاع التمر‏/‏كان اللي ياخده بلال قد اللي ياخده عمرو‏.‏
ومن هنا فإنني أدعو الصديق الدكتور عماد ابو غازي أمين عام المجلس الاعلي للثقافة وهو عاشق للثقافة المصرية بلا شك‏,‏ للاحتفال بالذكري الخمسين لرحيل فنان الشعب بيرم التونسي‏,‏ الذي مازال يثري وجداننا ويغني حياتنا ولا يمكن تصور وجداننا المصري بدون أن نتغني ب أهل الهوي‏,‏ والاهات‏,‏ والحب كده‏,‏ والاولة بالغرام‏,‏ والأمل‏,‏ وانا في انتظارك‏,‏ وشمس الاصيل‏.‏
وقد مات بيرم التونسي يوم الاربعاء الخامس من يناير سنة‏1961,‏ حيث تصادف ان اليوم التالي الخميس موعد الحفلة الشهرية لأم كلثوم وقد قررت أم كلثوم تأجيل حفلتها للشهر القادم‏,‏ غير أن أحد الناصحين نصحها أن تبقي علي الحفلة في موعدها‏,‏ فأبقت عليها‏,‏ وراح الناس للعزاء في الفنان الخالد وقراءة الفاتحة علي روحة وعادوا لحضور حفلة أم كلثوم الشهرية التي راحت تتغني بآخر ماغنت لبيرم هو صحيح الهوي غلاب ما اعرفش انا‏..‏يا قلبي آه الحب وراه أشجان وآلام واندم وأتوب وعلي المكتوب ما يفيدش ندم وبكي الناس وبكت أم كلثوم‏,‏ كما لم يبكوا من قبل‏,‏ وكانت روح بيرم تحلق فوق الرؤوس‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.