يبدو أننا نوشك علي دخول مرحلة جديدة, عنوانها زواج المال والإعلام, بارونات الثروة يتسابقون علي هذا المجال الحساس, وإذا كنا قد جربنا وعانينا, ودفعنا ومازلنا ندفع, فاتورة الزواج بين المال والسلطة وأجمع الجميع علي أنه زواج باطل, فنحن نوشك أن نشهد زواجا أخطر وأشد بطلانا وهو هذا الزواج الجديد بين المال والإعلام. أولا: هذه الثروات في حد ذاتها هي محل للشك في مصدرها, ومحل للشك في الطرق التي جمعت بها, ومحل للشك في السرعة الرهيبة التي تراكمت من خلالها, وهذه الشكوك جميعا لا تجد ما ينفيها, وكل ادعاءات الطهارة التي يزعمها أصحابها تزيد من الارتياب بدلا أن تقتلعه من جذوره. ثانيا: هذه الثروات, بدخولها في مجال الإعلام, فإنها تنتقل به إلي حيز البيزنس بصراعاته ومصالحه وتكتلاته, بصورة لا تتفق ولا تتسق مع درجة التطور الاجتماعي التي تمر بها مصر التي لاتزال في مجموعها تنتمي إلي منظومة الدول النامية. ثالثا: هذه الثروات, التي تجمعت في أيدي أصحابها, بصورة عشوائية, سوف تنقلنا طورا أخطر ومسافات أبعد إلي فضاء الإعلام العشوائي غير المنظم, وهو ما جربناه علي نطاق محدود في السنوات العشر الأخيرة, ويبدو أن هذا النطاق سوف يمتد ويتسع بصورة مرعبة خلال السنوات العشر المقبلة. رابعا: هذا الزواج المتسرع والباطل بين المال والإعلام, يجري تحت سطوة الطرف الأقوي وإغرائه وإغوائه الذي لا يقف عند حدود, ولا يبالي بالحرام, ولا يعبأ بالحلال, ويكتب قسيمة الزواج حسب إرادته, ويملي الشروط وفق رغبته, وينفرد وحده بتقرير مصير الطرف الأضعف وهو هنا الإعلام, الذي يجد نفسه مضطرا لأن يدخل بيت الطاعة, ويلبي شروط الطرف الأول.. أي المال, حتي لو كان ممن يفضلون التحرر والتعري, وحتي لو كان ممن يفرضون علينا الحجاب والنقاب, وقد يوجد من أرباب المال من يستبيحون الجمع بين أكثر من زوجة, بأكثر من مذاق, وأكثر من لون, فتجتمع المحجبة, مع المنقبة, مع المتحررة, مع البلدي, مع الشابة, مع العجوزة, مع الفقيرة, مع الأرملة صاحبة الثروة من زواج سابق. أخيرا وليس آخرا: الإعلام المصري يقف علي مفترق طرق, وأصحاب الثروات يطرقون الأبواب بعنف, ويقتحمون بجرأة.. فماذا نحن فاعلون؟