منذ أعوام صارت السمة الأساسية لشهر رمضان المعظم لدي التليفزيون المصري أو الفضائيات بشتي أنواعها التسابق المذهل حول عرض أكبر عدد من الأعمال الدرامية التي وصلت هذا العام إلي83 مسلسلا أضيف لها عدد من البرامج التليفزيونية في سباق غريب من نوعه لم تشهده شاشتنا الصغيرة من قبل, فصارت لدينا منظومة متدنية من العروض الدرامية وبرامج الحوارات غير المهمة التي بدلا من أن تعمل علي جذب المشاهد انصرف عنها, وهو يتحسر علي زمن صار صعب المنال... سألنا المثقفين المصريين عن رأيهم فجاء علي النحو التالي: الكاتب فؤاد قنديل يري أن التليفزيون منذ سنوات طويلة, وليس هذا العام فقط يفسد شهر رمضان علي المسلمين, وقال أتصور أنه لابد أن يعيد المسئولون النظر في الحملة الضارية التي تسعي لتفريغ رمضان من أهدافه وجدواه وقيمته الروحية... ويضيف قنديل المسلسلات هزيلة تحمل تجاوزات غير محتملة أو برامج تافهة لا تقدم أي إضافة, كلها وسائل لنهب أموال الدولة وأموال الشعب, ولذلك أتحفظ علي كل الخرائط الممتدة علي كل قنوات التليفزيون, فهذه مهزلة كبيرة لتضييع الوقت ويكفينا المسلسلات التي تدعو للعنف والنصب والمخدرات... ولكن هناك بعض الأعمال الجيدة منها مسلسلات تحمل رسالة ودورا إجتماعيا وتربويا وثقافيا هادفا مثل الجماعة شيخ العرب سقوط الخلافة السائرون نياما وبأي حال فإنها لا تتجاوز نسبة الخمسة بالمائة. فيما قال الناقد الدكتور عبد المنعم تليمة أنه سعيد بهذا الهجوم المسلسلاتي لأنه يدل علي وجود صحوة تعددية وأضاف عن نفسي أتابع شيخ العرب همام لأنه يطلعنا علي جزء من تاريخنا القريب, كما يطلعنا علي نماذج للعمل والصمود والخير والمناضلة والشرف والرجولة متمثلة في همام, كما أود أن أرسل تحية للفنانة صابرين علي جهدها الواضح في العمل, وأتابع مسلسل الجماعة الذي تصدي فيه وحيد حامد لأمر بالغ الخطورة, وبهذه المسئولية الرفيعة لابد أن نحييه هو ومن معه أما البرامج فأتابع منها بين قوسين الذي تقدمه عزة مصطفي. ويقول الروائي يوسف القعيد هناك كارثتان تهددان الدراما بشكل عام.. النجم الأوحد والإعلانات, فكل عمل يفصل لنجم بعينه سلفا والاعلانات هي الأساس في عرض الأعمال.. وعلي كل يحسب للدراما هذا العام شيئان, الأول هو اعطاء الفرصة للمخرجين الشباب مثل مسلسلات أهل كايرو والجماعة والحارة والثاني أن معظم مسلسلات هذا العام تعتمد علي البطولة الجماعية, وهذا يحارب ظاهرة النجم الأوحد الذي يفصل عليه العمل خصيصا. أما الروائي محمد جبريل فيري أن ما يعرض بالتليفزيون وسيلة جيدة لتربية شعب من البلهاء, فكلما رأيت مستوي الأعمال الدرامية التي تعرض الآن أشعر, وكأن مصر خلت من المبدعين الحقيقيين فكل ما يهم كاتب القصة هو أن يحصل علي أجر السيناريو بدون النظر لأي اعتبارات فنية أخري وتساءل جبريل عن دور الجهة التي تقرأ, وقال علي أي أساس تتم الموافقة علي هذه الأعمال المتدنية, انظروا إلي برنامج بحث ميداني الذي يعرض علي قناة القاهرة والناس هذا البرنامج يستخف بالبسطاء من الشعب المصري ويظهرهم وكأنهم بلهاء ولا أدري لمصلحة من يظهر الشعب المصري أمام الدول العربية والعالم كله بهذا الغباء. كما أعرب السيناريست محمد صفاء عامر عن استيائه مما يعرض هذا العام علي التليفزيون ويقول لا أدري لماذا التيمة الرئيسية في معظم المسلسلات خاصة التي تتناول المجتمع الصعيدي تظهر الصعيد وكأنه بؤرة لتجارة المخدرات, وهذا طبعا غير صحيح, ويعني أن المؤلف لم يكلف نفسه عمل بحث ميداني يعرف من خلاله السمات الرئيسية لجنوب مصر, فالأولي من مناقشة تجارة المخدرات هو مناقشة تجارة السلاح أو الآثار في صعيد مصر, بينما أشاد صفاء عامر بمسلسل الجماعة, وقال أتابعه باهتمام, فهو مكتوب حواريا بدقة ويناقش قضية مهمة.