قال الكاتب الأمريكي دويل مكمانوس إن أمريكا في الطريق لشن حربها الثالثة على العراق في غضون 24 عاما, ولكن هذه الحرب ستحكمها قواعد مختلفة. ونوّه مكمانوس - في مقال نشرته صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" - عن استراتيجية "التدخل الخفيف" التي أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما الشهر الماضي عن انتهاجها في قتال الجماعات الإرهابية في العالم الإسلامي, وهي استراتيجية تعتمد على دعم قوات محلية بدلا من تدخل قوات أمريكية بشكل مباشر. ورجح الكاتب أن أوباما إنما كان يقصد إبان هذا الإعلان دولا مثل اليمن والصومال وليبيا ومالي وسوريا.. دون العراق التي لم يكد يشر إليها آنذاك.. لكن زحْف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) باغت استرتيجية أوباما باختبار حقيقي. وتساءل مكمانوس عن سبب إرسال أوباما قوات أمريكية إلى العراق, وهو الذي استعان للوصول للبيت الأبيض بالتعهد بسحب القوات الأمريكية من العراق. ورصد الكاتب تركيز أوباما في تبرير قراره على خطر الإرهاب الذي يمثله تنظيم داعش والتخوف من تنفيذه هجمات ضد المصالح الأمريكية حال تمكنه من المنطقة, بالإضافة إلى التخوف من أثر الاضطراب التي قد تحدثه الحرب الأهلية في أكثر مناطق العالم إنتاجا للنفط. واستنتج مكمانوس من ذلك أن استراتيجية أوباما على صعيد السياسة الخارجية, إن وُجدت, هي: "لا مزيد من التدخل العسكري واسع النطاق, باستثناء ما إذا تعلق الأمر بالإرهاب". ودللّ صاحب المقال على صحة استنتاجه بالإشارة إلى أن أوباما, الذي انسحب من كل من العراق وأفغانستان ورفض اقتراحات باستخدام القوة العسكرية ضد نظام بشار الأسد في سوريا, لا يتردد في مهاجمة إرهابيين لهم تاريخ من الهجمات ضد مواطنين أمريكيين, سواء كان ذلك في باكستان أو اليمن أو الصومال.. ورصد مكمانوس تأهب أوباما ومساعديه لتوجيه هجمات جوية أمريكية محتملة ضد داعش في العراق, وفي سوريا أيضا. ورأى مكمانوس أن مثل هذه الضربات الجوية الأمريكية ستعود بأثر إيجابي على الحرب الأهلية المشتعلة في سوريا; إذ ستُضعِف داعش مقابل ظهور قوات المعتدلين من المعارضة السورية المسلحة. وكان أوباما حذر الأسبوع الماضي من مغبة إرساء داعش قواعد دويلة متطرفة على الحدود بين العراقوسوريا, وأن هذه الدويلة ستمثل تهديدا للمواطنين الأمريكيين بالخارج وربما يصل الأمر إلى تهديد الأراضي الأمريكية وحينئذ فإن داعش تضفي الشرعية بنفسها على توجيه أمريكا ضربات جوية ضد قواعدها. من جهة أخرى, رصد مكمانوس تخوف مسؤولين أمريكيين من توجه مئات الأجانب بعضهم حاملين جوازات سفر أمريكية صوب الشرق الأوسط ليتلقوا تدريبات على يد مسلحي داعش.. ورصد الكاتب كذلك إجفال معظم الأمريكيين من فكرة إرسال قوات أمريكية مرة أخرى إلى العراق. ولفت في هذا الصدد إلى تعهد أوباما بأن يختلف الأمر في هذه الحرب فلن تتواجد قوات أمريكية على الساحة العراقية; إذ أن أهداف الرئيس أوباما لا تتضمن سطوع نجم الديمقراطية العربية على غرار سابقه جورج بوش الابن, ولا هي تتضمن كذلك استقرارا مثاليا للعراق على نحو ما تمنى هو نفسه من قبل. وكان أوباما تحدث يوم الجمعة الماضي عن اليمن كنموذج يمكن احتذاؤه في حرب العراق المقبلة, حيث لم تستخدم أمريكا قوات قتالية على الأرض وإنما اعتمدت على نحو 108 هجمات جوية منذ عام 2009. واستبعد مكمانوس في ختام مقاله أن تثمر استراتيجية أوباما نتيجة واضحة المعالم حتى لو نجحت، وهو احتمال بعيد .