الأزمة المالية العالمية فجرت جراحا لدي العديد من دول العالم وتتمثل تلك الجراح في الدين العام الذي يشكل خطرا علي استقرارها المالي. وقد ازدادت الديون العامة خلال السنوات الخمس الماضية بنسبة45% لتصل إلي نحو28 تريليون دولار. ويرجع هذا إلي تدهور قيمة العائدات الضريبية المرتبطة بالانكماش وارتفاع النفقات العامة لدعم الاقتصاد. وقد اشارت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إلي ان الدين العام لم يقتصر علي الدول النامية بل شمل الدول المتقدمة فالدول الثلاثون الأكثر تقدما في العالم ستشهد ارتفاعا في ديونها مع نهاية عام2010 ليشمل نسبة مرتفعة من ناتجها المحلي وهو ما يمثل ضعف ديونها تقريبا خلال عشرين عاما.. موضحة أن هناك دولا يمثل لديها الدين العام100% من اجمالي الناتج المحلي, يعني ان كل ما يتم انتاجه خلال عام سيخصص لتسديد الديون, وأكد الخبراء ان استمرار الدين العام في الارتفاع لدي كثير من الدول سيضعها في ظروف صعبة في التمويل الذاتي. وقد بدأت الأسواق تشك في قدرة بعض الدول علي إعادة تسديد ديونها وبالتالي تتوقف حلقة الامداد بالأموال للنهوض باقتصادياتها وتحقيق التنمية. كما أن تواصل الدين العام في الارتفاع ستكون له سلبيته بالنسبة للتصنيف الجيد للدول والذي يسمح لها بالاقتراض بمعدلات فوائد مخفضة. وان تلك الدول تجد نفسها مضطرة إلي زيادة الفوائد التي تدفعها للمدينين ستواجه تكلفة دين اكبر وقد تستدين من جديد باسعار فائدة كبيرة لمواجهة وضع الدين العام المتفاقم وهذا ما يجعل الدين ملفا متفجرا. واوضح الخبراء ان ارتفاع الدين العام يجعل الدول تتخلي عن عملية الانفاق العام في الدعم وزيادة الضرائب وتخفيض النفقات العامة وهذا يؤدي إلي الانكماش ويقوض من القدرة الشرائية لدي الأسر. وفيما يتعلق بالدين العام العربي أكد صندوق النقد العربي أن عددا كبيرا من الدول العربية يعاني تفاقم أزمة المديونية الخارجية, حيث بلغت157 مليار دولار وبلغت المديونية الداخلية لتسع نحو190 مليار دولار وهي مصر, والجزائر, والعراق, والكويت, ولبنان, وموريتانيا, واليمن, وسوريا, والأردن, ويمثل الدين العام للدول العربية نحو66.4% من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي البالغ1.8 تريليون دولار. وقد شهد الدين العام العربي ارتفاعا بنسبة6.7% وقد انعكس الارتفاع في حجم الدين العام الخارجي بصورة سلبية نسبة إلي الناتج المحلي الاجمالي. وتبلغ قيمة خدمة الدين نحو16 مليار دولار. بالنسبة الدول العربية. وتنقسم الدول العربية وفقا لمؤشرات عن المديونية إلي ثلاث مجموعات, حيث تضم المجموعة الأولي الدول التي يعتبر عبء المديونية معتدلا نسبيا وتقل نسبة الدين العام القائم إلي الناتج المحلي الاجمالي في هذه الدول عن50%, كما يعتبر اداء هذه الدول فوق المتوسط بالنسبة للدول المقترحة, أما المجموعة الثانية التي تعتبر عبء المديونية فيها مرتفعة فتضم مصر, واليمن, وتونس, ولبنان, والأردن, بينما المجموعة الثالثة فتضم الدول التي يعتبر عبء المديونية فيها عاليا ومتفاقما وتشمل موريتانيا, والسودان, والصومال, حيث تزيد نسبة الدين القائم إلي الناتج المحلي الاجمالي في هذه الدول علي100%. واكدت التقارير أن مشكلة الدين ليست مقصورة علي مصر بل تشمل معظم الدول النامية وعددا من الدول المتقدمة ولكن تتفاوت درجات خطورة الدين العام مقارنة بنسبة الناتج الاجمالي المحلي, وقد صنف الاتحاد الأوروبي الدين العام نسبة إلي الناتج الاجمالي المحلي60% تكون مقبولة وأعلي من هذه النسبة تكون في مرحلة الخطر.