منذ عدة سنوات تصدر مراكز البحوث الجوية والبيئية تحذيرات متتالية من ارتفاع درجة حرارة الأرض, بشكل متدرج, ورغم أن البعض يتعامل مع هذه التقارير بالكثير من الاستخفاف, فإنها أصبحت تفرض نفسها علي العديد من الملتقيات والفاعليات الدولية ومنها قمة الأرض التي تعقدها الأممالمتحدة بمشاركة معظم زعماء دول العالم كل عشر سنوات. وقبل نحو عشرة أيام قال علماء في مراجعة جديدة شاملة لبيانات مناخية عن العقد الماضي أن ذوبان أنهار الجليد وزيادة نسب الرطوبة في الهواء وثمانية عوامل رئيسية أخري تظهر أن ارتفاع درجة حرارة الارض أمر لا يمكن إنكاره. وقال الباحثون أن كل عقد علي كوكب الأرض منذ الثمانينات كان أكثر حرارة مما سبقه وأن الكوكب يزداد حرارة طوال الأعوام الخمسين الماضية. وتؤكد المراجعة ما خلصت إليه لجنة الأممالمتحدة للتغير المناخي قبل ثلاثة أعوام حين قالت انها متأكدة بنسبة90% من أن التغير المناخي أمر واقع. وشمل التقرير الذي نشرته الادارة القومية الامريكية للمحيطات والمناخ تحت عنوان' تقرير وضع المناخ في2009 جهود303 باحثين من48 دولة وضم بيانات من العام الماضي. والعوامل العشرة الرئيسية علي ارتفاع درجة حرارة الارض كما ذكرها التقرير هي: ارتفاع درجات الحرارة علي اليابسة, و ارتفاع درجات الحرارة فوق المحيطات, وارتفاع محتوي حرارة المحيطات, وارتفاع حرارة الهواء قرب السطح( الحرارة في طبقة التروبوسفير حيث يتكون مناخ الارض), وارتفاع الرطوبة, وارتفاع الحرارة علي أسطح مياه البحار, وارتفاع مناسيب مياه البحار, وتراجع جليد البحار, وانحسار الغطاء الجليدي, وانكماش الأنهار الجليدية. ووفقا لهذه المؤشرات العشرة فإن الحياة علي الكرة الأرضية أصبحت مهددة بأنواع مختلفة من التهديدات, منها علي سبيل المثال ارتفاع مستوي سطح البحر, مما يهدد بغرق المناطق الساحلية المنخفضة, وضمن هذه المشكلة ستكون مصر من أكثر بلدان العالم التي ستتغير فيها خريطتها الجغرافية, حيث ستبتلع مياه المتوسط أجزاء كبيرة من دلتا نهر النيل والأسكندرية, مما يهدد حياة ثلاثين مليونا من السكان في هذه المناطق المعرضة لطغيان البحر عليها. من جانب آخر سيؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلي قلة مياه الأمطار وزيادة مواسم الجفاف, مما يعني أن حصة مصر من مياه النيل ستتراجع كثيرا, بينما يقدر خبراء الصحة, أن ارتفاع درجات الحرارة من شأنه نشر أنواع جديدة من البكتريا والفيروسات تؤثر علي الحياة الطبيعية وتصيب البشر بأمراض جديدة غير معروفة. وخلاصة كل هذه التقديرات أن الكرة الأرضية التي كنا نعرفها سيختلف شكلها باختلاف درجات حرارتها, ولم تعد هذه التغيرات بعيدة أو غير منظورة, فقد أثبت العلماء في بلدان شتي أن الصيف الحالي هو أكثر الأعوام حرارة منذ البدء في تسجيل درجات الحرارة بشكل يومي. وليس بعيدا عن ذلك ما حدث قبل يومين حين انفصلت جزيرة جليدية ضخمة علي بعد ألف كيلو متر من القطب الشمالي بين جرينلاند وكندا.. وهو أمر لم يحدث منذ خمسين عاما, وذلك بسبب حرارة الجو, ويقول العلماء أن حجم هذه الجزيرة يزيد علي حجم جزيرة منهاتن المقابلة لمدينة نيويورك بنحو أربعة أمثال. لكن السؤال الذي لم يجب عنه العلماء الذين كشفوا انفصال هذه الجزيرة الجليدية الضخمة, ماذا سيحدث لو ذابت هي وبعض الأنهار والجزر الجليدية الأخري وغمرت مياهها العالم؟..هل يمكن أن نشهد طوفانا كبيرا مثل طوفان نوح يغرق العالم كله أو أجزاء كبيرة منه؟.. أم ترتفع درجات الحرارة إلي درجة أن تتحول الكرة الأرضية إلي كرة لهب تحرق كل ما عليها من مظاهر الحياة؟. في كل الأحوال تبدو السيناريوهات القادمة مخيفة, وحتي وإن حاولنا التعامل معها دون مبالغة فإن علي العالم كله الانتباه إلي أن حياة البشرية أصبحت في خطر.. إما أن نعيش معا.. او نموت معا.. ولا سبيل غير التعاون لإنقاذ الأرض ومن عليها.. لأن القادم أسوأ وحياتنا جميعا في خطر. أن حياتنا جميعا أصبحت في خطر.