ركز الرئيس حسني مبارك في مشاوراته مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز أمس علي أن هناك رغبة أكيدة في التوصل إلي سلام بإطلاق مفاوضات مباشرة وذلك بعد أن أعطت لجنة المتابعة العربية الضوء الأخضر للرئيس أبو مازن للانتقال من التفاوض غير المباشر إلي التفاوض المباشر كما أكد الرئيس مبارك خلال المشاورات التي استمرت ساعة ونصف الساعة في مقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة علي ضرورة أن تكون هذه المفاوضات جادة ومستمرة وذات إطار زمني محدد ومرجعيات واضحة, كما أكد الرئيس مبارك ضرورة توفير الأجواء المواتية لإطلاق هذه العملية التفاوضية وطلب الرئيس مبارك من بيريز البدء في عدد من الإجراءات المطلوبة من إسرائيل لبناء الثقة سواء في الضفة الغربية مثل وقف الاقتحامات ورفع الحواجز وتسهيل انتقال المواطنين وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني واستحقاقات بناء الثقة المطلوبة في قطاع غزة مثل إنهاء حالة الحصار والتي تسبب معاناة لأكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني هم سكان القطاع. كما طالب الرئيس مبارك إسرائيل بضرورة أن يتوقف الجانب الإسرائيلي علي أي مواقف استفزازية تعرقل سير المفاوضات وتهدد بفشلها. وصرح السفير سليمان عواد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن استقبال الرئيس مبارك لبيريز, أمس والذي سبقته ثلاث زيارات العام الماضي جاء في إطار الجهود المستمرة لجميع الأطراف الإقليمية والدولية لإحياء عملية السلام والشروع في مفاوضات جادة تنتقل من التفاوض غير المباشر إلي التفاوض المباشر بعد تهيئة الأجواء المواتية التي تكفل نجاح هذه المفاوضات وتحقيق سلام طال انتظاره بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. وقال عواد إن مشاورات الرئيس مبارك مع بيريز التي استمرت ساعة ونصف ساعة تأتي لمتابعة الاتصالات التي أجراها الرئيس مبارك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أخيرا, ومع الرئيس الفلسطيني محمود عباس, ومع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني, والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز, والإدارة الأمريكية, وقال عواد إن الهدف من كل هذه الجهود أن تكون المفاوضات في إطار زمني محدد وفق مرجعيات سلام واضحة. وأوضح عواد أن الرئيس مبارك أجري مشاورات مع الرئيس بيريز أثناء مأدبة غداء تم خلالها استكمال التشاور حول الوضع الإقليمي فيما يتعلق بعملية السلام. وقال عواد إن الرئيس شيمون بيريز أكد للرئيس مبارك التزام اسرائيل بالسلام والتزام الائتلاف الحاكم الحالي في إسرائيل برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بالسلام وأشار عواد إلي أن الرئيس بيريز أبدي اتفاقه مع ما ذكره الرئيس مبارك بشأن الركائز الثلاث المطلوبة في الوقت الحالي. وردا علي سؤال حول ما إذا كانت المباحثات بين مبارك وبيريز قد تناولت ضرورة وقف المستوطنات, قال السفير سليمان عواد إن هذا الموضوع يدخل ضمن إجراءات بناء الثقة المطلوبة, حيث أن الاستيطان كما ذكر الرئيس مبارك مرارا وراء الأبواب المغلقة في مشاوراته مع القادة الدوليين والإقليميين, وكما ذكر علنا في خطاباته يلتهم الأراضي الفلسطينية إن الخوف الحالي والحقيقي هو الا يتبقي للشعب الفلسطيني من الاراضي ما يقيم عليه في المستقبل دولته المستقلة. وردا علي سوال حول ما إذا كانت واشنطن ستتعامل بحيادية مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي خلال المفاوضات المباشرة إذا ما تم إطلاقها, قال السفير عواد إن الرئيس الأمريكي أوباما أكد مرارا منذ توليه منصبه التزامه بعملية السلام, وأكد في رسالته إلي الرئيس مبارك إن هذا الالتزام لا حيدة عنه, ومواقف الإدارة الأمريكية داعمة للانتقال إلي التفاوض المباشر. وأشار عواد إلي تجربة مصر في التفاوض المباشر, مؤكدا إن هذا التفاوض المباشر هو الطريق الصحيح, كي يجلس أي جانبين مع بعضهما البعض ويتفاوضان حول النزاع فيما بينهما. وأوضح عواد أن هناك فارقا بين تجربة مصر في التفاوض المباشر وبين التجربة الفلسطينية, فمصر عندما دخلت التفاوض المباشر وتوصلت إلي اتفاق كامب ديفيد ثم معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية, دخلته صفا واحدا, وتحدثت بصوت واحد وراء الرئيس الراحل أنور السادات, الذي انتهج طريق السلام, ووقفت مصر معه شعبا وحكومة, إلا أن الوضع مختلف فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني, فقياداته لا تتحدث بصوت واحد بسبب الانقسام المؤسف الراهن بين السلطة والفصائل, وخاصة مع فصيل حماس, وأضاف عواد أما بشأن حيادية واشنطن فهذا متروك للزمن. وأضاف عواد أنه ينبغي علي الإدارة الأمريكية أن ترعي بحسن نية وجدية المفاوضات التي دعت إليها, وأن يأخذ هذا الالتزام الأمريكي بالسلام نهجا يثبت علي أرض الواقع أن الولاياتالمتحدة راعية للسلام بحيدة وتجرد, لأن هذا السلام طال انتظاره ولأن القيم التي تدعو إليها الولاياتالمتحدة والعالم الحر وندعو إليها جميعا, وهي القيم التي تتمثل في الحرية والحق والعدالة, ويجب أن تصل في نهاية المطاف إلي الشعب الفلسطيني. وردا علي سؤال حول ما إذا كان موقف حماس سيمثل حجر عثرة أمام انطلاق المفاوضات المباشرة, قال السفير سليمان عواد أن الانقسام المؤسف كما قال الرئيس مبارك في عدة مناسبات لا يجعل المفاوض الفلسطيني يتحدث بصوت فلسطيني واحد, ولكن إن استطاع الرئيس أبو مازن بدعم عربي وإقليمي ودولي أن يتوصل إلي اتفاق سلام, بعد مفاوضات جادة ومستمرة يستطيع أن يذهب به إلي شعبه, ويقول هذا ما استطعت أن أحصل عليه, وإن كان هذا الاتفاق محققا لاستحقاقات تمليها الشرعية الدولية تنهي الاحتلال وتقيم الدولة الفلسطينية, وأضاف عواد أن الرئيس الفلسطيني سيحظي بتأييد كاسح من شعبه الذي طالت معاناته, ولن يستطيع أحد سواء حماس أو غيرها أن يقف أمام هذا التيار الجارف المتطلع للسلام, والمتطلع لحياة كريمة في دولة فلسطينية مستقلة. وحول إذا ما كان بيريز قد طرح موعدا محددا لبدء المفاوضات المباشرة, قال عواد إنه لا يستطيع التكهن بموعد إطلاق التفاوض المباشر, مشيرا إلي أن لجنة المبادرة العربية في اجتماعها الأخير, أعطت الرئيس أبو مازن الضوء الأخضر لتحديد موعد هذا التفاوض, مشيرا إلي أن الرئيس أبو مازن له رؤيته في العناصر التي يجب أن تتوافر لخلق الأجواء المواتية لإطلاق هذه المفاوضات, موضحا أن أي نزاع بين أي طرفين دوليين لا يحل إلا بالتفاوض, والتفاوض بطبيعته مباشر, بحيث ينظر كل طرف في عين خصمه ويفاوضه بالحجة مقابل الحجة.. وأن يجري هذا التفاوض بدعم إقليمي ودولي.. وردا علي سؤال حول استمرار تمسك الجانب الفلسطيني بمطالبه بالنسبة لوقف الاستيطان الإسرائيلي, وحدود67, ووجود برنامج زمني للتفاوض, قال السفير سليمان عواد إن العرض الذي قدمه الجانب الفلسطيني خلال اجتماع لجنة المتابعة العربية منذ أيام قليلة كان عرضا موضوعيا وواضحا, ولم يصور الأمور بأكثر مما تحتمل, ولم يزعم نجاح المفاوضات غير المباشرة, وكما أن الجانب الفلسطيني لم يدخل هذه المفاوضات المباشرة بضمانات أكيدة ومكتوبة, ولكنه استند إلي خطاب تلقاه من الرئيس الأمريكي يتضمن العديد من الاجراءات المطلوبة لبناء الثقة من الجانب الإسرائيلي, كما يتضمن الإشارة علي نحو واضح وصريح إلي أن مرجعية التفاوض هي حدود67. وأشار السفير سليمان إلي أن الجانب العربي عندما أعطي الرئيس أبو مازن الضوء الأخضر في اجتماع لجنة المتابعة للمضي في المفاوضات المباشرة لم يتنازل عن الثوابت العربية لعملية السلام, بل أنه تمسك بتلك الثوابت وحددها في رسالة وجهها إلي الرئيس الأمريكي. وردا علي سؤال حول ما يتردد عن فكرة انعقاد مؤتمر دولي للسلام قال السفير سليمان عواد إن هناك العديد من الأطروحات, فمازال المؤتمر الذي دعت إليه روسيا مطروحا, وقد أكدت روسيا حرصها علي استضافته عند وصول التفاوض المباشر إلي محطة أساسية تشهد اختراقا, خاصا في موضوع الحدود, كما نعتقد أن هناك أيضا حديثا مع الرئيس الفرنسي باعتباره والرئيس مبارك رئيسين للاتحاد من أجل المتوسط لعقد قمة في الخريف المقبل وهناك العديد من الأفكار في هذا الإطار, ولكن ليس المهم هو عقد هذا المؤتمر أو ذاك, وإنما المهم أن يثبت الجانب الإسرائيلي حسن النية في إطلاق المفاوضات المباشرة وفق إطار زمني محدد, حتي لا تتم المفاوضات بغرض التفاوض ولكن بهدف الوصول إلي اتفاق سلام, وفي إطار زمني محدد لا يجعل من التفاوض عملية بلا نهاية, مشيرا إلي أن التزام الجانب الأمريكي بالرعاية الكاملة لعملية السلام وتذليل ما يعترضها من عقبات هو الآن علي المحك. وحول الدور المصري المطلوب في عملية المفاوضات المباشرة أكد عواد أن الدور المصري دور رئيسي, بل هو الدور الرئيسي, وأن مصر تمد يدها دائما كلما تعرضت عملية السلام لانتكاسة. وكانت المباحثات بين الرئيس مبارك وبيريز قد بدأت بجلسة مباحثات ثنائية, أعقبتها جلسة مباحثات موسعة حضرها من الجانب المصري أحمد أبو الغيط وزير الخارجية, والوزير عمر سليمان, ومن الجانب الإسرائيلي اسحاق ليفانون سفير إسرائيل لدي القاهرة, كما امتدت المباحثات علي غداء عمل حضره أعضاء الوفدين.